رياضة

كرتنا تحتاج إلى دماء جديدة باللاعبين … مدربونا مظلومون ونفتقد آليات التطوير

حتى نهاية الأسبوع الثامن غيّرت ستة أندية مدربيها، وإذا أضفنا تدعيم نادي الوحدة لجهازه الفني بالمدرب فجر إبراهيم، فهذا يعني أن نصف أندية الدوري الممتاز غير مستقرة فنياً.
والمشكلة الرئيسة التي تعترض أنديتنا أنها تبحث عن مدرب نتائج لا مدرب تطوير، وكأن المدرب ساحر بإشارة من إصبعيه يسجل هدفاً ويحرز نقاطاً، لذلك يدفع المدربون ثمن العقلية التي تدير كرتنا في الأندية وهي بعيدة كل البعد عن الثقافة الكروية المطلوبة.
سابقاً قالوا عن مدربينا والدوري، إن مدربينا عندما يتعاقدون مع الأندية يبقون حقيبتهم الشخصية خلف الباب وكما هي، وفي ذلك دلالة على عدم الاستقرار والرحيل بأي وقت.
القائمون على أنديتنا نسوا أو تناسوا أنهم يعيشون السنوات العجاف في كرتنا، فلا لاعبون متميزون، ولا مدربون مؤهلون لخوض غمار الدوري الممتاز، والنادي الذي يصرف مدربه بالكاد يجد البديل المناسب.

الفرصة المناسبة

أجد أنه من المنطق اغتنام الفرصة بإنتاج جيل كروي جديد وضخ دماء جديدة في الدوري بكل درجاته، والمشكلة نعرفها جميعاً وتتلخص بالأزمة التي قضت على جيل كروي أو أكثر بأكمله، ولولا لاعبونا الدوليون المحترفون لما كسبنا منتخباً جيداً حاز الاحترام.
الدوري بسبب الهجرة صار مملوءاً باللاعبين المخضرمين من كبار السن الذين أكل عليهم الزمن وشرب وقليل من اللاعبين الذين عليهم الضوء وتتنازع عليهم الأندية، والصغار كانوا طي النسيان وبدأت الأندية بفرض من اتحاد الكرة الاهتمام بهم وبالقواعد.
الفرصة اليوم مناسبة لوضع إستراتيجية طويلة الأمد عبر بناء فرق قاعدية تكون المعين الجيد للنادي بعد سنوات.
كل الأندية باتت تتسابق على بطولة الدوري وبعضها لا يملك مقومات البطولة، وكما هو معلوم فإن البطل واحد، ومن يحتل الوصيف مثله مثل أي فريق بالدوري لم يهبط إلى الدرجة الأدنى.
وأمام هذه الثقافة البالية نجد أن أنديتنا تدور في حلقة مفرغة، فما كسبت بطولة الدوري، وما رعت فريقاً يكسبها البطولة بعد سنوات.
وأمام هذه المعادلة يقع مدربونا ضحية غياب الإستراتيجية، فكيف لمدرب أن يحقق نتائج ولديه نصف فريق فقط؟ وعلى هذا فقس.
المدرب الذي يحقق النتائج نضعه على الرأس ومع توالي النتائج السلبية سيركل هذا المدرب خارج النادي، وهذا من مساوئ إدارتنا لكرة القدم.
وعلى سبيل المثال فإن مدرب فريق تشرين مرضي عنه لأنه في مواقع الصدارة، ومتى بدأ الفريق العد التنازلي فسيطير المدرب، كقاعدة موجودة في هذا النادي.
وبدأ البعض يتكلم عن فراس معسعس مدرب الساحل، وما كان أبناء الساحل يحلمون بما حققه المعسعس حتى الآن ومثله مدرب المجد وغيرهم. بالمحصلة هي ثقافة، ولابد من تغييرها، وآن الأوان للحديث عن إستراتيجية تبدأ بالبناء الصحيح وصولاً إلى المستوى الجيد والبطولات المطلوبة بغض النظر عن النتائج المحققة.

مثال إيجابي

فريق الشرطة مثال مناسب لنوصل الفكرة بتمامها قد يصل الشرطة إلى صدارة الترتيب، لكن ليس شرطاً أن يفوز ببطولة الدوري وهذا ليس مهماً الآن.
أمام الزحمة على سوق اللاعبين والأرقام الكبيرة التي تدفعها الأندية القادرة على دفع الملايين (وكله هدر للمال) رأت إدارة الشرطة أن فريقها الشاب الذي دربه باسم ملاح واعتنى به وقدم الموسم الماضي أداء جيداً أن أغلب لاعبيه يصلحون للعب بالفريق الأول فضمت أغلبهم وأشركتهم في المباريات إلى جانب بعض المخضرمين والمعارين من الأندية الأخرى، والنتيجة كانت جيدة حتى الآن، والفريق يحتاج إلى خبرة لكي يقدم أداء ثابتاً ومتوازناً مباراة بعد أخرى.
هذه الإستراتيجية ستعطي فريق الشرطة الضوء ليكون منافساً كبيراً على اللقب بعد سنوات قليلة شريطة الاهتمام بالفريق ودعمه وتأمين ما يطلب من عوامل تطوير فنية وغيرها.
من جهة أخرى فإن وجود رصيد من اللاعبين الموهوبين يجعل النادي مصدّراً للاعبين، وهذا سيدر عليه المال الكافي لبناء فريقه وقواعده بشكل جيد.
هذا الأسلوب يعود على مدربينا بالخير، لأن مهمة المدربين ستتحدد بالتطوير أكثر من حصد النتائج، ولنتذكر أن فريق الشرطة بشبابه يلعب على المرتاح من دون أي ضغوط، لذلك فتجربة زج اللاعبين الشباب مع فريق الرجال تجربة ناجحة حسب ما شاهدنا فرق الشرطة يتفاعل معها ويدعمها.

المدرسة التدريبية

الاتجاه الآخر في هذا الموضوع يخص المدربين، فالتدريب يبقى اجتهاداً شخصياً ومثابرة ومتابعة واطلاعاً، وبالمحصلة العامة فإن سبل تطوير مدربينا تبدو ضيقة مهما توافر لهم من فرص تدريب محلية، إن لم يخرجوا إلى آفاق تدريبية خارجية واسعة، وهذا الموضوع تكلمنا عنه في أكثر من مناسبة ولنا في «الوطن» وقفة قادمة أخرى.
استوقفتنا حالة فردية وهي تخص مدربي المجد، فكما نلاحظ أن نادي المجد يعتبر من الأندية القليلة التي خرّجت مدربين متميزين بدءاً من مهند الفقير وأنس مخلوف وعماد دحبور وهشام شربيني وفراس معسعس، والكثيرَ من المدربين الآخرين الذين لم يغادروا النادي، ويعملون بكل فئاته.
وهذه الظاهرة الإيجابية التي تلفت الأنظار جعلتنا نتوجه بالســؤال عنهـــا إلى الكابتن مهند الفقير فأجاب:
يمكننا القول إن الفضل في ذلك يعود إلى الكابتن صلاح الدين رمضان الذي كان مهتماً بالعملية التدريبية، فكان ينتقي الأصلح لهذه المهنة ويقوم على تأهيلهم، وكانت اختيارية دقيقة وصائبة فليس كل لاعب يصلح أن يكون مدرباً.
كنا نتابع المباريات معاً ونحللها وكنا نشاهد كل مباريات نادي المجد حتى مباريات القواعد، ولدينا غرفة خاصة بالنادي اسمها غرفة المدربين التي كانت عبارة عن ورشة عمل، وحصيلة ذلك نجد أن عدة مدربين متميزين تخرجوا في هذه المدرسة، ونادي المجد هو أحد مصدري المدربين، كما أنه لم يتعاقد منذ سنوات مع أي مدرب من خارج النادي.
نضيف: الكابتن صلاح زرع بنادي المجد هذه البذرة، واليوم لابد من استكمال هذا المشروع، وهو أنموذج بسيط لبقية الأندية لكي تحذو حذوه.

| ناصر النجار

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن