ثقافة وفن

الدراما السورية تعود بقوة إلى الشاشات العربية … نحن بحاجة للعديد من القنوات السورية لصياغة دراما جديدة والاستغناء عن القنوات العربية

| سارة سلامة

ربما نستطيع الاستعانة بالمثل الشعبي الذي يقول إن (مصائب قوم عند قوم فوائد) فإن انحسار موجة الدراما التركية التي كانت تشكل مصدر اهتمام وجذب لمختلف القنوات والمشاهدين العرب، وأثرت من حيث ندري أو لا ندري في الأعمال السورية، وخاصة أنها كانت تبث بكثافة على القنوات العربية ويرافق ذلك رصد لآخر أعمال النجوم البارزين في تركيا، والإعلان الضخم الذي كان يرافق عرض تلك الأعمال، وشكل عزوف المحطات العربية عنها صدمة حقيقية على الكثير من الشركات التركية، والتي أرجعت الأمر إلى مواقف سياسية بين السعودية وتركيا.
حيث كانت البداية في العام 2008 وبعد مرحلة كانت يسيطر عليها الإنتاج المكسيكي لمدة عقدين من الزمن، عملت قنوات mbc، إلى جلب الدراما التركية للعالم العربي والتي حققت نجاحاً ملحوظاً من خلال عملي «نور» و«سنوات الضياع».

هذا النجاح الذي حققته تلك الأعمال كان كفيلاً بالتقرب أكثر من المجتمع التركي، للتعرّف على الثقافة الجديدة التي دخلت كل المنازل وأصبحت جزءاً حاضراً على المائدة العربية، وربما تعود أسباب نجاح هذه الظاهرة إلى عدة عوامل منها: (لغة السيناريو السهلة في فهم حيثيات القصص المتلفزة، والتي تعتمد على تصوير محترف، وإخراج جميل، ومناطق سياحية ساحرة، إضافة إلى انتظار النهايات المشوقة لقصص حب أسطورية).

نوافذ أخرى
الخسارات الكبيرة التي منيت بها الكثير من الشركات التركية جعلها تعول على جمهور المغرب العربي، بعد خسارة منطقة الخليج وقنواتها، وخاصة أن الكثير من المسلسلات التركية المدبلجة غزت قنوات عديدة في البلاد، ومن بين المسلسلات التركية الأكثر مشاهدة في المغرب «زمن الغدر» و«ثمن الحب».
وكذلك فإن مسلسل «سامحيني» الذي بلغ عدد حلقاته ما يزيد على 1480 حلقة، ما يزال يتصدر نسب المشاهدة في التلفزة المغربية، إذ تابعه ما يقارب 5 ملايين مشاهد، حسب آخر إحصاءات صادرة عن مؤسسة «ماروك ميتري» لقياس نسب المشاهدة.
كما أن هذا الأمر دفع الشركات التركية إلى الاتجاه نحو موقع «يوتيوب»، حيث تتم ترجمة الأعمال إلى العربية مباشرة بعد عرضها في تركيا، أما المحطات الخليجية فذهبت لتعويض النقص من خلال عرض مجموعة من المسلسلات المكسيكية والبرازيلية والمصرية واللبنانية كي تملأ الفراغ الذي طرأ عليها.

اندثار وتعثر
ومع هذا الاندثار الواضح للدراما التركية على الشاشات العربية عبر قرار اتخذ فيها نجد أن التركيز والاهتمام يعود مجدداً إلى الدراما العربية المصرية والسورية، ونرى هذه الدراما تلاقي من جديد منفذاً لها إلى القنوات العربية، ونلحظ عودة المشاهد العربي والسوري خصيصاً لمشاهدة أبرز الأعمال السورية التي تجعلنا نعيش حالات من حب وشغف إن كان في الكوميدي أو التاريخي أو التراجيدي وغيره.
هذه الفترة وبما تحمله من حساسية لدى المتابع السوري بعد حرب أتعبته وأنهكته نجده اليوم يعود ويبحث عن دراما قريبة منه تخرجه من حالة جفاء مرّ بها مع التلفزيون بشكل عام.
عودة للعصر الذهبي

هي عودة مشوقة للعصر الذهبي حيث نخطف أنفاسنا لنشاهد أجمل قصص الحب في «أهل الغرام»، ونضحك من قلبنا على مشهد كوميدي واحد قد يكون في «ضيعة ضايعة»، أو من «سلسلة النجوم» أو «المرايا»، وكذلك الاجتماعي والتاريخي كل هذه الباقة المنوعة السورية تركت مكانة خاصة نشحذها كسوريين كلما عصفت بنا معارك الحياة ونعود تدريجياً إلى قواعدنا وثوابتنا الأساسية.
وهذا العرض الذي نشهده اليوم على شاشاتنا السورية هو أشبه ما يكون بحملة فعلية تقوم بها عدة محطات سورية لتعود وتثبت نفسها مجدداً، وهي صرخة عالية تقول إننا ما زلنا الأقوى رغم كل الكبوات والهفوات وأن هذه الحرب لم تدمرنا بل سنبقى الأقوى بما نملكه من أدوات وباع طويل من الخبرة.

الحل هو محطات جديدة
بيد أن المشكلة الأساسية التي تعاني منها الدراما السورية هي قلة محطات العرض، فعندما أقلعت المحطات العربية عن عرض أعمالنا خُنقت درامانا وتعرضت للكثير من الظلم المجحف بحقها، لأن غيابها عن المشاهد العربي جعلها دراما مبعدة ومغيبة قسراً، على حساب إبراز الدراما التركية.
ونلاحظ اليوم في كل بيت سوري التركيز على المحطات السورية ومشاهدة الأعمال السورية، وعلى الرغم من أنه قد شاهدها لمرات عدة سابقاً، محاولاً إعادة أنسها من جديد.
وهذا ما يجعلنا نطالب اليوم مجدداً بأهمية أن يكون لدينا عدد لا بأس به من القنوات السورية حتى نعيد صياغة دراما جديدة معها ونستغني عن القنوات العربية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن