سورية

اقترح خطوات على الدولة لـ«تحرير» الكرد من رهاناتهم وارتهاناتهم … «مداد»: نهر الفرات أمسى «خط الصدع» الرئيس في الأزمة السورية

| الوطن

اعتبر «مركز دمشق للأبحاث والدراسات – مداد»، أن نهر الفرات، الذي كان «خطاً لتقسيم العمل» العسكريِّ والإستراتيجي بين روسيا والولايات المتحدة في سورية، أمسى «خط الصدع» الرئيس في الأزمة السورية، وقدم مجموعة من الخطوات التي من الممكن أن تفعلها الدولة السورية لـ«تحرير» الكرد من أسر رهاناتهم على الولايات المتحدة وارتهانهم بها، ورهاناتها هي عليهم.
وقالت الدراسة التي تلقت «الوطن» نسخة منها وجاءت تحت عنوان «مُزَاوَلةُ المُستَحيل! تحريرُ الكُردِ من الرِّهَانِ على الأميركيّ ومِن الارتهَانِ لَهُ»، وأعدها رئيس قسم الدراسات السياسية في المركز، عقيل محفوض: إن المشهد يزدادُ كثافةً وتعقيداً في منطقةِ شرقِ الفراتِ، كما لو أن «نهر الفرات»، الذي كان «خطاً لتقسيم العمل» العسكريِّ والإستراتيجي بين روسيا والولايات المتحدة في سورية، أمسى «خط الصدع» الرئيس في الأزمة السورية.
وتساءلت الدراسة عما إذا كان هدف «تحريرِ الكردِ» من الرّهانِ على الولايات المتحدة أو الارتهان لها نوعاً من «مزاولة للمستحيل» بالفعل؟، وهل يتعلّق الأمر بالكرد، أم إن الأمر يشمل شرق الفرات بمكوناته العرقية والإثنية والدينية وغيرها؟ ولماذا يبدو «الكرديُّ» مُستعدّاً للتحالف مع الشيطان –وقد فعل– من أجل كيانيّة مأمولةٍ أو متخيلةٍ في شرق الفرات باسم مُستحدَثٍ مُبْتَدَع هو «روج آفا»، مثلما فعل سوريون آخرون في غير منطقة أو مكان من سورية، في الجنوب تحالفوا مع الأردن والسعوديّة و«إسرائيل»، وفي الشمال مع تركيا، وأيّ سبيل ممكن لـ«تحرير» الكرد من رهاناتهم وارتهاناتهم؟
ورأت الدراسة، أن موقفَ الكردِ في الرّهانِ على الأميركيِّ، والارتهان له، إنما كان بتأثير مدارك تهديدٍ عاليةٍ كرديّة وعربيّة وتركيّة، بالإضافة إلى مدارك الفرصة السانحة، وأشارت إلى أن تطور الرهانات الإقليميّة والدوليّة في الأزمة السوريّة، دفع بهم تدريجيّاً، ليصبحوا أسرى رهاناتهم الأميركيّة والغربيّة، «وهم لا يستطيعون المواجهة من دون الأميركيين، لا مواجهة داعش ولا تركيا، ولا الجيش السوريّ، وربما وجدوا صعوبات في مواجهة خصومهم من كرد سورية أنفسهم».
وقدمت الدراسة مجموعة من الخطوات التي من الممكن أن يفعلها النظام السياسيُّ والدولة في دمشق لـ«تحرير» الكرد من أسر رهاناتهم على الولايات المتحدة وارتهانهم بها، ورهاناتها هي عليهم.
وتضمنت الخطوات أولاً: تحرير الفواعل الكرديّة من «ميتافيزيقا الدولة» أو «وهم الدولة»، أو حتى «مرض الدّولة»، وإنَّ الدّولة التعدديّة الديمقراطيّة يمكن أن تكون الحلّ الأفضل، إذا أمكن لنا أن نستذكر مقاربة الزعيم الكرديّ عبد اللـه أوجلان نفسه، وثانياً: الضغط بالورقة العربيّة، إذ يمثل العربُ نسبة كبيرة من السكان في منطقة الجزيرة، كما يمثلون القوام الرئيس لـ«قوات سورية الديمقراطية – قسد» التي يقودها كرد وأميركيون، وثالثاً: الانقساميّة الكرديّة، سواء أكانت بين كرد حزب «الاتحاد الديمقراطي» وكرد التنظيمات السياسية الأخرى، أم بين تيارات الإدارة الكرديّة نفسها، وداخل البنى القياديّة الكرديّة، بين قيادات سوريّة وأخرى من خارج سورية، ورابعاً: الخبرة التركية، وخامساً: الخبرة الإيرانيّة، مثل: ديناميات التغلغل والاختراق للبنى السياسية والعسكرية الراديكاليّة، والتأثير الانقساميّ والاحتوائيّ للعامل الدينيّ والمذهبيّ واللغويّ والتنمويّ، إلخ، وسادساً: تحريرهم من الارتهان للخارج، واتباع سياسات جاذبة من قبل النظام السياسيّ والدولة، وتعزيز الخط الوطنيّ السوريّ بين الفواعل الكرديّة والعربيّة في شرق الفرات، وإظهار أن العملَ وفق أجندة وطنية سوريّة يمكن أن يحقق للكرد وغير الكرد مكاسبَ متفقاً عليها، وقابلة للاستمرار، وأقل تكلفة، وسابعاً: سياسات المنوال، أي إعادة شرق الفرات إلى «حضن الدولة» على غرار الغوطة ودرعا والقنيطرة.
وأشارت الدراسة إلى أنه «يجب أن لا ننسى أن إقامة كيانية في شرق الفرات لم يكن حلماً كرديّاً محضاً تماماً، ثمة من أراد ذلك في الماضي، وهو فرنسا بالتوافق مع أولويات أميركيّة وصهيونيّة في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، عندما كانت محاولات إقامة كيانية كلدو-آشورية-عربية-كردية في منطقة الجزيرة، وكان آنذاك تفكير بأن تكون الجزيرة وطناً بديلاً للفلسطينيين أيضاً!».
وختمت الدراسة بالقول: تمثل منطقة الجزيرة أو ما يعرف بـ«شرق الفرات» أحد مصادر التهديد الرئيسة للنظام السياسيّ والدّولة في سورية، بما تتضمنه من موارد إستراتيجية وبنى اجتماعية وإثنية وعرقية وغيرها، وبما تمثله من اهتمام وأطماع أميركيّة وغربيّة وتركيّة وخليجيّة وإسرائيليّة، وإذا تركزت الجهود على استعادة تلك المنطقة إلى سيطرة الدولة السورية، فيُرجّح أن تمثل ذروة تجاذبات ومواجهات أخرى في الأزمة السورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن