طرح منتخب سورية الوطني لكرة القدم شعاره لبطولة آسيا المقبلة التي تقام الشهر القادم، في الإمارات. تكون الشعار من ثلاثة جمل متلاصقة هي «فريق واحد. أمة واحدة. سورية واحدة».
وسرعان ما انتقد البعض الشعار، باعتباره «مشبوها»، يروج لـ«فكرة الأمة السورية الواحدة»، وتبرع كثيرون بالتوضيح بأن هذا يروج لانتزاع سورية من بيئتها العربية، وبشاعرية أكبر تحويلها لجزيرة منعزلة عن هذا المحيط!
أنا لا أعرف ماذا كنا كل تلك السنوات التي مضت، إن لم نكن شبه جزيرة تكالب على محاولة تفتيت صخورها وحرق أشجارها الأقرباء قبل الأعداء.
لكن لست بصدد السياسة والتذكير بشعارات الأمة الواحدة والروابط التاريخية التي تجمع بين العرب، وهذه الأخيرة يمكن رؤيتها جلية في هذا الزمن أكثر من غيره.
هذا كله وراءنا، فالحديث هنا عن المنتخب، والشعار الذي لا أعرف شيئاً عن خلفيته، ولا عن النقاش الذي جرى لاختياره، ولا أعرف كتابه، ولا أدري إن تم تداول الرأي بين شباب الفريق الذي نتطلع لرؤيته متوجاً بالنجاح والاحترام.
لهذا المنتخب قصة، يرغب البعض في تجاهلها. وربما من لا يهتم بالرياضة، لا يدرك المعنى الجامع لهذا الشعار. وأنا مجدداً ومن دون اعتمادي أي معلومة خاصة، أسرد مشاهدات شخصية، بدأت منذ أشهر، حين كان منتخبنا يخوض صراعاً مع الأقدار في محاولته التأهل لمسابقة كأس العالم.
هل نسينا الجدل الكبير الذي ترافق مع عودة النجم المحبوب هداف المنتخب عمر السومة؟ الجدل الكبير الذي سبق عودة النجم رقيق القلب عمر خريبين، أو المعلم الكبير فراس الخطيب؟
لا داعي للعودة لذلك الزمن، ولكن لا يجب نكرانه. فمعروف أن لاعبين سوريين كثراً كانوا على بعد خطوة عن التجنيس من منتخبات عربية «شقيقة»، طمعت باستثمار سمعتهم ومواهبهم وحتى من دون خجل جيناتهم الشرقية المميزة.
هل نعود للمنتخب الذي صقل الآن بمواهب شابة من أصقاع الأرض تحمل هذه الجينات لكن ليست بالضرورة تتحدث العربية جيداً. في لقاء مع والد اللاعب الماهر محمود عثمان، تفاخر الأب بكل تأثر باستدعاء ابنه للعب مع المنتخب، رغم أن الابن لا يعرف من سورية أكثر مما يعرف عنها أي سوري مغترب، وحاله حال آخرين، من دون ادعاء الاطلاع على أوضاع اللاعبين ولكن الصورة شبه واضحة.
هل كان هذا ما فكر به الذين وضعوا هذا الشعار، مروراً بكل مراحل بناء المنتخب، والبحث عن لاعبين وطنيين طموحين في كل أصقاع الأرض، وهو ما يفعله معهم مجموعة كبيرة من الشباب المتحمس على مدار الساعة في شبكات التواصل الاجتماعي؟
وبينما نحن هنا، هل نتذكر الجدل الذي وصل صفحات وسائل إعلام عالمية، عن المنتخب وما شكله صعوده في ذلك التوقيت، ومنافساته التي خاضها على أرض غريبة، والمعارضة التي تشكلت ضده، ومن ثم انسجام الأغلبية العظمى من السوريين، ووراءهم قسم كبير من العرب والجمهور العالمي حول علم البلاد، الذي ليس شعاراً حزبياً ولا كلاماً عقائدياً وإنما شعار بلد جامع لثقافات عشرات الحضارات، صامد أمام مئات الغزوات، باق بقاء السماء والبحر.
مجدداً، لست هنا أبدأ جدلاً سياسياً، أجده عبثياً وإن كنت لا أخشاه، وإنما أذكر بأن سورية هي حضن أمة واحدة، قبل أن تبحث هذه الكلمة عن عنوان حضن أكبر.