عربي ودولي

31 ألف متظاهر في أنحاء فرنسا وسكان العاصمة يتضامنون معهم … الشرطة تفرق متظاهري «السترات الصفراء» في باريس بالقنابل والمدرعات

| روسيا اليوم- ا ف ب- سانا

لأول مرة منذ اندلاع حركة «سترات الصفراء» في فرنسا أدخلت الشرطة أمس المدرعات لوقف الاحتجاجات وسط العاصمة باريس. فيما يتوجس الكثير من المراقبين لاحتدام الوضع في فرنسا واشتداد المواجهات.
وأكدت الشرطة الفرنسية إصابة 30 شخصاً بينهم 3 شرطيين خلال احتجاجات «السترات الصفراء» في شوارع باريس أمس، حيث استخدمت خراطيم المياه والقنابل الصوتية وقنابل الغاز المسيل للدموع ضد عناصر «السترات»، ما تسبب بوقوع حالات إغماء في صفوفهم. بالمقابل، قذف المحتجون أفراد الشرطة بحجارة الأرصفة. وطالب أصحاب «السترات الصفراء» باستقالة الرئيس إيمانويل ماكرون، ورفع بعضهم لافتات تدعو إلى خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، وذلك خلال موجة احتجاجات جديدة انطلقت أمس في أنحاء فرنسا.
وبدوره أعلن رئيس الوزراء إدوار فيليب أنه تم نشر نحو 89 ألف عنصر شرطة في أنحاء البلاد بينهم 8000 في باريس، حيث تم نشر عشرات العربات المدرعة لأول مرة منذ عقود.
ومن جهته قال وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير إن «الأسابيع الثلاثة الأخيرة شهدت ولادة وحش خرج عن السيطرة» متعهداً أن السلطات الفرنسية «لن تتهاون» مع الأشخاص الذين يحاولون التسبب بمزيد من الفوضى.
على حين قدرت وزارة الداخلية الفرنسية عدد المشاركين في احتجاجات أمس في باريس بأكثر من 8 آلاف، مؤكدة توقيف قرابة 700 شخص من عناصر «السترات» من أصل 31 ألف محتج في أنحاء البلاد.
كما أغلقت السلطات الفرنسية برج إيفل والمعالم السياحية والمتاجر في باريس لتجنب أعمال النهب، وأزالت مقاعد الشوارع لتجنب استخدام القضبان المعدنية.
إلى ذلك تضامن سكان العاصمة الفرنسية مع الحركة الاحتجاجية حيث نشروا آلاف «السترات الصفراء» على شرفات منازلهم بدلاً من الغسيل، فيما عبر تجار العاصمة عن خشيتهم من أن تؤدي هذه الاحتجاجات إلى خسائر فادحة في قطاعهم جراء إغلاق محالهم وتعرضها في بعض الأحيان إلى التخريب. وهزت فرنسا أعمال عنف وقعت نهاية الأسبوع الماضي وشهدت إحراق مئتي سيارة وتخريب قوس النصر وزجّت بحكومة ماكرون في أسوأ أزمة تواجهها حتى الآن.
وليل الجمعة، التقى فيليب وفداً من مجموعة وصفت نفسها بـ«المعتدلة» ضمن حركة «السترات الصفراء»، وقال أحد المتحدثين باسم الحركة كريستوف شالينسون إن رئيس الوزراء «استمع إلينا ووعد برفع مطالبنا إلى رئيس الجمهورية. الآن نحن ننتظر ماكرون». وعبر عن أمله في أن يتحدث الرئيس «إلى الشعب الفرنسي كأب، بحب واحترام، وأن يتّخذ قرارات قويّة».
بدورها، ترصد الحكومات الأجنبية الأوضاع عن كثب في إحدى مدن العالم الأكثر رواجاً في أوساط السياح.
وأصدرت السفارة الأميركية تحذيراً لمواطنيها في باريس داعية إياهم إلى «تفادي الظهور وتجنب التجمعات»، فيما حضت الحكومات البلجيكية والبرتغالية والتشيكية مواطنيها الذين ينوون التوجه إلى باريس على تأجيل سفرهم.
وكانت الاحتجاجات قد اندلعت في تشرين الثاني بسبب ضرائب الوقود التي أثقلت كاهل الفرنسيين وتحولت المظاهرات إلى تمرد واسع يتخلله العنف في بعض الأحيان، فيما لا يوجد زعيم رسمي لحركة الاحتجاج مما يجعل من الصعب على السلطات التعامل معها.
واتسع الحراك فخرجت تظاهرات في عشرات المدارس للاعتراض على إصلاحات تتعلق بدخول الجامعات في حين دعا مزارعون إلى تظاهرات الأسبوع المقبل.
وفي مسعى للاستفادة من التحرك، دعت نقابة «سي جي تي» إلى إضرابات في صفوف عمال السكك الحديد والمترو الجمعة المقبل للمطالبة بزيادة فورية للرواتب والمعاشات التقاعدية.
ويعارض المحتجون سياسات ماكرون الذي أدلى بسلسلة من التصريحات اعتبرت مجحفة بحق العمال العاديين، ما دفع الكثيرين إلى أن يطلقوا عليه لقب «رئيس الأغنياء».
وكان الرئيس تعهد مواصلة مسعاه لإحداث تغييرات عميقة في الاقتصاد الفرنسي وعدم الانصياع إلى التظاهرات الشعبية الواسعة التي أذعن لها رؤساء سابقون.
لكن التراجع عن زيادة ضرائب الوقود التي يفترض أن تمضي بفرنسا في مسار التحول إلى اقتصاد صديق للبيئة، يعد هزيمة أساسية بالنسبة للرئيس الوسطي.
وهذه أكبر أزمة تواجه الرئيس الفرنسي منذ انتخابه قبل 18 شهراً، إذ يتعرض للضغوط فيما تحاول إدارته استعادة زمام المبادرة بعد ثلاثة أسابيع من الاضطرابات الأسوأ في فرنسا منذ الثورة الطلابية عام 1968.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن