ثقافة وفن

وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ… وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ … كلمات تذيب القلوب شوقاً خطها الشعراء في ذكرى المولد النبوي الشريف

| الوطن

يحتفل المسلمون في أصقاع الأرض في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل عام بذكرى المولد النبوي الشريف، الهادي الذي ملأ الدنيا أنواراً وإشراقاً، ميلاد خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد عليه الصلاة والسلام.
وفي هذه المناسبة، خط الشعراء في مدح الرسول كلمات يذوب القلب حين سماعها، فيهتز ويحن شوقاً للقياه.
هي مجموعة الأشعار والقصائد التي تعدد صفات الرسول محمد صلى اللـه عليه وسلم وتذكر مزاياه الخُلقية والخَلقية، ويعرف الشاعر والأديب المصري، زكي مبارك المديح النبوي بأنه فن من فنون الشعر التي أذاعها التصوف، فهي لون من التعبير عن العواطف الدينية وباب من الأدب الرفيع لأنها لا تصدر إلا عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص.

اخترنا لكم مجموعة من القصائد في مدح الرسول محمد صلى اللـه عليه وسلم:

«البردة» لمحمد بن سعيد البوصيري

قصيدة «البردة» أو قصيدة «البُرأة» أو «الكواكب الدريَّة في مدح خير البرية»، إحدى أشهر القصائد في مدح النبي محمد
(صلى اللـه عليه وسلم)، كتبها محمد بن سعيد البوصيري في القرن السابع الهجري الموافق القرن الحادي عشر الميلادي.
وقد أجمع معظم الباحثين على أن هذه القصيدة من أفضل وأعجب قصائد المديح النبوي إن لم تكن أفضلها، حتى قيل إنها أشهر قصيدة مدح في الشعر العربي بين العامة والخاصة.

مولاي صلّ وسلّــم دائماً أبداً
على حبيبك خيــــر الخلق كلهم
أَمِنْ تَذَكُّرِ جِيرَانٍ بِذِي سَلَمٍ
مَزَجْتَ دَمْعًا جَرَى مِنْ مُقْلَةٍ بِدَمِ
أَمْ هَبَّتِ الرِّيحُ مِنْ تِلْقَاءِ كَاظِمَة
وَأَوْمَضَ البَرْقُ فِي الظُلْمَاءِ مِنْ إِضَم
فَمَا لِعَيْنَيْكَ إن قُلْتَ اكْفُفَا هَمَتَا
وَمَا لِقَلْبِكَ إن قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ
أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أن الحُبَّ مُنْكَتِمٌ
مَا بَيْنَ مُنْسَجِمٍ مِنْهُ وَمُضْطَرِمِ
لَوْلاَ الهَوَى لَمْ تَرِقْ دَمْعًا عَلَى طَلَلِ
وَلاَ أَرِقْتَ لِذِكْرِ البَانِ وَالْعَلَمِ
فَكَيْفَ تُنْكِرُ حُبًّا بَعْدَمَا شَهِدَتْ
بِهِ عَلَيْكَ عُدُولُ الدَّمْعِ وَالسِّقَمِ
وَأَثْبَتَ الوَجْدُ خَطَّيْ عَبْرَةٍ وَضَنىً
مِثْلَ البَهَارِ عَلَى خَدَّيْكَ وَالعَنَمِ
نَعَمْ سَرَى طَيْفُ مَنْ أَهْوَى فَأَرَّقَنِي
وَالحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذَّاتَ بِالأَلَمِ
يَا لاَئِمِي فِي الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَةً
مِنِّي إِلَيْكَ وَلَوْ أَنْصَفْتَ لَمْ تَلُمِ
عَدَتْكَ حَالِي لاَ سِرِّي بِمُسْتَتِرٍ
عَنِ الْوِشَاةِ وَلاَ دَائِي بِمُنْحَسِمِ
مَحَّضْتَنِي النُصْحَ لَكِنْ لَسْتُ أَسْمَعُهُ
إَنَّ المُحِبَّ عَنْ العُذَّالِ فِي صَمَمِ
إَنِّي اتَّهَمْتُ نَصِيحَ الشَّيْبِ فِي عَذَليِ
وَالشَّيْبُ أَبْعَدُ فِي نُصْحِ عَنِ التُّهَمِ
فَإِنَّ أَمَّارَتيِ بِالسُّوءِ مَا اتَّعَظَتْ
مِنْ جَهْلِهَا بِنَذِيرِ الشَّيْبِ وَالهَرَمِ
وَلاَ أَعَدَّتْ مِنَ الفِعْلِ الجَمِيلِ قِرِى
ضَيْفٍ أَلَمَّ بِرَأْسِي غَيْرَ مُحْتَشِمِ
لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنِّي مَا أُوَقِّرُهُ
كَتَمْتُ سِرًّا بَدَا ليِ مَنْهُ بِالكِتَمِ
مَنْ ليِ بِرَدِّ جِمَاحٍ مِنْ غِوَايَتِهَا
كَمَا يُرَدُّ جِمَاحَ الخَيْلِ بِاللُّجَمِ
فَلاَ تَرُمْ بِالمَعَاصِي كَسْرَ شَهْوَتِهَا
إِنَّ الطَّعَامَ يُقَوِّي شَهْوَةَ النَّهِمِ
وَالنَّفْسُ كَالطِّفِلِ إن تُهْمِلْهُ شَبَّ عَلَى
حُبِّ الرَّضَاعِ وَإِنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ
فَاصْرِفْ هَوَاهَا وَحَاذِرْ أن تُوَلِّيَهُ
إِنَّ الهَوَى مَا تَوَلَّى يُصْمِ أو يَصِمِ
وَرَاعِهَا وَهِيَ فيِ الأعمال سَائِمَةٌ
وَإِنْ هِيَ اسْتَحَلَّتِ المَرْعَى فَلاَ تُسِمِ
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةُ لِلْمَرْءِ قَاتِلَةً
مِنْ حَيْثُ لَمْ يَدْرِ أن السُّمَّ فيِ الدَّسَمِ
وَاخْشَ الدَّسَائِسَ مِنْ جُوعٍ وَمِنْ شَبَعِ
فَرُبَّ مَخْمَصَةٍ شَرُّ مِنَ التُّخَمِ
وَاسْتَفْرِغِ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قَدِ امْتَلأَتْ
مِنَ المَحَارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَةَ النَّدَمِ
وَخَالِفِ النَّفْسَ وَالشَّيْطَانَ وَاعْصِهِمَا
وَإِنْ هُمَا مَحَّضَاكَ النُّصْحَ فَاتَّهِمِ
وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمَا خَصْمًا وَلاَ حَكَمًا
فَأَنْتَ تَعْرِفُ كَيْدَ الخَصْمِ وَالحَكَمِ
اسْتَغْفِرُ اللـه مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ
لَقَدْ نَسَبْتُ بِهِ نَسْلاً لِذِي عُقُمِ
أَمَرْتُكَ الخَيْرَ لَكِنْ مَا ائْتَمَرْتُ بِهِ
وَمَا اسْتَقَمْتُ فَمَا قَوْليِ لَكَ اسْتَقِمِ
وَلاَ تَزَوَّدْتُ قَبْلَ المَوْتِ نَافِلَةً
وِلَمْ أُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ وَلَمْ أَصُمِ
ظَلَمْتُ سُنَّةَ مَنْ أَحْيَا الظَّلاَمَ إِلىَ
أَنْ اشْتَكَتْ قَدَمَاهُ الضُّرَّ مِنْ وَرَمِ
وَشَدَّ مِنْ سَغَبٍ أَحْشَاءَهُ وَطَوَى
تَحْتَ الحِجَارَةِ كَشْحًا مُتْرَفَ الأَدَمِ
وَرَاوَدَتْهُ الجِبَالُ الشُّمُّ مِنْ ذَهَبٍ
عَنْ نَفْسِهِ فَأَرَاهَا أَيَّمَا شَمَمِ
وَأكدت زُهْدَهُ فِيهَا ضَرُورَتُهُ
إِنَّ الضَرُورَةَ لاَ تَعْدُو عَلىَ العِصَمِ
وَكَيْفَ تَدْعُو إلى الدُّنْيَا ضَرُورَةُ مَنْ
لَوْلاَهُ لَمْ تُخْرَجِ الدُّنْيَا مِنَ العَدَمِ
مُحَمَّدٌ سَيِّدُ الكَوْنَيْنِ وَالثَّقَلَيْـ
ـنِ وِالفَرِيقَيْنِ مِنْ عُرْبٍ وَمِنْ عَجَمِ
نَبِيُّنَا الآمر النَّاهِي فَلاَ أَحَدٌ
أَبَرَّ فيِ قَوْلِ لاَ مِنْهُ وَلاَ نَعَمِ
هُوَ الحَبِيبُ الذِّي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ
لِكُلِّ هَوْلٍ مِنَ الأَهْوَالِ مُقْتَحِمِ
دَعَا إلى اللـه فَالْمُسْتَمْسِكُونَ بِهِ
مُسْتَمْسِكُونَ بِحَبْلٍ غَيْرِ مُنْفَصِمِ
فَاقَ النَبِيّينَ فيِ خَلْقٍ وَفيِ خُلُقٍ
وَلَمْ يُدَانُوهُ فيِ عِلْمٍ وَلاَ كَرَمِ
وَكُلُّهُمْ مِنْ رَسُولِ اللـه مُلْتَمِسٌ
غَرْفًا مِنَ البَحْرِ أو رَشْفًا مِنَ الدِّيَمِ
وَوَاقِفُونَ لَدَيْهِ عِنْدَ حَدِّهِمِ
مِنْ نُقْطَةِ العِلِمِ أو مِنْ شَكْلَةِ الحِكَمِ
فَهْوَ الذِّي تَمَّ مَعْنَاهُ وَصُورَتُهُ
ثُمَّ اصْطَفَاهُ حَبِيبًا بَارِئُ النَّسَمِ
مُنَزَّهٌ عَنْ شَرِيكٍ فيِ مَحَاسِنِهِ
فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فِيِهِ غَيْرُ مُنْقَسِمِ
دَعْ مَا ادَّعَتْهُ النَّصَارَى فيِ نَبِيِّهِمِ
وَاحْكُمْ بِمَا شِئْتَ مَدْحًا فِيهِ وَاحْتَكِمِ
وَانْسُبْ إلى ذَاتِهِ مَا شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ
وَانْسُبْ إلى قَدْرُهُ مَا شِئْتَ مِنْ عِظَمِ
فَإِنَّ فَضْلَ رَسُولِ اللـه لَيْسَ لَهُ
حَدٌّ فَيُعْرِبَ عَنْهُ نَاطِقٌ بِفَمِ
لَوْ نَاسَبَتْ قَدْرَهُ آيَاتُهُ عِظَمًا
أَحْيَا اسْمُهُ حِينَ يُدْعَى دَارِسَ الرِّمَمِ
لَمْ يَمْتَحِنَّا بِمَا تَعْيَا العُقُولُ بِهِ
حِرْصًا عَلَيْنَا فَلَمْ نَرْتَبْ وَلَمْ نَهِمْ
أَعْيَا الوَرَى فَهْمُ مَعْنَاهُ فَلَيْسَ يُرَى
فيِ القُرْبِ وَالْبُعْدِ فِيهِ غَيْرُ مُنْفَحِمِ
كَالشَّمْسِ تَظْهَرُ لِلْعَيْنَيْنِ مِنْ بُعُدٍ
صَغِيرَةً وَتُكِلُّ الطَّرْفَ مِنْ أَمَمِ
وَكَيْفَ يُدْرِكُ فيِ الدُّنْيَا حَقِيقَتَهُ
قَوْمٌ نِيَامٌ تَسَلَّوْا عَنْهُ بِالحُلُمِ
فَمَبْلَغُ العِلْمِ فِيهِ أنه بَشَرٌ
وَأَنَّهُ خَيْرُ خَلْقِ اللـه كُلِّهِمِ

___________________________________________________

الثلاثية المقدسة لصالح جودت

رحاب الهدى يا منار الضياء
سمعتك في ساعة من صفاء
تقول أنا البيت ظل الإله
وركن الخليل أبي الأنبياء
أنا البيت قبلتكم للصلاة
أنا البيت كعبتكم للرجاء
فضموا الصفوف وولوا الوجوه
إلى مشرق النور عند الدعاء
وسيروا إلى هدف واحد
وقوموا إلى دعوة البناء
يزكي بها اللـه إيمانكم
ويرفع هاماتكم للسماء

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع

يا عطاء الروح من عند النبي
وعبيرا من ثنايا يثرب
يا حديث الحرم الطهر الذي
يطلع النور به في الغيهب
قم وبشر بالمساوات التي
ألفت بين قلوب العرب
والإخاء الحق والحب الذي
وحد الخطو لسير الموكب
والجهاد المؤمن الحر الذي
وصل الفتح به للمغرب
امة علمها حب السماء
كيف تبنى ثم تعلو بالبناء
فمضت ترفل في وحدتها
وتباهى في طريق الكبرياء
بيد توسع في أرزاقها
ويد تدفع كيد الأشقياء
سادت الأيام لما آمنت
ان بالإيمان يسمو الأقوياء
فاذا استشهد منهم بطل
كانت الجنة وعد الشهداء
من مهبط الإسراء في المسجد
من حرم القدس الطهور الندي
أسمع في ركن الأسى مريما
تهتف بالنجدة للسيد
واشهد الأعداء قد احرقوا
ركنا مشت فيه خطى أحمد
وأبصر الأحجار محزونة
تقول واقدساه يا معتدى
لا والضحى والليل لما سجى
وكل سيار به نهتدي
لن يطلع الفجر على ظالم
مستغرق في حقده الأسود
سترجع الأرض إلى أهلها
محفوفة بالمجد والسؤدد
والمسجد الأقصى إلى ربه
مزدهيا بالركع السجد
ستشرق الشمس على أمة
لغير وجه اللـه لم تسجد

___________________________________________________

«نهج البردة» لأحمد شوقي

وهي من أجمل قصائد أمير الشعراء، وتعد من أروع قصائد المدح النبوي، لبساطة الكلمات وعذوبة الألفاظ كما أنها سهلة الشرح والفهم.

ريمٌ على القاعِ بينَ البانِ والعَلَمِ
أَحَـلّ سـفْكَ دمـي فـي الأشهر الحُرُمِ
رمـى القضـاءُ بعيْنـي جُـؤذَر أَسدًا
يـا سـاكنَ القـاعِ، أَدرِكْ ساكن الأَجمِ
لمــا رَنــا حــدّثتني النفسُ قائلـةً
يـا وَيْـحَ جنبِكَ، بالسهم المُصيب رُمِي
جحدته، وكـتمت السـهمَ فـي كبدي
جُـرْحُ الأَحبـة عنـدي غـيرُ ذي أَلـمِ
رزقـتَ أَسـمح مـا في الناس من خُلق
إِذا رُزقـتَ التمـاس العـذْر فـي الشِّيَمِ
يـا لائـمي في هواه – والهوى قدَرٌ –
لـو شـفَّك الوجـدُ لـم تَعـذِل ولم تلُمِ
لقــد أَنلْتُــك أُذْنًــا غـير واعيـةٍ
ورُبَّ منتصـتٍ والقلـبُ فـي صَمـمِ
يـا نـاعس الطَّرْفِ; لا ذقْتَ الهوى أَبدًا
أَسـهرْتَ مُضنـاك في حفظِ الهوى، فنمِ
أَفْـديك إِلفاً، ولا آلـو الخيـالَ فِـدًى
أَغـراك بـالبخلِ مَـن أَغـراه بـالكرمِ
سـرَى، فصـادف جُرحًـا داميًا، فأَسَا
ورُبَّ فضــلٍ عـلى العشـاقِ للحُـلُمِ
مَــن المـوائسُ بانًـا بـالرُّبا وقَنًـا
اللاعبـاتُ برُوحـي، السـافحات دمِي؟
الســافِراتُ كأَمثـالِ البُـدُور ضُحًـى
يُغِـرْنَ شـمسَ الضُّحى بالحَلْي والعِصَمِ
القــاتلاتُ بأَجفــانٍ بهــا سَــقَمٌ
وللمنيــةِ أسباب مــن السّــقَمِ
العــاثراتُ بأَلبــابِ الرجـال، ومـا
أُقِلـنَ مـن عـثراتِ الـدَّلِّ في الرَّسمِ
المضرمـاتُ خُـدودً، أسفرت، وَجَلتْ
عــن فِتنـة، تُسـلِمُ الأَكبـادَ للضـرَمِ
الحــاملاتُ لــواءَ الحسـنِ مختلفًـا
أَشــكالُه، وهـو فـردٌ غـير منقسِـمِ
مـن كـلِّ بيضـاءَ أو سـمراءَ زُيِّنتا
للعيـنِ، والحُسـنُ فـي الآرامِ كالعُصُمِ
يُـرَعْنَ للبصـرِ السـامي، ومن عجبٍ
إِذا أَشَــرن أَســرن الليـثَ بـالعَنمِ
وضعـتُ خـدِّي، وقسَّـمتُ الفؤادَ ربًا
يَـرتَعنَ فـي كُـنُسٍ منـه وفـي أَكـمِ
يـا بنـت ذي اللِّبَـدِ المحـميِّ جانِبُـه
أَلقـاكِ فـي الغاب، أم أَلقاكِ في الأطُمِ؟
مـا كـنتُ أَعلـم حـتى عـنَّ مسـكنُه
أَن المُنــى والمنايـا مضـرِبُ الخِـيمِ
مَـنْ أَنبتَ الغصنَ مِنْ صَمصامةٍ ذكرٍ؟
وأَخـرج الـريمَ مِـن ضِرغامـة قرِمِ؟
بينـي وبينـكِ مـن سُـمْرِ القَنا حُجُب
ومثلُهــا عِفَّــةٌ عُذرِيــةُ العِصَـمِ
لـم أَغش مغنـاكِ إلا في غضونِ كَرًى
مَغنــاك أَبعــدُ للمشـتاقِ مـن إِرَمِ
يـا نفسُ، دنيـاكِ تُخْـفي كـلَّ مُبكيـةٍ
وإِن بــدا لـكِ منهـا حُسـنُ مُبتسَـمِ
فُضِّـي بتقـواكِ فاهًـا كلمـا ضَحكتْ
كمــا يُفـضُّ أَذَى الرقشـاءِ بـالثَّرَمِ
مخطوبـةٌ – منـذُ كان الناسُ – خاطبَةٌ
مـن أول الدهـر لـم تُـرْمِل، ولم تَئمِ
يَفنـى الزّمـانُ، ويبقـى مـن إِساءَتِها
جــرْحٌ بـآدم يَبكـي منـه فـي الأَدمِ
لا تحــفلي بجناه، أو جنايتهــا
المـوتُ بـالزَّهْر مثـلُ المـوت بالفَحَمِ
كـم نـائمٍ لا يَراه، وهـي سـاهرةٌ
لــولا الأَمـانيُّ والأَحـلامُ لـم ينـمِ
طــوراً تمـدّك فـي نُعْمـى وعافيـةٍ
وتـارةً فـي قـرَار البـؤس والـوَصَمِ
كـم ضلَّلتـكَ، وَمَـن تُحْجَـبْ بصيرتُه
إِن يلـقَ صابـا يَـرِد، أو عَلْقمـا يَسُمِ
يــا ويلتـاهُ لنفسـي! راعَهـا ودَهـا
مُسْـوَدَّةُ الصُّحْـفِ فـي مُبْيَضَّـةِ اللّمَمِ
ركَضْتهـا فـي مَـرِيع المعصياتِ، وما
أَخـذتُ مـن حِمْيَـةِ الطاعـات للتُّخَـمِ
هــامت عـلى إثر اللَّـذاتِ تطلبُهـا
والنفسُ إن يَدْعُهـا داعـي الصِّبـا تَهمِ

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن