شؤون محلية

الدراجات النارية والتلوث

| نبيل الملاح

دفعني لكتابة هذا المقال بعض سكان الحي الذي أسكن فيه في المزة القديمة الذين تحدثوا عن ظاهرة الدراجات النارية التي انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير ومزعج، ووعدتهم بالكتابة حول هذا الموضوع رغم أن ما أكتبه أنا وغيري يذهب مع الريح ولا يصل إلى أذان المسؤولين وإن وصل لا يصل إلى عقولهم ووجدانهم ويبقى حبراً على ورق، ومن المؤسف أنه في معظم الأحيان يتجاهل المسؤولون ما يكتب في الصحافة ولا يتعاملون معه بجدية ومسؤولية، رغم أن الصحافة هي الرابط الأهم بين المواطنين والمسؤولين، وهي «صاحبة الجلالة» التي على الجميع احترامها والتعامل معها بشفافية واهتمام.
لذلك، وفي ضوء علمي بأن معظم المسؤولين لا يقرؤون الصحف بحجة عدم وجود وقت لديهم، أرى أن من أهم الأعمال التي على المسؤول القيام بها أن يبدأ يومه بالاطلاع على الأخبار المهمة الواردة في الصحف، وخاصة ما يتعلق بحياة الناس وهمومهم المعاشية، وألا يكون ذلك من باب التسلية، أقول هذا ليس من باب المزايدة على أحد، بل من خلال ما كنت أقوم به عندما كنت في موقع المسؤولية.
قرأت منذ سنوات طويلة قراراً صدر عن رئاسة مجلس الوزراء بضرورة الاهتمام بما يكتب في الصحافة والرد عليها ومعالجتها، وأذكر أنه تم التأكيد على ذلك عدة مرات، وتم تكليف المكاتب الصحفية في الوزارات والإدارات متابعة ذلك.
أعود إلى موضوع المقال لأقول: إن الدراجات النارية كانت ممنوعة في مراكز المحافظات والمدن قبل الأزمة بعقود من الزمن، وظهرت خلالها وبدأت تتزايد يوماً بعد يوم، وأصبحت منتشرة في جميع المدن والمناطق والأحياء رغم انتهاء الظروف والأسباب التي أدت إلى السماح بها.
لاشك أن الدراجات النارية تؤدي إلى تلوث بيئي ضوضائي ينتج عن الأصوات المزعجة التي تصدر عنها ويتسبب بضعف السمع وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم عندما تصل الأصوات إلى حد معين، كما تؤدي إلى تلوث الهواء وانبعاث الغازات الضارة والدخان التي ينتج عنها تغيرات فيزيائية أو كيميائية أو بيولوجية في الهواء تضر بكل الكائنات الحية التي تستنشقه، ويزيد من ذلك أن معظم هذه الدراجات من النوعية الرديئة ذات المواصفات السيئة.
كنت قد كتبت مقالاً منذ أكثر من عشر سنوات تحدثت فيه عن التلوث البيئي الكبير الحاصل في مدينة دمشق وفي سورية عموماً بسبب تزايد عدد السيارات بشكل كبير يفوق استيعاب الشوارع والطرق، وبسبب أنواع السيارات الرديئة التي تم استيرادها دون التقيد بالمواصفات العلمية لذلك، وبينت أن نسبة التلوث في مدينة دمشق تزيد ستة أضعاف عن الحد المسموح به وأكثر؟!
سمعت مؤخراً خبراً عن السماح باستيراد السيارات المستعملة، وأتمنى ألا يكون هذا الخبر صحيحاً، وأن يصلنا خبر وقف استيراد السيارات لفترة من الزمن يتم خلالها تهيئة الطرق والأنفاق والجسور والمرائب اللازمة، وأن يتم وضع الشروط والمواصفات السليمة لتكون اقتصادية وبأقل تلوث بيئي ممكن وعلينا أن ندرك أن استيراد السيارات في العقدين الماضيين أدى إلى خسارة الاقتصاد عشرات المليارات بسبب أنواعها الرديئة.
علينا الاستفادة من تجارب الماضي وعدم تكرار الأخطاء المرتكبة، والتأني في اتخاذ القرارات بما يحقق مصلحة الوطن والمواطن.
أختم بدعوة وزارة الداخلية لدراسة وضع الدراجات النارية، وخاصة في مراكز المحافظات والمدن، وعلى الأخص في مدينة دمشق عاصمة سورية، وأن تأخذ بعين الاعتبار أن مخاطرها الأمنية والاجتماعية والبيئية كبيرة، وأن الظروف التي أدت إلى غض الطرف عنها قد انتهت.

باحث ووزير سابق

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن