شؤون محلية

باختصار

| د. منير الجبّان

محافظ جديد للعاصمة المهندس عادل أنور العلبي الذي كان حتى الأمس رئيساً لمجلس محافظة دمشق، ليس في الخبر من جديد فمحافظ يذهب ومحافظ يجيء لكنه هذه المرّة يشير إلى توجه لافت في التعامل مع هذه المناصب على أساس الاختيار الشعبي ألا ترونه كذلك، فالمهندس العلبي كان قد انتخب منذ أكثر من عقد من الزمن عضواً في مجلس محافظة دمشق ورئيساً لمجلس المحافظة، وشغل قبلها منصب نائب المحافظ وبصفته التمثيلية أيضاً كعضو منتخب في مجلس المحافظة، واليوم محافظ العاصمة الجديد تسبقه خبرة واسعة تمرس خلالها بكل شؤون المحافظة وشجونها، واستوعب إلى حد كبير آلية العمل في هذه المؤسسة الكبرى، وهي أشبه بحكومة مصغرة للمحافظة يقود المحافظ مكتبها التنفيذي المنتخب من بين أعضاء مجلس المحافظة المنتخب من سكان المحافظة وعضو المكتب التنفيذي هو بمنزلة وزير في القطاع الذي يقوده إلى جانب سلطة تشريعية هي برلمان مصغّر للمحافظة، يمثله مجلس المحافظة المنتخب مباشرة من سكان المحافظة، وكل عضو فيه هو بمنزلة نائب عن سكان المنطقة التي انتخب فيها.
وبالمجمل نرى أن المحافظة بجناحيها التنفيذي والتشريعي وعلى رأس الأول المحافظ وأعضاء المكتب التنفيذي، والثاني رئيس مجلس المحافظة وأعضاء المجلس هم جميعاً منتخبون انتخاباً مباشراً من سكان المحافظة.
باختصار، فإن هذه المؤسسة تمثل سكان محافظة دمشق بالانتخاب المباشر وهم من جاؤوا بجناحيها التنفيذي والتشريعي بإرادة مباشرة منهم، فإذا كان المحافظ الجديد أيضاً هو في الأصل عضو في مجلس المحافظة المنتخب ورئيس لمجلسها المنتخب فهو أيضاً محافظ منتخب وهو قرار صائب حكيم ليس فقط في حال المحافظ الجديد المهندس عادل العلبي فقط لكونه يجسّد إلى حد التكامل شخصية الشخص المناسب في المكان المناسب، بل هو صورة غير مسبوقة عن ديمقراطية حقيقية ترفع رأسها عالياً بين ديمقراطيات العالم وما أقلها ديمقراطية حقيقية فعلية من ألفها إلى يائها، تقدمها هذه المؤسسة التي تقود أقدم مدينة مأهولة على وجه الأرض وأعرق وأجمل وأكمل مدن الدنيا، هكذا هي لنا ولكل من قرأ أبجدية الحضارة الإنسانية ماضياً وحاضراً، ولكل من سيقرؤها مستقبلاً، وفي أسلوب إدارتها تقدم سورية إلى العالم أنموذجاً حقيقياً عن ديمقراطية بأكمل صورها، ديمقراطية الوجود وليس الوهم والفعل وليس الادعاء، ديمقراطية يدّعونها ظاهراً ويغتالونها باطناً.
ولعلنا نؤكد أكثر وأكثر أنه طريقنا الذي اخترناه وليس شعارات تُرفع ومقولات يُروج لها، فالشخص المناسب في المكان المناسب هي أنصع صور الديمقراطية بأزهى أشكالها نابعة منا عريقة فينا، والتمثيل الشعبي نمارسه إرادة مطلقة حاضرة فينا تعبّر عنها إرادة محلية لا طارئة علينا ولاعابرة للقارات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن