ثقافة وفن

الثقافة خارج حدود المكان

| د. اسكندر لوقـا

كذلك هي الثقافة خارج حدود الزمن. إنها ملك الحياة وكل أبعادها. ولا عائق أمامها سوى تخطي هذه الحقيقة من المعنيين بها، وذلك بغض النظر عن مواقعهم في داخل مجتمعاتهم ومكانتها بين المجتمعات المحيطة بها أو البعيدة عنها.
الثقافة هي الزاد الذي يحتاجه كل مواطن في بلده، إن هو أراد أن يتفاعل مع متطلباته ليكون بلداً معافى من كل ما يحد من تطلعاته نحو مسار التقدم والرقي. ومن هنا تم افتتاح مركز ثقافي في سجن حمص المركزي مؤخراً بمناسبة يوم الثقافة، كان صداه في الوسط الثقافي تحديداً.
ومعلوم لدينا أن الثقافة كما البذرة الصالحة للنمو تتكاثر في أرضها وتزداد انتشاراً على سطحها، كذلك هي الثقافة تزداد انتشاراً وبمقدار ما تلقى رعاية تؤكد وجودها في المجتمع الذي تنتمي إليه لتكون حاجة لا يمكن الاستغناء عنها بغض النظر عن المكان سواء أكان منزلاً أم معتقلاً، ومن هنا أهمية أن يكون السجن مكاناً لإشاعة روح المعرفة بين نزلائه وخصوصاً في زمن انتشار أبعادها عبر وسائل الانتشار المختلفة ومنها وسائل الانتشار المرئية في الوقت الراهن.
قد لا يكون الهدف من افتتاح مركز ثقافي هو إثبات حضور المؤسسة المعنية بالثقافة في يوم محدد وفي مكان محدد وليس أكثر من ذلك، بيد أن الواقع الذي يجسده القيام بمثل هذا الإجراء في أي وقت وفي هذا اليوم، يوم الثقافة بالذات يؤكد القناعة لدى العاملين في سياق هذا المجال بأن الثقافة باتت ضرورة لتقويم سلوك البعض ممن سبق أن ضللوا ووقعوا في براثن الخطيئة، مختارين أو مسيّرين، فكانت الثقافة الباب الواسع الذي يمكن أن يقودهم، مع مرور الوقت ووعي المشكلات الاجتماعية إلى سبيل خلاصهم إلى عالم خال من الأخطاء وارتكاب الخطايا، وما يجعل البعض من الناس بحاجة إلى إعادة ترميم ما أتلفه المرض النفسي لسبب أو لآخر، وبحكم الظروف القاهرة في بعض الأحيان.
إن تضافر جهود المعنيين بافتتاح المركز الثقافي في حمص، الذي يعد المركز الثاني في هذا السياق بعد المركز الثقافي في سجن عدرا، يعد مثلاً يمكن أن يؤخذ بالحسبان استطاعت وزارتا الثقافة والداخلية أن تجعلاه خطوة عملية في سياق محاولة دمج نزلاء السجون بالحياة الاجتماعية والثقافية بالفعل لا بالقول.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن