قضايا وآراء

تهديد «السترات الصفراء» والتدخل الأميركي!

| ميسون يوسف

في موقف يدعو للتوقف عنده، رفض وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان النصيحة الأميركية التي وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل معالجة الاضطرابات ومواجهة الحركة الاحتجاجية التي تشهدها فرنسا وينفذها من أطلق عليهم اسم «أصحاب السترات الصفراء»، وكان الرفض الفرنسي بحجة أن أميركا تتدخل في الشؤون الداخلية الفرنسية من دون وجه حق وتنتهك السيادة الفرنسية من غير مبرر.
لكن المستوجب الوقوف عنده هنا: هو هل سأل الوزير الفرنسي نفسه عن القوات الفرنسية التي تنتهك السيادة السورية وتمارس نوعاً من أنواع الاحتلال لأرض سورية خارقة قواعد القانون الدولي التي تفرض احترام استقلال الدول وسيادتها وعدم التدخل في شؤونها؟
وهل سأل الوزير الفرنسي قيادة الجيش الفرنسي عن دعمها للإرهابيين في سورية وتزويدهم بالسلاح الكيميائي وتمكينهم من استعماله ضد المدنيين السوريين في حلب وريفها؟ حبذا لو وجه الوزير الفرنسي هذه الأسئلة ووقف على العدوان الذي تمارسه فرنسا ضد سورية.
ثم إن فرنسا التي طالما تشدقت بحقوق الإنسان وشاركت في العدوان على سورية تحت هذه الذريعة، ألا ترى نفسها اليوم كيف تتصرف مع الحركة الاحتجاجية المدنية التي خرجت مطالبة بالعدالة الاجتماعية وتأمين الخدمات العامة وخفض الضرائب؟، ألا ترى فرنسا قواتها المسلحة وقضاءها كيف يتصرفان مع هؤلاء ويعتقل منهم المئات ويصاب منهم العشرات في استعمال العنف المفرط؟
نحن طبعاً لا نؤيد أي أعمال عنف غير مشروع أياً كان مرتكبها ولا نقر التدخل في شؤون الغير، ولكن نطالب من يرفض التدخل في شؤونه أن يطبق الرفض على نفسه ويمتنع عن التدخل في شؤون الآخرين، أما أن يجيز لنفسه ما يرفضه لغيره فهذا هو المرفوض لدينا بكل تأكيد، ومن ذات المبدأ طالبت سورية وتستمر في المطالبة بتوقيف العدوان الذي ينفذه التحالف الإجرامي الذي تقوده أميركا وتشارك فيه فرنسا ضد سورية.
أما عن حركة «السترات الصفراء»، التي انطلقت لأسباب معيشية وضغط اقتصادي، فيبدو أنها لن تتوقف عند حد الشؤون المالية والضريبية بل إنها مستمرة لتنقلب إلى حركة رفض سياسي للواقع القائم، ولا يبدو أن أميركا بعيدة عنها، أميركا التي هالها الطرح الفرنسي بتشكيل الجيش الأوروبي المستقل الذي سيكون البديل الأوروبي للحلف الأطلسي وسيواجه التدخل الأميركي في أوروبا، أميركا هذه يبدو أنها سترى مصلحة لها في استغلال ما يجري في فرنسا وستكون سعيدة بسقوط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أطلق فكرة الجيش الأوروبي المستقل، فهل يتحقق حلمها؟ أم يسيطر ماكرون على الوضع ويبقى؟ الأيام المقبلة تحمل الإجابة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن