ثقافة وفن

النساء وهوس الشراء … المرأة تجد في التسوق رفيقاً تفرّغ فيه ما يصيبها من قلق وتوتر وتعب نفسي

| وائل العدس

يعتبر هوس الشراء بمعدلات تزيد على حاجة الإنسان من المشاكل النفسية التي تنعكس بشكل خطير على الوضع المادي للمصاب بهذه المشكلة، وتزداد هذه الحالة في المواسم والاحتفالات العامة والمناسبات الخاصة مثل أعياد ميلاد الأسرة والأقارب.
الإنسان بطبعه يحب التفاخر والمباهاة، وهناك أشياء تشبع لديه هذا الشعور، منها الشراء والتسوق، ويشير معظم النساء إلى أن الذهاب للأسواق واقتناء السلع والمنتجات يغير حالتهن المزاجية إلى الأفضل، ويخلصهن من التوتر والاكتئاب، إلا أنه يمكن أن يصل إلى حد المرض لدى بعضهن، فيشترين أشياء لمجرد أنها أعجبتهن، حتى وإن لم يكن في حاجة لها، ولكن لمجرد تقليد المشاهير.
ويرجع المتخصصون في علم النفس، هوس شراء أشياء لا تستخدم، إلى عدة أسباب منها ما يتعلق بالتفكير الاجتماعي وأخرى بالتنشئة، كما وضعوا حلولاً عملية للتخلص من هذه الحالة التي يعتبرها البعض مَرضية إلى حد ما.
وقد أصبح الشراء النزوي عادة استهلاكية وظاهرة سلوكية لدى كثير من الناس نتيجة لحدوثها باستمرار خاصة بعد انتشار المتاجر الكبرى ومحال الماركات التي تجذب المتسوقين بشكلها وطرق عرضها لسلعها، وحسب بعض الدراسات فإن 60 بالمئة من قراراتنا الشرائية نزوية.

المرأة أكثر ولعاً
يبدو أن الإصابة بهوس الشراء ينصب بشكل أكبر على المرأة، وهذا ما أوضحته إحدى الدراسات التي قالت إن المرأة تتعرض لإغراء الشراء والتسوق أكثر من الرجل، لأنها تجد في ذلك فرصة للتنفيس عن الضغوط والمشاكل التي تنجم من خلال علاقتها بشريكها المشغول عنها دائماً بعمله في النهار وأصدقائه والتلفزيون والكومبيوتر في الليل. فتجد في السوق والتسوق رفيقاً تفرّغ فيه ما يصيبها من قلق وتوتر وتعب نفسي.
كما أكدت دراسة أخرى حقيقة الدراسة السابقة المتعلقة في أن المرأة مغرمة بالشراء أكثر من الرجل، وبحسب هذه الدراسة فإن 80 بالمئة من الإعلانات التلفزيونية موجهة للمرأة لأنها صاحبة قرار الشراء في الأسرة، ولأنها على عكس الرجل، تنقاد بسرعة أمام بريق الإعلان. والفرق بين الرجل والمرأة في ذلك أن الرجل بعد الزواج يشعر بأنه ليس مضطراً إلى الإسراف، بل إلى الادخار للأسرة وللمستقبل، على حين تشعر المرأة أن من أولوياتها الاستمرار في الإنفاق على نفسها ومظهرها لتحافظ على صورتها الجميلة في عيني زوجها، وهذه فكرة تتوارثها الفتاة وتتربى عليها. ومن هنا ترى أن التسوق وسيلتها الوحيدة، للاحتفاظ بقلب رجلها، إضافة إلى أن شعور المرأة بالوحدة والفراغ يعزز هذه الرغبة لديها.

المرأة المهووسة
إن النساء المهووسات بالشراء حالة تحصى بأكثر من نصف سكان العالم، منهن لديهن حالة غرام شديدة بالتسوق لا تختلف عن أي غرام وهوس وإدمان أي شي آخر ممكن أن يصاب به الإنسان، بعضهن يكون الأمر يومياً في حياتهن.
إن المرأة المهووسة بالشراء تقوم به حتى تحصل على إشباعات لمشاعرها الواعية وغير الواعية، فساعة تسوق قد تعالجها من الملل الذي ترى أنه يكاد يودي بحياتها، وفستان جديد يرفع روحها المعنوية، وحذاء يكون علاجاً لمشكلة الثقافة بالنفس عندها.
إنها تشعر بصعود في النشوة والسعادة، وتجد في الشراء طريقة للتخلص من مشاعر مؤلمة ومشكلات صعبة وأفكار غير مرغوبة تلح عليهن أو هرباً من كابوس الفراغ والكآبة والقلق والغضب ورفض الآخرين لهن.

التباهي والمفاخرة
هناك كثير من السيدات يذهبن لشراء مستحضرات التجميل باهظة الثمن لمجرد التقليد، نظراً لأنها شاهدت إحدى عارضات الأزياء الشهيرات، أو على مواقع التواصل الاجتماعي، يستخدمن ماركة عالمية معينة لتتفاخر بين صديقاتها أنها اقتنت ما استخدمته تلك العارضة المشهورة، وهذا التقليد الأعمى يرضي غرورها.
وكثيرات يسرن وفق مبدأ (اصرف ما في الجيب يأتك ما في الغيب)، بل إن بعض النساء يقترضن لشراء أشياء ليست أساسية لكي تتباهى وتتفاخر بها، ففكرة الرفاهية أصبحت مهمة لدى الكثير، وفي بعض الأوقات تكون ذات أهمية أكبر عن الأساسيات. ولا يقتصر ذلك على النساء فقط بل أصبح الرجال أيضاً يفضلون التسوق وحب المظاهر والمغالاة في شراء المقتنيات، وأصبح الادخار والإنفاق فيما يلزم فقط مفهوماً غائباً عن الأذهان، وحل مكانهما التفكير بشكل وقتي وعدم التحسب للمستقبل.
ويتبع الإنسان سلوكيات معينة لإشباع أشياء محددة، منها أنه يلجأ للشراء بلا هدف من أجل كسر الروتين، وهذه العملية تساعده على التنفيس الانفعالي، والمرأة بشكل عام تشعر بالراحة النفسية بعد الذهاب للتسوق، لتفريغ الشحنات السلبية، والتسوق يزيدها ثقة بالنفس، فتلجأ للتسوق بلا هدف، واقتناء أشياء ليست بحاجة لها، نتيجة بعض الأفكار في البيئة المحيطة مثل التفاخر والتباهي، ولمجرد التقليد لتشعر بأنها ليست دون المستوى، وكل هذه الأفكار تؤدي إلى الشراء غير المقنن، وهذه الأفكار يصدقها العقل وينفذها السلوك، فضلاً عن أن هناك أسباباً ترجع للطفولة نتيجة للحرمان غير المبرر أو الزواج من شخص بخيل، وحين تباح الفرصة للشخص في الإنفاق يصبح شخصية انتقامية في الشراء، حتى يعوض النقص الذي عاناه في فترات حياته المختلفة.
ولذلك فإن الشخصية التي تقتني الأشياء بلا هدف وبلا داع، لم تنضج بعد من الجانب الاقتصادي المالي، وغير قادرة على التخطيط.

شخصيتك وظروفك الحالية
إن النساء المصابات بهوس الشراء لسن نموذج المرأة الفارغة التي ليس عندها شيء تعمله، بل إن الأغلبية هي نموذج المرأة التي عليها مسؤوليات، وتفكيرها مشغول بهموم كثيرة حولها، وليس عندها وقت أو ليس عندها شجاعة حتى تواجه احتياجاتها الرئيسية.
كل الذي تشعر به هذه المرأة المرهقة أنها تحتاج إلى شيء حتى يريحها، وتجد في هذا التسوق هذا الشيء.
إن المرأة التي تسعى إلى تسوق يريحها، قد تكون عاملة أو ربة منزل، لكنها لا تتواجه مع الضغوط الحاصلة بشجاعة وتدرس الاحتياجات الرئيسية عندها.
هناك بعض النساء أمام الضغوط يأكلن وينظفن البيت، وهناك من تذهب وتتسوق، وهذه المرأة تجد أن هذا وإن كان ظاهرياً حقيقة، مكافأة أفضل لنفسها من أذية نفسها بالسمنة أو بتنظيف البيت.
البحث عن الإثارة
النساء بفطرة التكوين يردن إثارة، والتسوق يحقق هذه الإثارة، فقط اسمع النساء حيت يتحدثن عن السوق والتنزيلات وعن بضاعة جديدة أو شيء اشترينه، يتحدثن بحماسة، والمتجاوبات يتفاعلن بحماسة أيضاً.
إن رغبة الإثارة شيء موجود في فطرة المرأة، والسوق يوفر ويغذي هذه الإثارة.

إبداعك المهمل
المرأة مخلوق فيه استعداد للإبداع، والإبداع والتجديد والابتكار أشياء مهمة في شخصية المرأة، وتصر على أن تظهر.
إن هوس التسوق والبحث عن شيء خاص ومختلف وجديد هو تعويض عن حاجة إبداع داخلها ولا تعوضها أو لم تسأل نفسها عنها، ووجدت دراسات أنه بمجرد أن تضع للمرأة عملاً إبداعياً من صنع يدها أو تجعلها تكتشف مواهبها وقدراتها، يخف ويختفي عندها مرض وهوس الشراء.
إن الرجل مخه يحلل وميكانيكي، والمرأة إبداعية، لذا فهي إن كانت تعمل أو من دون عمل فعليها أن تبحث عن إبداع تقوم به وإلا كان مصيرها التسوق الهوسي.

نصائح للمهووسين بالشراء
– على الرجال المصابين بهوس الشراء تجنب إعلانات الإلكترونيات والسيارات والأدوات المنزلية؛ حيث تمثل هذه السلع الأكثر إغراءً لهم.
– على السيدات المصابات بهوس الشراء تجنب إعلانات الملابس والأحذية والمجوهرات وأدوات التجميل؛ حيث تمثل هذه السلع الأكثر إغراءً لهن.
– على المصابين بهوس الشراء تجنب نزول السوق في موسم التخفيضات بشكل نهائي؛ حيث تمثل التخفيضات عامل جذب لهم.
– ينصح المصابون بهوس الشراء بعدم الذهاب للسوق بمفردهم؛ حيث إن اصطحاب أحد الأصدقاء أو أفراد الأسرة يقلل من معدل الشراء، بشرط ألا يكون هذا الشخص مصاباً أيضاً بهوس الشراء.
– يجب على المصاب بهوس الشراء عدم وضع كميات كبيرة من النقود في محفظته؛ حيث ينتهي به الحال غالباً لصرف كامل النقود في أول زيارة للسوق.
– يجب على المصاب بهوس الشراء الانتباه لإغراء شراء كمية كبيرة من سلع رخيصة بحجة وجود تخفيضات.
– تجنب مشاهدة الإعلانات الاستهلاكية لفترات طويلة، لما لها من تأثير محفز بشدة للشراء غير العقلاني.
– ينصح المصاب بهوس الشراء بالاحتفاظ بالفواتير وكتابة يوميات عن السلع التي اشتراها أثناء التسوق؛ حيث يساعده ذلك على الإحساس بحجم المشكلة.
– ينصح مصاب هوس الشراء بوضع قائمة باحتياجاته قبل الذهاب للسوق، وعدم شراء أي سلعة خارج هذه القائمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن