ثقافة وفن

«ترجمان الأشواق» في طريقه إلى العرض …  الريس: توضيح بعض رسائل العمل الأساسية وجوهره الساعي لمستقبل أكثر إنصافاً للإنسان السوري

انتهى فريق إخراج مسلسل «ترجمان الأشواق» من استكمال كتابة وتصوير التعديلات الجديدة التي أعدها الكاتب بشار عباس والمخرج محمد عبد العزيز، وأضيف عدد من المشاهد إلى العمل ليكون مناسباً للعرض قريباً، حيث تستكمل العمليات الفنية من مونتاج وتصحيح لوني ومكساج بما يكفل تقديم عمل أكثر تميزاً فنياً وفكرياً وفقاً لما ذكرته المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني عبر صحفتها على الفيسبوك.
وقال مدير المؤسسة زياد الريس في تصريح صحفي إنه بعد عدة اجتماعات مع كل من الكاتب والمخرج تم الاتفاق على إضافة عدد من المشاهد إلى العمل لتوضيح بعض رسائله الأساسية وجوهره الساعي لمستقبل أكثر إنصافاً للإنسان السوري بعد ما تعرض له الوطن من حرب إرهابية شرسة.
وأضاف: «نسعى ليأخذ المسلسل حظوظه وفرصته الصحيحة بالعرض قريباً بعد أن تستكمل العمليات الفنية.

ويؤدي أدوار البطولة كل من عباس النوري وغسان مسعود وفايز قزق وثناء دبسي وسلمى المصري وشكران مرتجى وعلي صطوف ورنا ريشة ونوار يوسف وسعد مينة وحسام تحسين بيك وعدنان عبد الجليل وغسان عزب وكنان حميدان وريمي سرميني ومروة الأطرش وأميمة يوسف وولاء عزام، إضافة إلى ضيوف الشرف رامز عطا اللـه وعبد الرحمن أبو القاسم وميرنا معلولي وتيم مصطفى ويوسف مقبل وفؤاد وكيل وريم عبد العزيز وفاضل وفائي واسكندر عزيز وقمر مرتضى.
ويتناول العمل رحلة مغترب سوري في بحثه عن ابنته المختطفة خلال الحرب على سورية ما يشكل رحلة بحث عن الذات والمستقبل في تقاطعات درامية متعددة ترصد حقباً زمنية متنوعة والتبدلات التي رافقتها اجتماعياً وفكرياً.

عنصر التشويق
وأشار مخرج العمل محمد عبد العزيز في وقت سابق إلى أن عنصر التشويق في العمل يعتمد على رحلة البحث نحو واقع جديد مملوء بدلالاته كافة، لافتاً إلى أن العمل يلامس كل أطياف المجتمع ويتناول الواقع الحالي بكل مستوياته بعيداً عن التزييف، ويستعرض جانباً من هموم الناس ومعاناتهم خلال سنوات الحرب عن طريق إعادة صياغة الواقع بمفاهيم درامية فنية جديدة.
وذكر أن العمل اجتماعي معاصر نسابق فيه لالتقاط اللحظة الراهنة، ولنؤكد من خلاله العودة إلى الجذور والأصالة، وأنه من الممكن للسوريين بعد هذه الحرب الطاحنة والفروقات أن يلتقوا في نقطة ما، نذهب إلى دراما مدنية تنويرية باتجاه الشارع السوري، قريبة من الناس تعكس الجرح العميق. وتابع: أعتقد أن هذا النوع من الدراما يسلّط الضوء لتقريب الوجع واللقاء من جديد، ومحاولة إعادة المهاجرين إلى جذورهم وأرضهم.
ونوه عبد العزيز بمناخ الإنتاج الجيد الذي تم توفيره لكي يخرج «ترجمان الأشواق» برؤية جيدة، موضحاً أنه رغم كونه التجربة الأولى له في الإخراج التلفزيوني بعد عدة أفلام سينمائية لكنه لم يشعر بفرق كبير بين الإخراجين التلفزيوني والسينمائي ولاسيما أن تعامله مع نجوم لهم باع طويل في مجال الدراما فتح باب التشاركية الحقيقية وتحليل النص والشخصية بأدق تفاصيلها مع منحهم المساحة الكبيرة ما أعطى العمل نكهة مميزة.

وحدة الموضوع
بدوره كشف السيناريست بشار عباس في تصريحه خلال مؤتمر صحفي سابق أن النص بمراحله الأولى كان فيلماً طويلاً، وكان التحدي الأكبر تحويله إلى عمل درامي من 30 حلقة، وقد اختير للشخصيات الرئيسة أن تكون في أواخر عقدها الخامس لأننا نريد تحميل هذا الجيل مسؤولية إعادة المخطوف والإعمار ورأب صدوع العائلة والمجتمع.
وأضاف إن القصة تقول لهذا الجيل: «أمامك دور أخطر مما تظن.. ولا وقت للتقاعد».
ولفت إلى أن وحدة الموضوع هي أساس نجاح أي عمل فني ورغم وجود عدة مواضيع وشخصيات متنوعة في المسلسل إلا أن الرابط بينها كان البحث عن الشخصية السورية والتعبير عنها.
وحول اختيار اسم ديوان شهير لمحيي الدين ابن عربي عنواناً للعمل؛ أوضح أن العنوان يحمل مقاربة روحية لهوية المنطقة وطبيعة شعبها. كما أن الخطاب الفكري والديني لابن عربي يتجاوز شرعة حقوق الإنسان بقرون.

الشخصيات الرئيسية الثلاث
يجسد عباس النوري شخصية «نجيب» وهو مؤلف ومترجم في منتصف الخمسينيات، يعيش في بلد أجنبي منذ أكثر من عشرين عاماً، حياته هادئة ومستقرة، يمضي معظم وقته في مدينته الهادئة، العالم مستقر لديه وبعيد تماماً عن كل الظروف، وسنة بعد سنة استقر هناك وانقطعت علاقته تماماً بزوجته التي طلبت الانفصال قبل أن يسافر، ويحافظ على علاقة واهية مع أمه وأخته وكذلك مع ابنته التي لم يرها منذ كانت في الرابعة من العمر.
لديه علاقة في بلاد المهجر مع امرأة مولودة لأب سوري وأم أجنبية، وهكذا تمضي أيامه في هدوء، أما الحرب فلا تصله إلا من الأخبار، والتي أصلاً لا يتابعها كثيراً، ويكفيه اتصال بأهله أو ابنته كل بضعة أشهر، أو مبلغ من المال يرسله من فترة لأخرى كي يسكت صوت ضميره.
تبدأ القصة باتصال يخبره أن ابنته الوحيدة تعرضت للخطف، وليس ثمة معلومات إضافية عن ذلك، فيجد نفسه دفعة واحدة أمام مسؤولياته فيعود إلى دمشق.
فور وصوله تعود علاقته بصديقيه القديمين، رفاقه أيام العمل السياسي، «الدكتور زهير» الذي ابتعد عن اليسار وصار متديناً، و«كمال» الذي يمتلك مكتبة في مركز المدينة ورثها عن أبيه.
«نجيب» الذي عاد للعثور على ابنته سوف يعثر على نفسه في الطريق إلى ذلك، وخلال رحلة بحثه يكتشف صديقيه ويكتشف أسرته، أتى ليبحث عن ابنته فوجد نفسه متجمداً في العمر الذي غادر به، ويعثر كذلك على ما لم يكن في الحسبان، على ماضيه ومدينته، والأغرب أنه يعثر على الحب المؤجل منذ أن غادر.
ويجسد فايز قزق شخصية «كمال» اليساري الذي ما زال وفياً لمبادئه وقناعاته، لكن موجة التغيير لطمته إلى ما لا يشتهي، وإذا به يبحث اليوم عن قيمٍ تتساقط أمامه، ولا يملك أن يفعل لها شيئاً.
وهو ثالث الأصدقاء الذين التأم شملهم بعد سنواتٍ من الفراق، بعودة «نجيب» للبحث عن ابنته المفقودة وسط ظروف الحرب التي تعصف بسورية، على حين يبحث «زهير» عن السلام، ساعياً لأن يكون جسر لقاء بين السوريين.
في حياة «كمال» امرأتان، «وصال» الزوجة والصديقة، والراقصة «شالميار» الحبيبة التي تبحث عن مكانٍ لنفسها في عالمه الذي يعاني من اختلال التوازن، وأب مصاب بالزهايمر، وثلاثة أبناء.
أما غسان مسعود فيقدم شخصية «زهير» الناشط اليساري السابق، الذي تحول إلى التصوف، ويخوض خلال الحرب تجربة خاصة يحاول من خلالها أن يخلق جسراً للتلاقي بين السوريين، بحثاً عن السلام، إيماناً منه بفعالية الحب في حل أعقد المشكلات.
وهو واحد من ثلاثة أصدقاء يساريين، افترقوا قبل سنواتٍ طويلة، والتم شملهم بعد اندلاع الحرب على سورية.

إطلالة جديدة
وتشارك شكران مرتجى في العمل بشخصية «وصال» زوجة «كمال»، حيث تعمل في توثيق وترميم المخطوطات الأثرية، المهنة التي لم يتم التطرق لها من قبل في الدراما السورية، وتعيش صراعاً قاسياً مع مرض السرطان، وسنشاهد عبر حلقات العمل ما طرأ من تغييرات على علاقتها مع أسرتها، والعلاقة الخاصة الني تربطها بوالد زوجها المصاب بالزهايمر.
مرتجى ستظهر بإطلالة جديدة إذ ارتأت بالتشاور مع المخرج ضرورة قص شعرها لكون «وصال» مريضة سرطان، وأهدت هذا الدور إلى روح الراحل نضال سيجري قائلةً: «عندما قرأت النص لم يخطر في ذهني إلا وجهه»، كما أعربت عن سعادتها بتعاونها الأول مع محمد عبد العزيز واصفة إياه بالمخرج الذي يعمل بصمت لكن نجاحه مدو.
شكران بدت سعيدةً أيضاً بالعودة للتمثيل أمام أستاذيها في المعهد العالي للفنون المسرحية غسان مسعود وفايز قزق، وقالت إنها لا تزال تشعر بالخجل والارتباك أمامهم، معربةً عن تقديرها الكبير لعباس النوري الذي يحظى بمكانةٍ خاصة لديها على الصعيدين الشخصي والفني، والفنان حسام تحسين بيك الذي طبع ما وصفته «المرحلة الذهبية» في مشوارها الفني بالابتسامة.

شخصية محورية
أما الفنانة الكبيرة ثناء دبسي فتجسد شخصية محورية، إذ تؤدي دور الجدة «جميلة» التي تمسك زمام أمور المنزل، وتقوم بتحريك الأحداث الشائقة التي تتناول ضمن خطوطها الاجتماعية تبعات الأزمة على مجمل المناحي الحياتية، لتتابع مستجدات حادثة خفية تتعلّق بحفيدتها المرتبطة بشكل مباشر بالأحداث.
«جميلة» شخصية متوازنة ومقاومة وقوية تخفي ضعفها وحزنها، فهي في دلالتها البعيدة رمز لسورية التي تنهض من احتراقها وتصر على الانتصار، وترتبط بشكل فعّال مع ابنها صاحب الشخصية الإشكالية.

| وائل العدس

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن