ثقافة وفن

نجاح سوري ثقافي في اليونيسكو … معاون وزير الثقافة لـ «الوطن»: أهمية التراث الثقافي السوري كحلقة رئيسية في سلسلة التراث العالمي

| سارة سلامة

في جزيرة موريشيوس وهي إحدى دول جزر المحيط الهندي تمكنت سورية من تحقيق إنجاز ثقافي مهم وذلك بإدراج عنصر مسرح خيال الظل ضمن قائمة الصون العاجل لدى اليونيسكو، فمن منا لا يعرف تلك الشخصيتين (كراكوز وعيواظ) اللتين ارتبط اسمهما بالذاكرة الجمعية لدى السوريين، ويعود أصلهما إلى العصر العثماني. والموضوع الرئيسي للمسرحية كان بالتفاعل المتناقض بين الشخصيتين الرئيسيتين. حيثُ يُمثل كراكوز الشخصية الأُمّيّة لكنه صريح، أما عيواظ فيمثل الشخصية المثقفة التي تستخدم الشعر والأدب، ويبدأ مخايل الظل بعرض رواياتهم الممتعة دفعة واحدة وأمام كل منهم طاولة خشبية، وفي صدر المقهى يجلس كبار السن وينتظر الجميع بلهفة لرؤية الآتي على تلك الستارة السحرية.

وخلال اجتماعات الدورة ١٣ للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي اللامادي، والتي تعقد بالفترة بين 25 تشرين الثاني ولغاية 1 كانون الأول، في جزيرة موريشيوس، بمشاركة الدول الأطراف في اتفاقية عام ٢٠٠٣ لصون التراث الثقافي اللامادي، شاركت سورية بصفتها دولة طرفاً في الاتفاقية من خلال وفد رسمي مكون من معاون وزير الثقافة علي المبيض والأمين العام للأمانة السورية للتنمية فارس كلاس وممثلة عن جمعيات المجتمع الأهلي غير الحكومية ريم صقر.
وعليه قررت اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي اللامادي التابعة لليونسكو وبالإجماع إدراج عنصر مسرح خيال الظل ضمن قائمة الصون العاجل في اليونيسكو من دون تسجيل أي اعتراض أو ملاحظة.
إنجاز ثقافي مهم

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أكد معاون وزير الثقافة المهندس علي المبيض: إن «هذا الحدث يبين مجدداً أهمية التراث الثقافي السوري كحلقة رئيسية في سلسلة التراث الإنساني العالمي، ويبرز كذلك متانة إعداد الملف واستيفاءه للمعايير والضوابط المطلوبة، وتكمن أهمية نجاح سورية في إدراج هذا العنصر، وبهذه الفترة بالتحديد استطاعت اختراق الحظر الظالم الذي يمارسه أعداء سورية عبر منظمات الأمم المتحدة للحيلولة من دون رفع علم واسم سورية ضمن المحافل الدولية وحرمانها من الاستفادة من نتائج الجهود التنموية الكبيرة المبذولة بهذا الخصوص ولمدة تزيد على أربع سنوات».
ويبين المبيض: إن «إدراج هذا العنصر يؤشر على نجاح سورية بإيفاء حقوقها الإجرائية كدولة طرف في اتفاقية عام ٢٠٠٣، وخلال الفترة الماضية التي تعود إلى قبل دخول وسائل الاتصال الحديثة من (تلفزيون، وراديو) وغيره، كان مسرح خيال الظل التقليدي في دمشق جزءاً أساسياً من حياة المقاهي ومرتبطاً بالذاكرة الجمعية للسوريين، حيث استخدم رواة القصص الدمى المصنوعة يدوياً من جلد الحيوانات خلف ستارة نصف شفافة أو شاشة داخل مسرح مظلم للترفيه عن جمهورهم بالحكايات الطويلة والقصص الطريفة والتهكم والأغاني والقصائد، وذلك من خلال الحوار الذي يدور بين شخصيتين رئيسيتين وهما (كراكوز) الساذج وصديقه الذكي (عيواظ) بكل ما فيهما من مضامين اجتماعية وثقافية وسياسية».
ويضيف المبيض: إنه «ونظراً لما يعانيه عنصر مسرح خيال الظل من تراجع في أعداد الممارسين وما يهدده من أخطار دخول التكنولوجيا الحديثة، فقد تضافرت جهود المجتمع المحلي مع الجهات الحكومية وغير الحكومية منذ نحو أربع سنوات عبر سلسلة من التدابير لصون العنصر ونقله إلى الأجيال المستقبلية، إلى أن نجحت سورية أخيراً في تسجيل العنصر على قائمة الصون العاجل في اليونيسكو لعام 2018، وسوف نكمل بالتأكيد ما بدأنا به لنصل إلى دعم وحماية وصون العنصر وتنفيذ خطط الصون المقترحة، وسيصب تسجيل هذا العنصر في تعزيز التراث الثقافي السوري اللامادي والمساهمة في صونه واستدامته».
ويفيد المبيض: إن «خيال الظل والمعروف بمسرح العرائس كانوا يقصونه من الجلد ويضعونه في قضيب ويسلطون عليه الضوء فيأتي الخيال على الشخوص وعلى الشاشة البيضاء، وكان وسيلة الترفيه الوحيدة مع الحكواتي بالقهوة، ومن خلال تلك الشخصيتين يتحدث المخايل ويروي القصص التي تحدث في الحارة والشارع والمجتمع وقد يتطرق إلى مواضيع سياسية وينتقد الوالي، ويعمل إسقاطات على هاتين الشخصيتين (كراكوز) و(عيواظ)، وكان هذا النقد لا يتعرض للرقابة أو للعقاب لأن الشخصيتين متناقضتان، ومن خلال هذه الحوارية كان يمرر المخايل الفكرة للناس».
ويرى المبيض: إن «دخول التكنولوجيا أدى إلى انحسار وتراجع خيال الظل وهذا شيء طبيعي ولكن لا نستطيع إلا أن نحتفظ به في ذاكرتنا ومخزوننا الثقافي كسوريين، ولكن الأجيال الجديدة لا تعرف ما خيال الظل، وهنا تأتي أهمية تسجيله ضمن قائمة الصون العاجل السورية لأنه جزء من تراث الشعب السوري».
وفي ختام حديثه بارك المبيض كل السوريين بهذا الإنجاز المهم وأعرب عن شعوره عند ذكر اسم سورية قائلاً: «شعرت حقيقة بشيء غريب قد يدفعني للبكاء، وهذه حالة وطنية لابد لنا بها، أما المباركات فقد أتت من وفود العالم كله باستثناء بعض الدول الإقليمية والشقيقة».
ويذكر أن ملف ترشيح عنصر مسرح خيال الظل قد تم إنجازه بجهود مشتركة من وزارة الثقافة والأمانة السورية للتنمية، واللجنة الوطنية والمندوبية الدائمة لدى اليونيسكو، ومنظمات المجتمع المحلي المعنية وعدد من الفنانين والممارسين لهذا العنصر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن