قضايا وآراء

كرة الثلج تتدحرج في بحر آزوف

| رزوق الغاوي

محاولة واشنطن في خلق مشكلة معقدة بين موسكو وكييف بالعزف على الوتر المذهبي بفصل الكنيسة الأرثوذكسية عن البطريركية الروسية، كان يُرادُ لها أن تتطور إلى حرب أهلية في الساحة الأوكرانية تستغلها الإدارة الأميركية للتدخل عسكرياً، لكن واشنطن أخفقت فذهبت إدارة ترامب باتجاه محاولة أُخرى مختلفة نوعياً، عبر دفع السلطة الأوكرانية لاتخاذ إجراء عسكري استفزازي تمثل بتخطي ثلاث قطع حربية أوكرانية المياه الإقليمية الروسية في بحر آزوف، أنتج رد فعلِ روسيّاً باحتجاز تلك القطع والبحارة العاملين فيها.
حتى الآن يبدو أن واشنطن ماضية في رفع مستوى التوتر في العلاقات الروسية الأوكرانية ودفعه باتجاه تصعيدٍ للوضع في تلك المنطقة يلقي بظلاله الخطيرة عليها وعلى السلم في القارة الأوروبية من خلال التمادي الأميركي في تصعيد لهجتها تجاه موسكو ودعم كييف وتوريطها في صدام مسلح مع موسكو، ما دفع الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو للاستعانة بحلف شمال الأطلسي بإرسال قطع حربية أطلسية إلى بحر آزوف لمواجهة موسكو، الأمر الذي استدعى في المقابل من الجانب الروسي اتخاذ إجراءات وقائية من أي خطوات مفاجئة قد يُقدم عليها بوروشنكو بأمر عمليات من الرئيس الأميركي، أهمها إرسال دفعة من الجيل الرابع من صواريخ إس 400 تنضم إلى الأجيال الثلاثة من صواريخ إس 400 إلى منطقة التوتر تعزيزاً للقوات الروسية في شبه جزيرة القرم، ونصبها في موقع قتالي لحماية المجال الجوي للاتحاد الروسي.
حالة التصعيد الأميركي الأوكراني والرد الروسي الوقائي عليها، أوقع الاتحاد الأوروبي في مأزق اتخاذ موقف صريح من تطور الأحداث تحسباً من استفزاز واشنطن، لكنه عارض في مبادرة خجولة مطلب الرئيس بوروشنكو بتدخل حلف شمال الأطلسي العسكري، بحيث يساير موسكو من جهة، وفي الوقت ذاته لا يُغضب واشنطن ولا يستفزها، في محاولة أوروبية للتهدئة واحتواء التوتر بين الجانبين ونزع فتيل التصعيد الأميركي الأوكراني، فيما رأت موسكو أن الأزمة ستستمر مع استمرار بقاء أوكرانيا واقعة تحت السلطة الحالية، محذرة كييف من مغبة اتخاذ أي مواقف متهورة، ومؤكدة أن الإجراءات الروسية الوقائية المقابلة تتطابق مع القانون الدولي.
غير أن إقدام كييف على تنفيذ تدريبات تكتيكية لقواتها المسلحة قبالة ساحل آزوف وإعلان الناتو قيام سفنه الحربية بمناورات ودوريات روتينية في مياه البحر الأسود يشيران إلى نية أميركية مبيتة لدفع تلك المنطقة نحو ما لا تحمد عقباه بالتوازي مع إقدام كييف على إلغاء أكثر من أربعين اتفاقية موقعة مع موسكو على الرغم من مخاوف بعض دول الاتحاد الأوروبي من انفلات الأوضاع فيها، وفقدان السيطرة على ضبط الأمور وانعدام القدرة على لملمتها.
حيال ذلك ترى موسكو أن ما يحدث داخل أوكرانيا من شأنه أن يثير القلق والخشية من أن تتطور الأوضاع فيه وتمضي نحو المواجهة، ما يستدعي لفت نظر الأمم المتحدة والمنظمات الأوروبية إلى خطر استخدام السيناريو العسكري وتحذير الغرب من الخطر العالي من ذهاب الرئيس الأوكراني باتجاه جر بلاده إلى مغامرة جديدة وهستيريا عسكرية قد تؤدي إلى تداعيات كارثية بالنسبة إلى أوكرانيا والأمن الأوروبي قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في أوكرانيا ما يعني في النتيجة تطور الأزمة وتحولها من طابعها السياسي إلى الحرب المفتوحة.
فهل ستتدحرج كرة الثلج في بحر آزوف ومضيق كيرتش والبحر الأسود وتؤدي إلى صدام عسكري.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن