رياضة

النشرة الجوية!

| مالك حمود

من أغرب الصور التي ما تزال تحتفظ بها الذاكرة الرياضية تلك المباراة التي كانت تجري في ملعب العباسيين بدمشق أواخر السبعينيات، ضمن الدوري السوري لكرة القدم، ورغم برد الشتاء القارس وما يتخلله من أمطار إلا أن ذلك لم يكن قادرا على التأثير في عشقنا الكروي كأطفال متحمسين للرياضة والتفاصيل الغريبة لذلك العشق الذي يبدأ بالهروب من المدرسة ويكتمل بالقفز من فوق السور العالي للملعب على اعتبار أن الدنيا (يسر وعسر) وأحياناً لم يكن بمقدورنا كطلاب دفع ثمن تذكرة دخول الملعب، والعشق الكروي يدفعنا للمخاطرة والتسلق عاليا ومن ثم الهبوط بطريقة (الكوماندوس) بغفلة عن أنظار متعهد المباراة ورجاله، والأهم في الموضوع أن الأداء كان مقنعا وممتعا وهو المطلوب حيث الوعي الكروي، ولم يكن مجرد فوز الفريق الذي نحب هو الهدف.
وبينما كانت طقوس الشتاء ترخي بظلالها على الملعب من برد ومطر وضبابية، بدأت تصعب الرؤية، ومع اقتراب المباراة من نهايتها كانت الرؤية تزداد صعوبة أكثر فأكثر، وبالكاد أصبحنا كمتفرجين نرى اللاعبين، فكيف لنا برؤية الكرة وتحركاتها؟ لكن الحكم أصر على إكمال المباراة رغم الظروف الجوية، على حين كان الأكثر جرأة حكم مباراة حماة التي كانت تقام باليوم نفسه حيث أوقف المباراة لحلول الظلام..!
قرار إيقاف المباراة كان منطقيا وطبيعيا نظرا للظروف العامة مادام الملعب مكشوفاً وعرضة لمختلف التأثيرات المناخية، وكنا حينها نحسد جماعة كرة السلة على اعتبار أن رياضتهم بعيدة عن كل تلك المعاناة، فالصالة بغنى عن كل تلك الظروف المتقلبة والمناخات الصعبة.
وتدور الأيام، وتتساوى الظروف بين ملعب القدم وصالة السلة، وكلاهما أضحى مهددا بقسوة المناخات الشتوية، لدرجة أن مباريات كرة السلة باتت تتوقف بسبب هطل الأمطار..!
نغمة الأمطار باتت مصدر ألم جديداً يعتصر قلب بعض منشآتنا الرياضية التي ما كادت تفرح بتعافيها من الإصابات التي تعرضت لها خلال الأزمة، حتى عادت لتتوجع مجدداً ويتوجع معها من في الملعب!
الأمطار تتسرب من سقف صالة حمص الرياضية وتكاد تتسبب بأذى كبير للاعبين خلال مباراة جماهيرية كبرى، وسقف صالة الأسد بحلب لم يكن أفضل حالا، فهو الآخر بات نفوذا لبركة السماء، محولا أرض الصالة إلى بركة ماء..!
أين الصيانة التي أجريت لسقف صالة الأسد بحلب؟ ومن المسؤول عن تلك الصيانة التي لم تقاوم أول مطرة غزيرة؟ وإلى متى ستبقى صالاتنا تحت رحمة الظروف الجوية أم إنه يجدر بنا العودة قبل كل مباراة إلى نشرة الأحوال الجوية..؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن