قضايا وآراء

الركبان.. انتصار النوايا الحسنة

| بقلم علي الزعتري - المنسق المقيم للشؤون الإنسانية في سورية

نجحت الأمم المتحدة في سورية ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري بعد عدة محاولات ومسار تفاوضي طويل، لاعتماد أنسب الطرق وماهية المعونات والضمانات الأمنية المطلوبة بإرسال قافلة مساعدات إنسانية مشتركة إلى مخيم الركبان الذي يقطنه نحو خمسين ألف شخص مع مكون كبير من النساء والأطفال والشباب وكبار السن.
تألفت القافلة من 78 شاحنة، حملت المواد الغذائية والأدوية والاحتياجات الأساسية للسكان الذين يعيشون بمساكن طينية أو قماشية أُنشئت بشكل عشوائي في النصف الثاني من عام 2015 في منطقة التنف الحدودية بين العراق والأردن وسورية.
مما لا شك فيه أن هذه المنطقة هي منطقة تشابك عنيف بين الدول وأن هذا التشابك نتج عنه ويساهم فيه مخيم الركبان من حيث الوجود والاستمرارية، حيث يضم مجموعات مدنية مختلفة المنابت، نزحت إلى هذه المنطقة فتكونت منها أو حولها أو عليها حركات مسلحة ومنطقة نفوذ يحكمها وجود عسكري داخل وخارج المنطقة أدى للحد من حركة المدنيين بشكل كبير.
الحقيقة أن هناك آلاف المدنيين المعزولين في المخيم والمنتظرين لحل مُرْض يسهلُ عودتهم لأماكن معيشتهم السابقة في سورية، وإلى أن تصل الأطراف المتشابكة لهذا الحل فإن المهمة المطلوب تنفيذها دون أي تأخير هي إيصال المعونات الإنسانية بتواتر مقبول وخاصة توفير الخدمات الصحية العاجلة والضرورية لسكان المخيم.
علينا أن نُقر هنا أنه لم يكن لهذه القافلة أن تصل إلى هدفها لولا التوافق الإنساني على جانبي المنطقة من قبل الحكومة السورية والاتحاد الروسي ومن قبل آلية تنسيق قوات التحالف والجماعات المسلحة واللجان المدنية في المخيم، والذكر هنا لا يعني من طرفي كمنسق مقيم للشؤون الإنسانية في سورية التزاماً يتنافى وميثاق الأمم المتحدة، ولكنه عكس لحقيقة ضاغطة على الجميع، لكن وعلى الرغم منها، نجحت في الاتفاق على آلية وصول هذه القافلة الإنسانية لمحتاجيها، هذا النجاح يسجل لمجموعة الدول والجماعات المتشابكة حول شأن المخيم والمنطقة، وقد يكون الدليل على أن حسن النوايا بين الفرقاء قد تَغَلبَ على الشكوك وأن التقدير الإنساني من قِبَلِهمْ لاحتياجات قاطني المخيم قد انتصر، فلهم جميعاً الشكر الجزيل والامتنان العميق.
لقد عادت القافلة بشهادات عيان عن معاناة المدنيين المضنية خاصة جراء انتشار الفقر المدقع بين الأغلبية وارتفاع أسعار المواد الغذائية أو أغراض النظافة الشخصية في محلات قليلة تصلها عن طريق التهريب، وشبه انعدام الرعاية الصحية والتعليم، وظهور الأمراض الاجتماعية، وانعدام حرية الحركة والتنقل إلا بدفع مبالغ مالية تصل إلى 600 دولار للفرد الواحد للاختصاصيين في تهريب الأفراد، هذا عدا عن الظروف المناخية الصعبة في بيئة صحراوية قاسية.
إننا لذلك نأمل أن تستمر هذه المساهمة الإنسانية وبنفس الوتيرة لإنجاح وصول قافلة ثانية نعد لها بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري، حيث تثبت تقديراتنا أن ما حملناه في القافلة الأولى من معونات لن تكفي احتياجات السكان في الركبان، وبالأخص أننا على أبواب فصل الشتاء، وأننا نأمل أن تنتصر مرة أخرى تلك النوايا الإنسانية الحسنة في سبيل إعانة المحتاجين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن