يبدو أن القيادة الإسرائيلية تسعى إلى تعويض خسارتها الإستراتيجية بعد انتصار الجيش العربي السوري وحلفائه على حرب السنوات الثماني ضد سورية فقررت الانتقال من «مهمة الدور الوظيفي» في الإستراتيجية الأميركية إلى دور «الدولة التي توظف أسلحتها وبرامجها العسكرية» لمصلحة دولة في المنطقة ضد دولة أخرى بتنسيق أميركي.
ذكرت الأنباء أن إسرائيل ستبيع الرياض 500 دبابة من صنع إسرائيلي من نوع «ميركافا» تؤسس بموجبها فرقة كاملة بهذه الدبابات، وأشارت الأخبار العربية إلى أن وكالة أنباء إسبانية مقربة من دوائر أمنية أكدت هذه الأنباء لأن شركة إسبانية لعبت دور الوسيط وهي التي ستتولى نقل هذه الدبابات إلى الرياض بعد أن دفعت الرياض ثمنها مباشرة لتل أبيب.
كما تشير الأنباء إلى أن «القناة العاشرة» الإسرائيلية تطرقت إلى اهتمام الرياض بدبابات «ميركافا» لتشكيل فرقة مسلحة بها وأن الصناعة العسكرية قامت بتحديث بعض أجهزتها وقطعها لكي تصبح قادرة على تحمل درجة حرارة عالية في مناطق قريبة من الربع الخالي الحار جداً.
ولابد أن صفقة من هذا النوع لا يمكن أن تتم من دون تنسيق إسرائيلي أميركي سعودي لأن واشنطن هي التي تحتكر لمصلحتها كل مبيعات الأسلحة للسعودية ولا تسمح لبريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا ببيع أسلحة للرياض إلا بموافقتها، وصفقة دبابات «ميركافا» هذه بهذا العدد الكبير يعني أن تل أبيب من المفترض أن تتولى مهمة تدريب الجيش السعودي على استخدامها ومهمة نقل الذخائر وتقديم الصيانة، وهذا يفرض وجود آلاف من الضباط الإسرائيليين المختصين الذين سيقومون بهذه المهام على الأراضي السعودية.
إضافة إلى ذلك كانت صحيفة «بازلير تسايتونج» السويسرية ذكرت في 9 كانون الثاني 2018 أن رجل أعمال أوروبياً من الوسطاء الذين يعدون صفقات بيع الأسلحة كشف أن «الرياض طلبت شراء عدد من بطاريات القبة الحديدية» المضادة للصواريخ التي تستخدمها إسرائيل لحماية نفسها من صواريخ قطاع غزة وجبهة الشمال، ويبدو أن الجيش الإسرائيلي قرر بيع ما لديه من دبابات «ميركافا» بعد أن ثبت عجزها في آخر المعارك التي استخدمت فيها أثناء عدوانها على جنوب لبنان وقوات حزب الله في تموز 2006، فقد اعترف رئيس الأركان، داني حالوتس، في ذلك الوقت أن صواريخ المقاومة اللبنانية دمرت عدداً من هذه الدبابات وكشف ثغرات الضعف فيها.
وذكرت صحيفة «هآرتس» في 20 تموز الماضي أن الصناعات العسكرية الإسرائيلية أجبرت على إجراء تطويرات على دبابة «ميركافا» هذه لكي تقنع المجندين الجدد في الجيش الإسرائيلي بقبول الانضمام إلى سلاح الدبابات، واعترفت الصحيفة في نيسان الماضي بأن 86 من المجندين الجدد رفضوا عند تسجيلهم في سلاح الدبابات الانضمام إلى استخدام دبابات «ميركافا» لأنهم وصفوها بالتابوت بسبب سهولة استهدافها بالصواريخ المضادة التي يحملها الأفراد.
مراسل «هآرتس» العسكري ذكر في 20 تموز الماضي أن دبابة «ميركافا» الجديدة لن تنتهي عملية تحديث حمايتها إلا في عام 2020، وهذا ما جعل القيادة العسكرية الإسرائيلية تسارع إلى التخلص من دبابات «ميركافا» بنسختها السابقة ببيعها للرياض واستغلال هذه الصفقة لخلق «تطبيع في العلاقات العسكرية» مع الرياض ما دامت الذخيرة والصيانة والتدريب على هذه الدبابات سيتولى تقديمها الجيش الإسرائيلي وهذا ما لم يحصل مع أي دولة عربية حتى الآن!
السؤال الذي يطرح نفسه بعد هذه الصفقة: من الطرف الذي تستهدفه الرياض بهذه الدبابات؟ هل هو إيران كما تقول تل أبيب؟ وهل توجد حدود برية بين السعودية وإيران؟
تحاول صحيفة «هآرتس» الإجابة عن هذا السؤال بعرض ما تقوله القيادة الإسرائيلية للسعودية عن خطر قادم من إيران باحتلال شبه الجزيرة العربية؟ وأن هذه الدبابات ستصد هجوماً برياً من هذا القبيل! وبهذه الطريقة تقوم إسرائيل بتوظيف الجيش السعودي وتسليحه بدبابات وتحديد الطرف الذي سيوجه ضده هذا السلاح الإسرائيلي.