بغياب النص الجيد لا يمكن للعمل الدرامي أن ينجح … عمار تميم لـ «الوطن» تعدد الجنسيات في العمل مهم ونحن من يجب أن يسعى إليه اليوم
| سناء أسعد
النجاح لا يأتي عن عبث ولا يمكن أن نحققه عن طريق المصادفة بل هو ثمرة ذلك المجهود الكبير الذي قمنا به وتلك المصاعب التي ذللناها، ونحن في طريقنا للوصول إليه، هو ثمرة صبرنا وإصرارنا ليبقى الأمل بتحقيقه في صحوة أبدية.
إصرارنا ليس على النجاح فقط بل على الإنجاز دائماً لنكن متفوقين في كل محطة نتوقف فيها من محطات حياتنا، نترك بصمتنا الخاصة وننتقل إلى أخرى قد لا نكون انتظرناها ولكن حتماً هي كانت جاهزة لاستقبالنا لنتوجها بنجاح آخر وبطعم مختلف.. وهناك أشخاص لا نستطيع أن نتجاهل إصرارهم على النجاح وإصرارهم على الاستمرار في الطموح وإن كان هناك حدود لطموحهم.
والمخرج عمار تميم لنجاحه حكاية يختصرها مشوار طويل من الجهد والتعب، حكاية طموح بدأ بها في عالم الدراما كعامل ديكور لنراه اليوم يقف وراء كاميرا الإخراج مع نجوم وممثلين كبار.. لا يحلم أن يكون الأهم ولكنه يطمح لأن يترك بصمة خاصة في عالم الإخراج وأن يقدم أفضل ما لديه، أصدقاؤه يصفونه بالمحب والطيب الذي يسعى لأن يكون النجاح من نصيب الجميع ليعود الألق إلى الدراما السورية ولتعود أهم وأفضل مما كانت عليه سابقاً.
«الوطن» التقت المخرج عمار تميم أثناء تصويره المشاهد الأخيرة من مسلسل نبض في مدينة اللاذقية وكان لنا معه هذا الحوار:
في البداية حدثنا عن النقلات النوعية التي حققتها في حياتك المهنية، وهل كانت مجرد مصادفة أم إنك خططت لها مسبقاً؟
بدأت حياتي المهنية كعامل ديكور ومنفذ إكسسوار ومن ثم مشرف ملابس وانتقلت بعدها لأعمل سكريبت ومساعد مخرج حتى وصلت اليوم إلى الإخراج، ونجاحي في أي مرحلة وفي كل نقلة لم يتحقق بطريق المصادفة أبداً.. بل كنت أعمل بإخلاص وتفان وأحب كل ما أقوم به من دون تذمر وأطمح لتقديم الأفضل دائماً.. ليس هناك إنسان لا يطمح، الطموح هو الذي يمنح مسيرة حياتنا نكهة خاصة ومميزة وكل ما علينا أن نستغل الفرصة عندما تأتينا ونجتهد لاستثمارها بالطريقة المثلى فأنا كنت أخطط لأنتقل من مرحلة لأخرى وكل ما وصلت لمرحلة أطمح لتحقيق شيء أكبر.
هل تعتبر كل نقلة حققتها إنجازاً بحد ذاته؟
بالتأكيد.. لأن كل من يحب مهنته لابد أنه سيرى كل ما يحققه فيها إنجازاً كبيراً ويفرح فيه.. فكل إنجاز هو في النهاية ثمرة لمشوار طويل من الجهد والتعب والمثابرة..
هل تسعى لأن يكون لك بصمة خاصة كمخرج أو أن تكون الأهم في عالم الإخراج؟
من الجميل أن يمارس المرء مهنة يحبها ولكن الأجمل من ذلك أن يسعى ليترك بصمته الخاصة فيها وأنا لا أطمح لأكون الأهم.. ولكن بالتأكيد لدي طموح بأن أترك بصمة خاصة في عالم الإخراج، يمكن القول إنني شخص طموح ولكن هناك حدود لطموحي وأنا من الأشخاص الذين لا يتكلمون كثيراً عن طموحهم.
كيف ينظر عمار تميم إلى الدراما السورية؟ وهل ترى أنها دراما هادفة بما تقدمه؟
الدراما السورية دراما هادفة وهي من أهم الدرامات ولولا محاربتها من المحطات العربية والأزمات الكثيرة التي مرت بها سواء أكانت أزمة التسويق أو أزمة الممثلين وغيرها من الأزمات الكثيرة لكنا اليوم بمرحلة متقدمة جدا، ولكنها حتماً ستعود أفضل مما كانت عليه وقد بدأنا الآن نؤسس لمرحلة جديدة ستكون أهم بكثير من التي قبلها.
برأيك هل تعاني الدراما السورية أزمة غياب النصوص القيمة؟
هناك نصوص قيمة ولكن كلفة إنتاجها غالية جداً وهذا الأمر يجعل المنتج يفضل العمل الخفيف الذي يقدر عليه مادياً والذي يضمن تسويقه لكي يعود له رأس المال بأرباح مقبولة، فالمنتج في النهاية يعمل في هذه المهنة ليحقق أرباحاً من خلال الأموال التي ينفقها. ولا يوجد إنسان يغامر بمبالغ مالية إلا ليكون هناك مشروع تجاري يعود عليه بالربح وهذا ليس حال المنتج فقط فأي شخص لا يمكن أن يقدم بالأساس على ممارسة أي مهنة إذا لم يحصل على مقابل مادي.
يعني أنتم تفضلون إنتاج العمل الذي يحقق أرباحاً ولو لم يكن النص قيما؟
لا، أبداً أنا لم أقصد ذلك.. القصد أن هناك نصوصاً قيمة كثيرة ولكن تكاليفها باهظة جداً وهناك نصوص قيمة تكاليفها أخف وبالطبع هناك فرق بين نص جميل وقصته محبوكة وفيه شيء غريب وبين نص آخر كله غريب من الألف إلى الياء ويجذب المشاهدين ويشدهم بقوة لمتابعته، هذه هي الفكرة التي أردت قولها من خلال طرح سؤالك.
فليست جميع الأعمال التي تكلفتها خفيفة نصوصها تافهة، وطبعا لا يخلو الأمر، لكن هذا الموضوع لن يستمر وسيتم العمل على إيقاف نصوص كهذه بشكل كامل.
ماذا يؤثر غياب النص الدرامي الجيد في نجاح العمل الدرامي؟
النص الدرامي هو عكازة العمل وبغياب النص الجيد لا يمكن للعمل الدرامي أن ينجح مهما جهد المخرج والمنتج والممثلين.. وأهمية النص لا تأتي من أهمية الكاتب بل من أهمية الأفكار المطروحة فيه، فقد يكون نص العمل لكاتب مبتدئ لكن فكرته أهم بكثير من نصوص لكتاب كبار
لذلك فكل من يريد أن يقدم عملا دراميا مهما لابد أن يكون بين يديه نص درامي جيد.
وجود نجوم من الصف الأول من شأنه أن يجذب المشاهدين لمتابعته ولو كان النص لا قيمة له، ما رأيك أنت بهذه النظرة؟
بالتأكيد ليست صحيحة.. وجود نجوم من الصف الأول من شأنه أن يجذب المشاهدين لكن بوجود نص جيد.. أما لو كان هناك عدد كبير من نجوم الصف الأول والعمل تافه بالتأكيد لن يتابعه أحد وهناك أعمال لا أريد أن أذكر اسمها، فيها نجوم كبار من مصر وسورية ولكن العمل لم يتابع لأنه تافه. لكل مشاهد نجم يحبه ولكل نجم «فانز» يتابعونه ويتشوقون لرؤية جديدة دائماً.. ولكن لا المحبة وحدها تكفي ولا النجومية أيضاً تكفي لصنع جمهور من المتابعين لعمل مبتذل ولا يحمل أي رسالة هادفة.
ماذا تحدثنا عن مسلسل نبض؟ وما الرسالة التي ترغبون في إيصالها من خلاله؟
نبض يحكي قصة حب بين فتاة وشاب ابنين لعائلتين كبيرتين وتوجد مشاكل بينهما منذ زمن.. هذه المشاكل تؤثر في العلاقة بين العاشقين ويدفعان ثمن حبهما بسبب هذا الصراع.. هو صراع بين الخير والشر.
وهناك أكثر من رسالة هادفة ضمن العمل ومن المواضيع التي يطرحها موضوع تبني الأولاد وكيف يمكن لأم أن تعطي كامل حنانها لأطفال ليسوا من صلبها وبين أم لا تستطيع أن تعطي أطفالها أي شيء من مشاعر الدفء والحنان والمسلسل من بطولة عبد المنعم عمايري، ضحى الدبس ولينا حوارنة، وفاء موصلي وجرجس جبارة وسعد حمدان من لبنان وروعة ياسين، رواد عليو وعامر علي، أريج خضور، علي عهد إبراهيم، سماح السنكري من تونس وموني بوعلام من الجزائر وسفيرة النوايا الحسنة الفلسطينية.
برأيك هل العمل الذي يضم جنسيات متعددة يحمل طابعاً مميزاً ويمكن أن يتابع أكثر من غيره؟
في الدول العربية أي ممثل في بلده لديه «فانز» أكبر من بلد ثان وفي مسلسل نبض معنا ممثلة من الجزائر ليست معروفة في سورية ولكنها معروفة في بلدها ولديها «فانز» كبير وفي تونس الشيء نفسه وفي لبنان وفلسطين.
برأيي أننا اليوم نحن من يجب أن يسعى وراء هذا التعدد أولاً لهدف أن يحقق العمل نجاحاً وانتشاراً بشكل أكبر والهدف الأهم وإذا لاحظت أن العمل يتمثل في سورية وليس في لبنان أو بلد آخر والفكرة أن هذا الممثل سينقل صورة صحيحة عن بلدنا أمام الصحافة والإعلام وتساهم في دحض كل الأكاذيب والأفكار المغلوطة التي يتم تداولها في الخارج.
فالمسألة لا تتعلق بموضوع النص والعمل الدرامي فقط وإنما بالموضوع السياسي أيضاً.. تعدد الجنسيات في عمل كهذا له تأثير كبير جداً ولاسيما في وضع الأزمة التي مررنا بها هناك ممثلون من الجزائر وتونس عند وصولهم إلى البلد كانوا خائفين ولكن سرعان ما اختفى هذا الشعور عندما شاهدوا حقيقة الوضع وكيف أن الحياة تجري بشكل طبيعي في البلد، قبل أن يأتوا سألوني إذا كانوا سيحضرون طعامهم وشرابهم معهم وإذا كان لدينا محال تبيع الألبسة وعندما سافروا إلى بلدهم أخذوا معهم كل شيء من هنا.
برأيك نجاح الممثل وإتقانه لدوره هل يعود إلى خبراته المتراكمة أم لعشقه وإخلاصه لمهنته؟
بالطبع عشقه لمهنته، أي إنسان مهما بقي في مهنته إذا لم يحبها لا يمكن أن ينتج فيه أي شيء زيادة.. أي عامل في هذه المهنة لا ينتج ولا يتطور أبداً إذا لم يكن بينه وبين مهنته علاقة عشق كبيرة ومن ثم تضاف إليها الخبرة لتمكنها وتمنحها لمسة خاصة ومميزة.
ما الأعمال الدرامية التي تابعتها في الموسم الرمضاني الفائت وما رأيك بها؟
تابعت فوضى ومذكرات عشيقة سابقة جذباني وتمكنت من حضور بعض الحلقات وتابعت أيضاً مسلسل «طريق» مسلسل جميل، أحببت الكاركتر الذي ظهر فيه عابد فهد رأيته بشيء غير متوقع فقد خرج من شخصية علمت في ذهن المشاهد بشكل كبير في مسلسل ولادة من الخاصرة ليظهر بشخصية مختلفة كليا وعلمت في ذهن المشاهد بشكل أكبر هذا الأمر ليس بالسهل ومن الصعب جداً على الممثل أن يخرج من شخصية مثلها ورسخها في ذهن المشاهد لينسيه إياها بشخصية أهم منها بكثير.
برأيك هل يميل المشاهد لمتابعة المسلسلات التي تحكي عن قصص الأزمة أو قصص الحب؟
لو عرضنا آلاف المسلسلات عن موضوع الأزمة لا يمل المشاهد منها ولكن نحن نحاول أن نبعده عن موضوع الأزمة قدر الإمكان لينسى المشاهد ما عاشه وأنا أفضل قصة الحب الاجتماعية.
هل تؤيد فكرة الأجزاء المتعددة للمسلسل؟
مع الجزء الثاني إذا كان العمل يتطلب ذلك ومن شأنه أن يخدم الفكرة، وإذا كان بالأساس مكتوباً ليكون جزأين ولكنني لست مع الأجزاء المتعددة لمجرد أن الناس أحبوا العمل أو لمجرد فكرة التسويق أنا تابعت بعض حلقات مسلسل الهيبة الجزء الأول لكنني لم أتابع الجزء الثاني.
برأيي ليس من المقبول أن يكون العمل مكتوباً ثلاثين حلقة وقفل العمل ومن ثم نقرر أن نمثل أجزاء أخرى له فقط لأننا رأينا أن المشاهد أحب العمل وتم التسويق له.
هل هناك ممثل معجب بأدائه ولم تعمل معه حتى اللحظة؟
ليس هناك ممثلون سوريون فعلاً أعجبت بأدائهم ولم أشتغل معهم ولكن خارج الدراما هناك نجم معجب به جداً وأطمح للعمل معه لن أذكر اسمه الآن فقد يحتاج الأمر وقتاً طويلاً لينجح وإذا لم ينجح يكفيني حينها أنني اشتغلت لأجل طموحي.
هل ترى أن الدراما يجب أن تكون تجسيداً للواقع؟
ليس دائماً، فإذا كنا نعمل في السنة ثلاثين عملاً ليكن منها عشرون عملاً ضمن الواقع وعشرة خارج الواقع، بحيث يكون هناك تشكيل في النوعية وبالمادة المقدمة للمشاهد.. ما من أحد منا إلا ويميل أن يخرج لو قليلاً من الواقع الذي يعيش فيه ليسافر بخياله وأحلامه إلى حيث يرتاح وليس هناك ما يمنع أن تكون محطة راحته هذه هي عمل درامي يشاهده.
هل ترى أن هناك أعمالاً درامية تبالغ في عرض قباحة المجتمع وليكن مسلسل صرخة روح مثالاً؟
ليس هناك مبالغة على الرغم من أن هذه الأعمال تواجه انتقادات كبيرة وأنا من بين الذين اشتغلوا في الأجزاء الأولى من مسلسل صرخة روح وبرأيي طرح المشكلة كان لطيفاً جداً مقارنة مع المشكلة الحقيقية.. وهناك مشاكل تحصل في الواقع أفظع بكثير مما يعرض على الشاشة. يمكن أن تكون المشاهد قاسية وليست نظيفة للأطفال ولكن نحن نعتمد في العمل الدرامي على التوعية وليس القصد منها تشجيع الناس على ارتكاب الأعمال السيئة أو الترويج لها.
يجب ألا ننسى أن هناك قفلة لكل عمل وكل شرير في النهاية ينال عقابه وهذا شيء يجب أن يقدره المشاهد.
هل يمكن أن تضمنوا تسويق العمل قبل الانتهاء منه؟
لا توجد شركة يمكن أن تضمن تسويق مسلسل تقوم بتصويره.. فأي محطة لا تشتري العمل قبل أن ترى المادة وبرومو المسلسل وتشاهد حلقتين جاهزتين على الأقل وتقرر بعدها إذا كانت تريد العمل أو لا وهذا الأمر يمكن أن نعتبره مخاطرة وليس مخاطرة بنفس الوقت فهناك أعمال درامية كثيرة أنجزت ولكن للأسف لم يتسوق لها حتى اللحظة نتيجة أزمة التسويق التي نعانيها كما ذكرت لك سابقاً ولكن من يمارس هذه المهنة منذ وقت طويل لا يمكن أن يتوقف لمجرد أنه لا يضمن تسويق هذا العمل أو ذاك.
من قدوة عمار تميم في عالم الدراما؟ ولمن يوجه شكره اليوم؟
كل إنسان يعمل ليطور نفسه هو قدوتي وكل مخرج ناجح وطموح، ومن أريد ذكره بالاسم كقدوة ومن أشكره اليوم هو الأستاذ ناجي طعمة فهو من دعمني وساعدني للوصل إلى هنا.