دي ميستورا.. فوضى النزاع
مازن بلال
ضمن مقاربة بين ما حدث في جنيف والرياض؛ فإن العملية السياسية السورية تقف عند تحديد «مبادئ التسوية»، فالتشدد الخليجي يسير على هامش عملية سياسية متعثرة للأزمة السورية، وضمن احتمالات تحولات العلاقات الإقليمية في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي الإيراني، على حين ينتقل التحرك الدولي لتجميع مسارات التفاوض، ومن الواضح أن تحرك السعودية اليوم لا يعتمد على دعم طرف معارض سوري من دون آخر، إنما على عملية فرز سياسي يجمع «جبهة» واحدة ضمن مؤتمر تستضيفه الرياض.
وضمن المشهد العام فإن مواجهة سياسية تتبلور عبر التحرك الدبلوماسي، فإدخال إيران إلى جولة مشاورات جنيف التي بدأها ستيفان دي ميستورا، المبعوث الأممي لسورية، يقابلها سعي سعودي لسحب أوراق الأزمة باتجاهها، وتعتمد الرياض على ثلاثة أمور في هذا الموضوع:
– الأول وجود «تجمع» عسكري عربي تحرك خارج مجلس الأمن ليقوم بضرب اليمن، ومن وجهة نظرها أصبح هذا التحالف مرجعية للتعامل مع أزمات المنطقة، وطرحه كتجربة في التأثير في موازين القوى هو جزء من المواجهة التي تخوضها السعودية في سورية تحديدا.
– الثاني عدم وجود رؤية واضحة لدى «دي ميستورا»، فهو يعترف مسبقاً بأنه يقوم بمشاورات لتقييم الوضع، من دون الدخول في إمكانية انعقاد جنيف3، ويطرح مساحات إضافية في دائرة الأزمة، ويدعو لقراءة جنيف 1 من جديد، فتفسير المبادئ الأساسية أصبح اليوم على مساحة التجاذب والتنافر للقوى الإقليمية بالدرجة الأولى، وسيتيح هذا الأمر للرياض عملية الضغط السياسي لرسم «جبهة» سياسية للمعارضة السورية مختلفة عن السابق.
– الثالث رغبة كل من إيران والولايات المتحدة في إنجاز الاتفاق بشأن الملف النووي ضمن وقته المحدد، فهامش التحرك الدبلوماسي يبدو ضيقا بالنسبة لهما، وتركيزهما ينصب اليوم على الفترة الزمنية لإنجاز الاتفاق، وهو ما دفع السعودية لمحاولة التأثير القوي في الحدث السوري.
عملياً فإن دول الخليج تعرف أنها لا تملك الزمن الكافي لإحداث تحولات عميقة، وهي تعمل بالتوقيت نفسه الذي يسير فيه دي ميستورا في مشاوراته، لكنها تبحث عن نتائج واضحة تضعها أمامه، وأي مؤتمر جديد في الرياض فسيكون لإعادة رسم «المعارضة» وليس لتجميعها سياسيا، وهذا ما سيواجهه دي ميستورا عند وضع تقريره النهائي، فإذا كانت المؤتمرات السابقة حاولت وضع أجندة سياسية لبعض الأطراف المعارضة، فإن مؤتمر الرياض سيهدف لتثبيت تحول إستراتيجي في هذا الموضوع، لأنه يسعى لتجاوز التجارب السياسية السابقة، وتثبيت مرجعية جديدة للتفاوض.
ويبدو التشدد الخليجي تجاه سورية من البيان الختامي لقمة مجلس التعاون في الرياض، دعوة صريحة للاتجاه نحو السعودية بشأن الأزمة السورية، فهو دخول مباشر لإحراج حلفائها الدوليين، باستثناء فرنسا، من أجل رسم توازن مختلف، ولجعل مشاورات جنيف الحالية حلقة انتقال في تمركز الأزمة سورية في الرياض عوضاً من انتقالها ما بين موسكو وجنيف.