ثقافة وفن

هاجس الواقع

| د. اسكندر لوقــا

كثيرون من علماء النفس ومنذ قديم الزمن، ينظرون إلى الواقع على أنه المجال الوحيد للحكم على الأشياء المرئية. وفي رأي البعض من هؤلاء أن الحقيقة المجرّدة تكمن فيما يسمونه «هو» وليس بالـ «أنا» وذلك من منطلق اليقين بأن الإنسان غالباً ما يختزن في أعماقه صوراً لما يشتهي أن يكون بين يديه، وأفكاراً لما يشتهي أن يترجم أمامه على أرض الواقع بكل تفاصيله.
في هذا السياق يندرج، عملياً، الشعور بألم الفشل الذي يحول دون تحقيق ما هو مختزن في الـ «هو»، ويبقى عالقاً في الذاكرة أمنية بأمل أن تتحقق ذات يوم آت. والأمنية، كما نعلم، حين تغدو هاجساً في عمر معين كعمر المراهقة تحديداً، حول امرأة، على سبيل المثال، قد تتجسد خيالاً لا بد أن يترك أثراً في قدرته على التركيز بما يعنيه حوله عملياً في حياته. وقد تغدو الأمنيات، بمختلف أشكالها، على غرار الأمنية التي تشغله حول المرأة التي تمناها ولا ينالها إلا في الخيال.
هذه الظاهرة قد تبدو ظاهرة طارئة في بعض الحالات ولا بد أن يزول أثرها، ولكنها، من حيث تبعاتها، لا بد أن تكوّن شعوراً باليأس أو الفشل وما يستتبع ذلك من نتائج قد تبدو كارثية في بعض الحالات أو الأوقات وصولاً إلى دفع المتألم من تداعيات اليأس أو الفشل إلى لحظة اختيار الهروب من الحياة جملة وتفصيلاً، وهنا يأتي دور التربية، سواء في سياق الإعلام المقروء أم المسموع أو المشاهد، للقول: إن كل ما هو على أرض الواقع قابل للتفسير سلباً أم إيجاباً.
إن الواقع الذي تتردد أصداؤه في النفس البشرية، بشكل مباشر أو غير مباشر من تبعاته أن يقود الإنسان، إلى ما يصبو إليه في حال كان واضح المعالم على غرار الدرب الخالي من العقبات أمام السائر عليه. ومن هنا أهمية جعل التربية، بكل أنواعها، مقصد المجتمعات الحريصة على بناء الإنسان فيها، بناء لا تشوبه شائبة ليكون على قدّ المسؤولية في عملية بناء ما حوله.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن