عربي ودولي

احتجاجات متزايدة ضد سياسات ماكرون الاقتصادية والشرطة تفرقها بالغاز المسيل للدموع

| سانا - أ ف ب - روسيا اليوم

تشهد فرنسا حركة احتجاجية متزايدة للأسبوع الثاني على التوالي تنديداً بسياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاقتصادية التي أثارت غضب عشرات الآلاف من العمال والمتقاعدين وأدت إلى تفاقم المشكلات التي يواجهها بما فيها تراجع شعبيته بين الفرنسيين على نحو متسارع.
ويحتشد في ساحات باريس عشرات آلاف المتظاهرين في إطار ما بات يعرف بـ«احتجاجات السترات الصفراء» ضد ارتفاع تكاليف الوقود والسياسات الاقتصادية لحكومة ماكرون بما فيها الضرائب التي فرضتها العام الماضي على البنزين والديزل حيث يتوقع مشاركة عشرات الآلاف من المتظاهرين في باريس وحدها وسط إجراءات أمنية مشددة على حين قررت السلطات الفرنسية إغلاق برج إيفل ونشر آلاف من عناصر الشرطة.
واستخدمت الشرطة الفرنسية أمس الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق متظاهرين حاولوا اختراق طوق للشرطة في جادة شانزيليزيه في باريس في إطار قمعها للحركة الاحتجاجية على حين بدأ مئات الفرنسيين بالتدفق إلى ساحة الإيتوال ومدخل الشانزيليزيه وهم يهتفون بهتافات تطالب بـ«استقالة ماكرون».
وتمثل الاحتجاجات المتزايدة معضلة لـماكرون الذي أطلق كثيراً من الوعود والمبادرات منذ توليه الحكم في أيار عام 2017 لكنه لم يحقق إلا القليل من الإنجازات وحاول تصوير نفسه على أنه « بطل» في مواجهة تغير المناخ لكنه تعرض للسخرية لعدم تواصله مع الناس العاديين في وقت يواجه فيه معارضة كبيرة لسياساته وانخفاضاً حاداً في شعبيته إضافة إلى مشكلات كثيرة تحيط بإدارته. بدورها أعلنت الرئاسة الفرنسية أن رئيس الدولة سيطلق الثلاثاء القادم «توجيهات للانتقال البيئي»، مؤكداً أنه «تلقى رسالة المواطنين».
وقال عدد من كتاب الافتتاحيات: إن الهدف هو تجنب إحداث «شرخ» بين الفرنسيين. وكتب نيكولا شاربونو في صحيفة «لوباريزيان»: إن «الشرخ هو عندما لا نعود نصغي إلى بعضنا ولا نحترم بعضنا، وهذا هو أكبر خطر اليوم».
وحالياً يمكن لهذا التحرك أن يعتمد على دعم واسع من الفرنسيين. فقد كشف استطلاع للرأي أجراه معهد «بي في آ»، تأييد 72 بالمئة من الفرنسيين مطالب «السترات الصفراء» الغاضبين من زيادة رسم للبيئة أدى إلى ارتفاع أسعار المحروقات.
ومن جانبها نشرت الحكومة التي تريد تجنب أي فلتان بعد ما حدث في الأسبوع الأول من التعبئة (قتيلان و620 مدنيا و136 من أفراد قوات الأمن جرحى)، قوات حفظ النظام «بمستوى استثنائي». وهي تخشى خصوصاً تسلل «شبكات عنيفة من اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف».
وبدورها أعلنت شرطة باريس أمس أنها حشدت ثلاثة آلاف من أفراد القوات المتنقلة، وتحدثت عند الساعة 08.40 بتوقيت غرينتش عن «تجمعات متفرقة» في العاصمة.
وأعلن نحو 35 ألف شخص على «فيسبوك» استعدادهم للمشاركة في تجمع كبير في ساحة الكونكورد في باريس، لكن السلطات منعت هذا التجمع بسبب قرب الموقع من القصر الرئاسي.
وتؤكد الحركة أنها غير سياسية لكن عدداً من نواب المعارضة مهتمون بها. وبدورها اقترحت رئيسة حزب التجمع الوطني (يمين متطرف) مارين لوبن تنظيم تجمع في الشانزيليزيه، على حين توقع جان لوك ميلانشون زعيم كتلة حزب فرنسا المتمردة اليساري المتطرف في البرلمان «تعبئة هائلة».
وأغلق المتظاهرون الذين يرتدون السترات الصفراء على مدى أسبوع الطرق السريعة في جميع أنحاء فرنسا بحواجز محترقة وقوافل من الشاحنات بطيئة الحركة ما عرقل الوصول إلى مستودعات الوقود ومراكز التسوق وبعض المصانع.
وأدت التظاهرات التي شهدتها فرنسا منذ يوم السبت الماضي وشارك فيها أكثر من 300 ألف شخص إلى تراجع الإيرادات اليومية لتجار التجزئة بنسبة 35 بالمئة على حين امتدت الاحتجاجات إلى جزيرة (لا ريونيون) في المحيط الهندي حيث أضرم المتظاهرون النار في السيارات.
وتأتي الاحتجاجات الشعبية في وقت تواصل فيه شعبية ماكرون تراجعها في أوساط معظم الفرنسيين الذين يرون أنها تصب في مصلحة الشركات والأثرياء فقط دون أن تعالج المشكلات الرئيسية المطروحة في فرنسا على حين يرى مراقبون أنه يسير على خطا سلفه فرانسوا هولاند الذي سجل أدنى مستوى للشعبية وذلك نتيجة للفشل الذريع الذي واجهته سياساته على مختلف الصعد الداخلية والخارجية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن