من دفتر الوطن

أحلام حسب الطلب!

| عصام داري

أيقظتني ماجدة الرومي من شرودي على صوتها الرائع وهي تغني:
«أنا عم بحلم.. ليل نهار بالورد المليان زرار» فسألت نفسي: ترى هل أستطيع أن أجعل أحلامي حلوة ومريحة تخفف عني «البلاوي!» التي تصادفني على مدى نهار طويل؟
اتضح لي أن الواحد منا قادر على الاحتيال على الأحلام بخدع بسيطة تجعله يشعر بالسعادة والفرح وهو يتابع أحلامه التي تشبه فيلماً قصيراً، لا تحتاج إلا إلى رشة من عطرك المفضل على مخدتك حتى تحلم ببساتين ورد، فتتذكر أغنية فؤاد غازي، أو تجعل مروحة صغيرة ترسل نسيمات خفيفة حتى تشعر بأنك في أحضان الطبيعة تنطلق كفراشة، وهكذا.
استناداً إلى هذه المعلومة القيمة أتبرع بتقديم نصائح لفقراء بلدي، وكلنا فقراء، ليتمتعوا بأحلامهم بعد أن صادرت الظروف الصعبة، والأزمة والكثير من السياسات الارتجالية والمتهورة ما كانوا يعيشونه منذ سنوات!
أول نصيحة للجياع الذين كادوا ينسون كلمة «لحمة» فأقول لهم: اذهبوا إلى مطاعمنا العامرة والمكتظة بالزبائن من فئة خمسة نجوم، وخذوا معكم محارم من قماش، أو من ورق، وتسللوا خلسة إلى المطبخ، ستجدون الأطباق (الصحون) التي تحتوي على بقايا اللحم المشوي والكباب، غمسوا محارمكم في هذا الدسم، وقبل أن تنسحبوا متعوا أبصاركم بالزبائن الذين يتناولون طعامهم نيابة عنكم، وفي الليل ضعوا المحارم على مخداتكم، وأعدكم أنكم ستشاهدون أحلاماً وردية، عفواً لحمية وبالألوان، وستتصورون أنفسكم زبائن المطعم الذي سرقتم منه رائحة اللحمة!
ولأنني واثق أن اللحم لم يدخل إلى بيوتكم منذ سنوات، إلا ما ندر، ستشعرون أن الحلم يكفي لتعتبروا أنفسكم على قيد الحياة، وأنكم تعرفون طريقة تناول اللحوم مثل البشر!
أما من لا يستطع شراء قميص أو حذاء أو قطعة ملابس تستر فقره وعورته وعيوبه، فعليه التوجه من دون تأخير إلى الأسواق ومشاهدة أفخم الملابس التي يساوي ثمنها أضعاف رواتب الموظفين، وأن يلتقط صوراً لهذه الملابس ويعود إلى البيت وهو لا يفكر إلا بالملابس، ويحرص على أن يكون تركيزه على هذا الموضوع، ويكرر بينه وبين نفسه جملة واحدة: «سأرى الملابس في المنام»، شريطة أن تضعوا الصور بالقرب من المخدة، وستجدون أنكم قادرون فعلاً على تحقيق هذا الحلم، وكلامي هذا يستند إلى ما توصل إليه علم النفس في توجيه الأحلام.
وعلى هذه القاعدة تستطيعون أن تصنعوا أحلامكم في كل شؤون حياتكم أي (أحلام حسب الطلب والتفصيل) وستشعرون أن حياتكم تغيرت نحو الأفضل، في الحلم طبعاً!
في عام 1977 كتب الأديب السوري الكبير زكريا تامر حلماً كابوسياً شاهده فطلب من صديقه تفسير ما رأى وكانت هذه الإجابة بالحرف الواحد:
«قال لي إن مالك البيت الذي أسكنه سيطلب مني إخلاءه وسيحالفه الفوز، فطغى علي الرعب والحزن إلى حد أني تحولت إلى ذبابة، ولكن رعبي وحزني تلاشيا حين تنبهت لما في حياة الذبابة من مسرات، فهي لا تعاني أزمة سكن، ولا تشتغل بأجر ضئيل، وتتمتع بحريتها كاملة».
أرجوكم أن تحلموا بأشياء حلوة، فقد تصلون إذا تجاهلتم نصيحتي إلى المرحلة التي يصبح حلم التحول إلى ذبابة، حلماً بعيد المنال!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن