رياضة

بعد نتائج ناشئاتنا في آسيا … هل سيتابع اتحاد السلة في الاتجاه الصحيح؟

| مهند الحسني

تحدثنا منذ سنوات طويلة عن تدهور حال السلة الأنثوية، لكونها وصلت لطريق شبه مسدود في السنوات العشر الأخيرة، وكان اتحاد السلة لا يلبث أن يرفع بعد كل انتكاسة شعار تطوير اللعبة، وإعادة الحياة لشرايينها بعدما دخلت غرفة الإنعاش، وقد خسرت سلتنا الأنثوية أجيالاً مشرقة من اللاعبات اللواتي سطعن في سماء السلة العربية والقارية، وحققن نتائج لم تكن تخطر على البال، ومع غيابهن فقدت سلتنا الأنثوية بريقها في عهد هذا الاتحاد، وباتت كزهرة من زهرات الخريف لا لون ولا رائحة.

غياب الإستراتيجية
لم يكن دور الاتحاد الحالي قوياً في مجاراة هذا الواقع الصعب، وبدا غير قادر على وضع إستراتيجية واضحة المعالم لتطوير اللعبة نتيجة ظروف كثيرة، وما أثار قلقنا في تلك الفترة هو أن إستراتيجية الاتحاد بخصوص السلة الأنثوية تشبه كثيراً كمن لا يدرس جيداً أثناء العام الدراسي، فقرر عدم التقدم للامتحان، فضاعت عليه فرصة النجاح، والاطلاع على حقيقة مستواه على أرض الواقع.

حقائق
تعقدت أمور السلة الأنثوية في السنوات الأخيرة بعدما لمسنا على أرض الواقع خطوات غير واضحة، وضبابية للقائمين عليها، ووصل بها الأمر إلى أن انطفأ بريقها في أندية دون رجعة، وخفّ في أندية أخرى، ودخلت في نفق مظلم في باقي الأندية، وعلى سبيل أندية العاصمة، سلة نادي بردى بات حالها في السنوات السابقة كحال نهرنا العظيم التي جفت ينابيعه، وشهدت تراجعاً مخيفاً رغم وجود إمكانات مادية، وكذلك الحال عند سيدات قاسيون، فرغم وجود المال إلا أن اللعبة لم تتطور، ونادي الثورة خسر الكثير من اللاعبات منذ سنوات، ومع ذلك بقي يسير بالاتجاه الصحيح لكن اليد الواحدة لا تصفق، وحدها سلة الوحدة غردت بنتائج جيدة في آخر خمسة مواسم نتيجة تجميع الكثير من اللاعبات المتميزات بصفوفه، وفي نادي الجيش رغم وجود الإمكانات الكبيرة غير أن اللعبة تلاشت منذ سنوات من دون رجعة، واللعبة غائبة في محافظتي حمص وحماة، وقد تأثرت أندية الشهباء كثيراً لغياب جيل ذهبي عاصرها، فسلة الاتحاد شهدت تراجعاً كبيراً، ولم تتمكن من الدخول على خط المنافسة منذ سنوات، ونتائجها كانت مخيبة للآمال، وفي نادي سلة الجلاء خبا بريق اللعبة لكونها شهدت هجرة كبيرة باللاعبات المتميزات، وكذلك الحال في سلتي العروبة واليرموك اللتين شهدتا تراجعاً كبيراً في الآونة الأخيرة نتيجة الظروف الصعبة التي شهدتها الشهباء.

خطوة جديدة
بعد مضي أكثر من عام على تولي الاتحاد الحالي لمهامه شهدت السلة الأنثوية التفاتة حنونة منه، وبدأ في صب جل اهتماماته في مفاصل اللعبة فيها، على أمل إيجاد حل لأمراضها المستفحلة، وبالفعل كانت خطواته صحيحة، وشكل منتخباً حينها، وأقام معسكراً خارجياً لمدة عشرة أيام في بيلاروسيا، بعدما ثبت مشاركة المنتخب في البطولة العربية التي كانت ستقام في الدوحة حينها، لكن النجاح لم يكن حليف سلتنا الأنثوية، ومع بداية الأزمة التي عصفت بالبلاد صدر قرار عربي جائر بحرمان السلة السورية بالمشاركة في أي بطولة عربية، وما زال هذا القرار سارياً، بعد هذه النشوة لسلتنا اصطدمت بواقع مرير، وتم حل المنتخب، لكن اتحاد السلة لم يكل ولم يمل، وبدأ بالعمل على توسيع جماهيرية اللعبة في جميع المحافظات التي أسسها خلال مراكزه التدريبية التي افتتحها في أكثر من محافظة، وبعد مضي سنوات قليلة، بدأت ثمار عمل الاتحاد تظهر شيئاً فشيئا على أرض الواقع، فلمسنا نقلات ونوعية في أندية لم تكن تعرف شيئاً عن السلة الأنثوية، فظهرت سلة نادي الساحل، ونافست أقوى الفرق، وتطور مستوى سلة ناديي محردة، والسليمة، واتسعت رقعة اللعبة في محافظة السويداء، وعادت أندية الشهباء للعمل من جديد بوتيرة عالية، وها هي سلة العروبة تعود بقوة لحصد الألقاب على صعيد الفئات العمرية، وفي أندية العاصمة ظهر جيل جديد من اللاعبات في جميع الأندية يأتي في مقدمتها أندية الثورة، وأشرفية صحنايا، الفيحاء، وبدأت سلة بردى تشهد تطوراً ملحوظاً لكنها بحاجة للوقت الكافي حتى تنضج، الأمر الذي ساهم في ارتفاع مستوى الدوري، الذي باتت متابعته أفضل وأحلى وألذ من مباريات دوري الرجال في أدواره التمهيدية.

إشراقة
لن نكون مدّاحين لاتحاد السلة عن عبث، لكن يبدو أن محاولات العطارين هذه المرة نجحت في إصلاح ما أفسده الدهر بمفاصل سلتنا الأنثوية، بعدما كانت لنا بصمة مشرقة في مشاركتنا الأخيرة ببطولة آسيا للناشئات التي أقيمت في الهند، والتي أكدت أن السلة السورية تمتلك الكثير من المواهب والخامات فيما لو توفرت لها الرعاية الصحيحة، ورغم ضيق فترة تحضيرات المنتخب مقارنة بالمنتخبات الأخرى المشاركة، غير أنه أثبت جدارته، وعلو كعبه، وترك بصمة مشرقة لسلة السورية، وبدا لنا واضحاً أن هناك جيلاً مشرقاً من اللاعبات المتميزات سيقود سلتنا الأنثوية في المستقبل القريب، وستكون نتائجنا أفضل، وسوف ننسى ميزة الخروج المبكر من البطولات الذي بات عرفاً لجميع مشاركات منتخباتنا في السنوات العشر الأخيرة.

تأسيس
اتحاد السلة سيجد نفسه من جديد أمام اختبار صعب يكمن في البحث على سبل الكفيلة للتأسيس على هذه النتائج المشرقة، وندرك جميعاً أن الظروف الحالية لا يمكن أن تساعد كثيراً لكن هذا لا يمنع بأن نبدأ بالعمل، ووضع تصورات جديدة لمسابقات جديدة لفرق السيدات نجني من ورائها فائدة فنية كبيرة، ولا ضير العمل بهدوء وترو بإعداد المنتخب بلاعبات صغيرات وكادر فني مستقر، ولدينا من المدربين لمنتخبات السيدات الكثير، وهم قادرون على تحقيق قفزات نوعية بمفاصل اللعبة في حال توفرت لهم أبسط شروط العمل.
أيها السادة إذا أردنا منتخبات أنثوية متطورة، فلهذا الأمر شروط يجب أن تتوفر، وإذا رغبنا في بقاء سلتنا مشروع ندوات وشعارات فالوضع الحالي كاف لبقائها على حالها دون أي شيء جديد.
سلتنا الأنثوية بحاجة إلى خطوات جرئية وواضحة على أرض الواقع، بعيداً عن تشكيل لجان خلبية لا يمكن أن تأتي بأي شيء جديد، سوى الاجتماعات الكلامية المجانية لا أكثر، فهل بمقدر اتحاد السلة ضمان استمرارية خطواته السابقة، أم إنه سيكتفي بالوقوف على الأطلال بالتغني بنتائج المنتخب الأخيرة في بطولة آسيا، سؤال نترك الإجابة عليه للغيورين على سلتنا الأنثوية، فهل من مجيب؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن