اقتصاديون بلا اقتصاد!!
تتحفنا صفحات الفيسبوك كل لحظة بأرقام دولارية حول الموازنة العامة للدولة للعام القادم (2019) بعيدة كل البعد عن الدقة، إما عن قصد أو عن غير قصد، الله أعلم!
المفاجأة أن العديد من تلك الأرقام نسخت ولصقت عشرات المرات، ومن مختلف شرائح المجتمع، في تبنٍ واضح لها، ولكن أعمى، إذ لم يكلف أحد نفسه العودة إلى بيانات الموازنة للتأكد من تلك الأرقام!
الأسوأ، تداول اقتصاديين لتلك الأرقام، وخاصة لرقم الدين الخارجي الفلكي، والذي يعادل ضعفي القيمة الإجمالية لاعتمادات الموازنة، وهي في النهاية أحد موارد تغطية عجز الموازنة!
أما المضحك في الأمر، فهو تداول النفقات الجارية في الموازنة على أنها مصروفات إدارية للمكاتب والقرطاسية، علماً بأن قيمتها نحو 3.56 مليارات دولار، وفي الحقيقة 1.1 مليار دولار منها للرواتب و2.1 مليار دولار ديون والتزامات واجبة الأداء، أما النفقات الإدارية فتعادل 627.5 مليون دولار، 42% منها للأدوية والمستلزمات المخبرية و3.4% للقرطاسية.
أما الظن بأن الديون والالتزامات واجبة الأداء هي خدمة للدين الخارجي، فهذا خطأ، إذ تتضمن 12 بنداً، منها تسديد حصة رب العمل تجاه المؤسسة العامة للتأمين والمعاشات، وديون القطاع الإداري للتأمينات الاجتماعية، والاعتمادات الاحتياطية للعملية الجارية وأقساط وفوائد القروض والتسهيلات الائتمانية، وأعباء شهادات الاستثمار، وودائع توفير البريد، وتسديد التزامات التأمين الصحي للعاملين في القطاع الإداري والأقساط المترتبة نتيجة اتفاقية التسوية مع روسيا الاتحادية، وتسديد ديون متعلقة بالكهرباء والأدوية والأحكام القضائية وغيرها.
خلاصة الحديث، من حق الجميع إبداء الرأي في أي قضية تهم الرأي العام، فهذا البعد له احترام، ومنبعه وطني، بلا شك، أما الترويج لأرقام واهية تظهر أننا دولة مدمرة اقتصادياً، فهذا أمر غير مقبول، على أمل أن يكون سبب تداول تلك الأرقام هو خطأ في قراءة أرقام الموازنة وحسابها، كما نقترح على الحكومة نشر مشروع الموازنة على موقعها الالكتروني لإتاحة الاطلاع عليه.
وهذا لايعني أن الموازنة مثالية، بل فيها الكثير من المفارقات التي تحتاج إلى نقاش هادئ.
| المحرر الاقتصادي