ثقافة وفن

ثنائية الثقافة والإعلام.. من الرسالة إلى الاستلاب

| سارة سلامة

صدر عن وزارة الثقافة- الهيئة العامة السورية للكتاب، كتاب بعنوان: «ثنائية الثقافة والإعلام.. من الرسالة إلى الاستلاب»، للكاتب ديب علي حسن، الذي يناقش فيه الواقع الإعلامي كيف كان؟ وإلى أين ذاهب؟ والكتاب يقع في 284 صفحة من القطع المتوسط، ويذكر الكاتب في مقدمته أنه: «مضى على أول مرة تقع فيها عيناي على مجلة بشكل مباشر، نصف قرن ونيف، مجلة المعرفة معلقة على جدار مكتبة ما، في مدينتي، توقفت أمامها كثيراً، لم أجرؤ أن أسأل عن ثمنها، رآني صاحب المكتبة أقف حائراً بين السؤال، والرغبة أن أتركها وأمضي، حين لاحظت أنه يرمقني، هرولت سريعاً، بينما توقف صديقي وتسمر بالمكان، بعد قليل عاد وبيده المجلة، وبصوت المنتصر: هذه المجلة لك، أسأله كيف أتيت بها؟ لقد أعطاني إياها صاحب المكتبة حين رآك مشغولاً بها، وبدأت رحلة الشغف بالحرف مطبوعاً بغير كتبنا المدرسية، وحين نلت الثانوية، تمنيت أن يكون للصحافة فرع لدينا، سألت عن الأمر، كان قد أغلق، مضيت إلى درب الآداب، ولكن قسم الصحافة عاد إلى الظهور، وكنت قد وصلت إلى السنة الرابعة، فهل أعود القهقهرى سنوات إلى الوراء؟ راودتني الفكرة، لكن أحد مدرسينا الأجلاء كان الحكم الفيصل: اسمع يا بني: معظم كتاب الصحافة العربية ليسوا خريجي أقسام الصحافة، هم من المشتغلين بالآداب، ومن ثم إن الصحافة ثقافة وآداب واجتماع، ورسالتها نشر الوعي، ومن ثم لا بد من عمق فكري لمن يعمل بها، تابع دراستك، وثقف نفسك، لتكون قادراً على الكتابة».
ويتابع حسن: «تمضي سنوات جامعة تشرين، وتقودني اللهفة إلى دمشق كلية التربية، قريباً من مناهل الحرف والصحافة، تشدني مجلة الثقافة الأسبوعية للراحل مدحت عكاش، أكتب لها دراسة مطولة تحت عنوان: نديم محمد والجمر المتقد في شعره، تنشرها المجلة على حلقتين عام 1985م، ليزداد الطموح بالعمل في مؤسسة إعلامية، أحد الأقرباء توصى بي عند مدير عام مؤسسة صحيفة كبيرة. مضيفاً: هذا طالب دراسات عليا، يشفتر المدير إلى قسم التجليد، نعم إلى قسم التجليد، وما الضير بذلك؟ سأكون قرب الحرف، بمقدوري أن أوفر قليلاً من النقود لشراء المزيد من المجلات والكتب، وبعدها الخطوة الثانية، التواصل مع صفحة إبداع الشباب التي كان يشرف عليها الراحل جان ألكسان، تنشر لي مجموعة قطع هي أقرب إلى البوح والخواطر».
وأخيراً يقول: «لن نقول إن إعلامنا في أحسن أحواله، لكنه بالتأكيد ليس كما يحاولون وصفه، لدينا ما نعانيه، ولنا، ما لنا، وعلينا أيضاً ما علينا، ويكفينا فخراً أننا صوت وطني لم يبع، لم يهادن وليست الإثارة غايته، إنما الموضوعية، نحن إعلام وطن ودولة ورسالة، قبل أن نكون إعلام أي أحد، ولو لم يكن هذا الإعلام قد أدى شيئاً من رسالته ودوره لما تكالبت عليه القوى الخارجية، ولما وضعته نصب عدوانها، والغريب في الأمر أن البعض لا يكلف نفسه عناء متابعة الإعلام، وبعضهم يعتز أنه لم يشتر صحيفة منذ سنوات، ولكنه يطلق أحكامه، ومن باب أنه خبير إعلامي، والأكثر طرافة في الأمر أن الجميع كما يبدو يفهمون بالإعلام أكثر من الإعلاميين، ومع ذلك شكراً لكم، نحن أبناء الحياة، تقحمنا الموت وأطعمناه أقلامنا، لسنا على تخوم المقابر أبداً، وحبرنا، صوتنا، صورنا، من نبض الناس وللناس، ويكفينا ذلك».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن