سورية

«مداد»: المصالحات سياسة تؤكد أنَّ الحرب ليست هدفاً بحدّ ذاتها

اعتبر «مركز دمشق للأبحاث والدراسات- مِداد»، أن المصالحات والتسويات ليست مجرّد تكتيك حرب، وإنما هي سياسة وعمل سيكولوجيّ، يؤكد أنَّ الحرب والقتال ليسا هدفاً بحدّ ذاته، ولفت إلى أنَّ منطق الدولة في هذه المرحلة هو المطالبة بالطاعة والتزام القانون وليس الولاء للنظام السياسيّ.
وجاء في دراسة لـ«مداد» بعنوان: «راياتٌ بَيضاء: حَولَ سياسة المُصَالحات والتَّسوِيات في الأزمَة السُّورِيَّة»، أعدها رئيس القسم السياسي في المركز، عقيل محفوض وتلقت «الوطن» نسخة منها: إن الرئيس بشار الأسد أعطى مؤشرات متزايدة على أولويّة أو مركزيّة المصالحات والتسويات في خياراته وأجندته السياسيّة والعسكريّة.
واعتبرت الدراسة، أن سياسات إدارة الأزمة، ركزت على التسويات والمصالحات، بوصفها مدخلاً مناسباً ورئيساً لدى النظام السياسيّ والدولة، من أجل احتواء ما أمكن من مصادر التهديد الداخلية، وتفكيك عوامل الاحتقان والاستقطاب الداخليّ والإقليميّ، وتفادي انزلاق الأوضاع في الداخل إلى حرب شاملة.
ولفتت الدراسة إلى أنَّ الدخولَ في مصالحات وتسويات، يؤدي إلى «تضييق» أو «تقليص» نطاق المعارك والمواجهات التي يخوضها الجيش العربي السوريّ وحلفاؤه.
وبينت، أن «المصالحات والتسويات ليست مجرّد تكتيك حرب، وإنما هي سياسة كليّة، وعمل سيكولوجيّ نفسيّ، يؤكد أنَّ الحرب والقتال ليسا هدفاً بحدّ ذاته، وأنَّ منطق الدولة في هذه المرحلة هو المطالبة بالطاعة والتزام القانون وليس الولاء للنظام السياسيّ، وإنَّ لا ثأريّةَ ولا انتقامَ من النظامِ السياسيِّ والدولة تُجاه المعارضة وبناها وحواضنها الاجتماعية».
ولفتت الدراسة إلى أن ثمة عمليات تغلغل خارجيّة لا تزال نشطة، كدور الولايات المتحدة في شرق الفرات، وتركيا في إدلب وشمال حلب، و«إسرائيل» والأردن وغيرهما في المنطقة الجنوبيّة، وهذا ما يمثل مصدر تهديد للأمن الوطنيّ، ويتطلبُ خطةَ استجابةٍ نشطة وفعّالة أيضاً.
وأكدت، أنَّ نمط المصالحات والتسويات وعودة سلطة الدولة، لا تعني عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل آذار 2011، «وقد تغيرت الأحوال كثيراً، ولا بدَّ من إعادة تعريف وتأكيد معنى الدولة وسلطتها وقوتها، وفقاً لخبرة السنوات الماضية وخبرة الحرب».
وأشارت الدراسة إلى أن المعارضة رفضت سياسة المصالحات، لاعتقادها أن الأزمة لا بدَّ أن تنتهي بإسقاط «النظام» والسيطرة على الدولة، وأنَّ المصالحات لا تعدو أن تكون تكتيكاً سياسيّاً وعسكريّاً ونوعاً من ديناميات تفكيك وإجهاض للمعارضة.
ورأت الدراسة، أن المصالحات والتسويات لم تكن ذات جاذبية كبيرة لدى «الموالاة» لاعتقادها أن الحلّ الوحيد هو القضاء على الإرهاب، وتفكيك بناه وحواضنه الاجتماعية والثقافية وتكويناته المسلحة، ولاعتقادها أن المصالحات تُظهر المعارضة قوية وقادرة على التفاوض وفرض شروطها، وتُظهر النظام السياسي والدولة أقل دافعية واندفاعاً لمحاربة الإرهاب.
وأكدت الدراسة أن أي مصالحة أو تسوية، صغيرة كانت أم كبيرة، وأي توقف للأعمال القتالية، وأي أفراد يعودون إلى «حضن الوطن»، مهما كان عددهم قليلاً، أمورٌ تؤثر بصورة إيجابية في المزاج العام، ويمثل ذلك سلاحاً ماضياً في تفكيك عدد من العقد والمقولات والصور والمدارك النمطية المشوهة عن الوضع في سورية، وعن الأزمة والحرب. ورأت، أن سياسات الطمأنة قد تكون أخفقت في تأمين أو تأهيل بيئة جذب مناسبة لشريحة كبيرة من الناس، ذلك تحت تأثير عوامل غير مباشرة أو محيطية، مثل: الإخفاق في إصلاح السياسات والخدمات العامة، والمخاوف من نظام التجنيد الإلزامي، وصعوبات في إعادة تأهيل المساكن إلخ… ، وهذا جعل التطلع إلى مغادرة البلاد أو عدم العودة إليها هو الخيار الأقرب لكثيرين.
وأوضحت الدراسة، أن الروس سوف يواصلون العمل على خلق بيئة مناسبة لاستقطاب المزيد من الراغبين في التسوية، بوصفهم (الروس) شريكاً في محاربة الإرهاب، وضامناً لعدد من أهم وأعقد التسويات التي حصلت كما في درعا والقنيطرة.
ورجحت الدراسة أن تُواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها سياساتها ورهاناتها في الأزمة السورية، تحديداً في شرق الفرات، واشتراط خروج إيران وحزب اللـه من سورية، وضمان أمن «إسرائيل»، والتدخل في طبيعة الحلّ النهائيّ في سورية، وهذا يعني استمرارَ وجود صعوبات وتحديات أمام التوصل إلى حلّ أو تسوية بين دمشق وكردها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى إدلب، ومثله لقضايا عودة المهجرين، وإعادة الإعمار، والحلّ النهائي.

| الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن