سورية

«الوطن» في القدس المحتلة.. وتدخلها من باب دمشق.. وتلتقي مطران سبسطية للروم الأرثوذكس في كنيسة القيامة … حنا: القدس ودمشق توءمان وانتصار سورية هو انتصار لفلسطين

| القدس المحتلة- عطا فرحات

بين أزقة القدس القديمة لا حضور لفرح الميلاد على الرغم من زينة العيد، فالجرح النازف منذ 51 عاماً أنهك المدينة وأهلها الصامدين خلف أسوارها والمتمسكين بكل ذرة تراب من المدينة المقدسة.
أجراس كنائسها التي عانقت أقصاها وتصدت لجميع مشاريع الاحتلال وأسقطتها، يأتي عليها العيد اليوم وهي تقرع على أمل عودة أبناء فلسطين لديارهم رغم تطبيع العرب في الخليج والمغرب ومحاولات وأد القضية الفلسطينية إلا أنها تبقى صامدة.
من باب دمشق، أو كما يعرفه الزوار للمدينة بباب العامود، توجهنا سيراً داخل أسواقها القديمة لنصل إلى كنيسة القيامة ونلتقي نيافة المطران عطالله حنا مطران سبسطية للروم الأرثوذكس في مدينة القدس الذي كان خلال السنوات الماضية خير سفير لفلسطين وقضيتها:

سيادة المطران بداية كل عام وأنتم وأبناء الشعب الفلسطيني بألف خير وميلاد مجيد، يشرفنا أن نلقاك في حوار خاص لجريدة «الوطن» من قلب المدينة المقدسة في هذه الأيام المباركة.
إن الأراضي المحتلة تعيش فرحة عيد الميلاد بغصة وألم، فكيف ترون الميلاد في المدينة المقدسة هذا العام؟
أود أولاً أن أوجه تحيتي وشكري لصحيفة «الوطن» السورية ولجميع وسائل الإعلام السورية الوطنية المرئية والمقروءة والمسموعة، والتي كان لها دور مهم في إفشال المؤامرة التي تعرضت لها سورية، فكل التحية لكم ولكل الإعلاميين السوريين المهتمين بقضايا الأمة العربية وفي مقدمها قضية فلسطين، وكذلك المؤامرة التي تعرضت لها سورية والتي فشلت فشلاً ذريعاً بحكمة قيادتها وبسالة جيشها ووطنية شعبها.
نحن في هذه الأيام نستعد لاستقبال عيد الميلاد المجيد يوم 25/12 حسب التقويم الغربي ويوم 7/1 حسب التقويم الشرقي. تعددت التقاويم ولكن رسالة العيد واحدة وهي رسالة من نحتفي بميلاده وأعني بذلك السيد المسيح الذي أتى إلى هذا العالم لكي يغير وجه هذا العالم ولكي ينادي بقيم المحبة والأخوة والرحمة والخدمة والتفاني في خدمة الإنسان. يأتي علينا العيد في فلسطين الأرض المقدسة التي هي مهد المسيحية ونحن نعيش في ظل الاحتلال منذ 71 عاماً، وحتى الآن وشعبنا الفلسطيني بكل مكوناته يعيش حالة من القمع والظلم والاستبداد. الفلسطينيون مضطهدون في وطنهم الفلسطينيون المسيحيون والمسلمون، ولذلك فإن أعيادنا تأتي وهنالك في القلب غصة على شبابنا الذين يقتلون في دم بارد وعلى مدينة القدس التي تسرق منا في كل حين ويتم الاستيلاء على أوقافها وعقاراتها بهدف تهويدها وأسرلتها وصهينتها.
يحزننا ما يحدث في غزه من تعديات مستمرة ومتواصلة على أهلنا هناك، حيث أضحت غزه أكبر سجن في العالم، إذ يعيش أكثر من مليوني شخص في ظل أوضاع مأساوية. يأتي علينا العيد وكل عيد ونحن نعيش ذات الآلام والأحزان، ولكن رسالة العيد تعطينا الأمل والرجاء. رسالة العيد تحثنا وتحث شعبنا الفلسطيني لا تخافوا لا تضعفوا لا تستسلموا لا تقبلوا بأن تكونوا غارقين في ثقافة الإحباط والاستسلام التي يريدنا الأعداء أن نكون فيها. رسالة العيد لشعبنا الفلسطيني يا أيها الفلسطينيون توحدوا. يا أيها الفلسطينيون تمسكوا بحقوقكم وثوابتكم لأنه لا يضيع حق وراءه مطالب.
رسالة العيد بالنسبة إلينا في هذه الأرض المقدسة هو أننا باقون في وطننا في أرضنا المقدسة، ولن تتمكن أي قوة غاشمة من اقتلاعنا، من تهميش قضيتنا، لأن هذه الأرض لنا، وهذا الوطن وطننا، وهذه القدس قدسنا، وهذه المقدسات هي مقدساتنا، ولذلك فإن العيد يجدد فينا الأمل والرجاء على أننا أبناء هذه الأرض الأصليون المتمسكون بحقوقهم الملتزمون بانتمائهم العربي الفلسطيني ودفاعهم عن فلسطين وقضيتها العادلة وبنوع خاص عن مدينة القدس المستهدفة والمستباحة.

القدس في كارثة حقيقية
أين وصل مشروع تهويد القدس وما المطلوب من الفصائل والمنظمات الأهلية لمواجهته؟
**إن مدينة القدس تتعرض منذ اليوم الأول لاحتلالها إلى هجمة غير مسبوقة هادفة إلى تهويدها وطمس معالمها وتشويه تاريخها والنيل من مكانتها، ولكننا نشهد خلال السنوات الأخيرة إمعاناً في هذه السياسات الاحتلالية منذ بدء ما سمي بـ«الربيع العربي» المزعوم الذي هو في واقعه «ربيع إسرائيلي أميركي» بامتياز، فهنالك خطوات متسارعة بهدف تهويد القدس، هنالك تعديات على الأوقاف الإسلامية والمسيحية وهنالك استهداف للعقارات الفلسطينية في القدس عبر سلة من المرتزقة والأعداء الذين باعوا ضميرهم بحفنة من دولارات، وللشخصيات الوطنية والاعتبارية في القدس التي في كثير من الأحيان يتم اعتقالها وملاحقتها بهدف تخويفنا وترهيبنا وإسكات الفلسطينيين المقدسيين المدافعين عن بلدتهم كنا نقول قبل سنوات إن القدس في خطر أما اليوم فنحن نقول إن القدس في كارثة حقيقية، وأنا لا أبالغ في ما إذا قلت إن القدس في كارثة حقيقية في ظل الانحياز الأميركي لـ«إسرائيل» وفي ظل الوضع الفلسطيني الداخلي، حيث الانقسامات التي نتمنى أن تزول لأن المستفيد الحقيقي منها هو الاحتلال.
لكن في المقابل في القدس هنالك أبطال يتصدون بصدورهم العارية للاحتلال. في القدس هنالك مقدسيون وطنيون أصلاء يدافعون عن القدس وبوسائل بسيطة جدا وبإمكانيات متواضعة، كنا نتمنى أن هذا المال الخليجي الذي صرف على الدمار والخراب والإرهاب في منطقتنا العربية في سورية وليبيا والعراق واليمن. كنا نتمنى أن يستعمل هذا المال من أجل دعم صمود الشعب الفلسطيني ودعم مدينة القدس ومقدساتها، وحتى أكثر من ذلك العمل على نهضة الشعوب العربية وحل أزماتها المعيشية والاقتصادية، ولكننا للأسف الشديد نلحظ أن المال العربي ليس للعرب يستعمله أعداء الأمة العربية من أجل الدمار والخراب بينما الفلسطينيون يقفون وحدهم في الميدان يدافعون عن قدسهم وعن وطنهم ومعنا الأحرار من أمتنا العربية والأحرار من جميع شعوب العالم مهما سعوا لطمس معالم القدس وتزويرها وتشويهها وتهويدها وصهينتها وأسرلتها ستبقى القدس مدينتنا وعاصمتنا وحاضنة أهم مقدساتنا. ستبقى لنا والتاريخ يشهد أنها لنا، وستبقى لنا فلسطينية عربية آبية صامدة في وجه العدوان محافظة على تراثها وهويتها وطابعها ورسالتها.

حملة مسعورة يقودها الاحتلال ضد قيادات فتح وشخصيات مقدسية لماذا ؟
نعم هنالك استهداف لقيادات وطنية في مدينة القدس ومن كل الأحزاب والفصائل والتيارات السياسية، الشخصيات الوطنية المقدسية مستهدفة وتتم ملاحقتها من أجهزة المخابرات والشرطة الاحتلالية وهذه الملاحقة والاعتقالات التي شهدناها في الآونة الأخيرة إنما هي رسالة للمقدسيين تقول لهم استسلموا للاحتلال، لا تقاوموا الاحتلال، لا تعملوا على الحفاظ على العقارات، لا تبحثوا عن أولئك الذين يسربون العقارات، يعني يجب أن تقبلوا بالأمر الواقع الموجود في مدينة القدس.
إننا لن نخضع لهذه الإملاءات حتى لو اعتقلوا كل الشعب الفلسطيني، الفلسطينيون لن يتنازلوا عن هويتهم وعن مقدساتهم، هم يسعون لإخافتنا وترهيبنا، ولكنهم لا يعرفون من هو الشعب الفلسطيني، نحن لا نخاف الاعتقالات، ولا من التهديدات، ولا من الوعيد، وكلما ازدادوا في قمعنا وظلمنا واضطهادنا ازددنا تشبثاً بحقوقنا وانتمائنا في هذه الأرض، وسنبقى متمسكين بالقدس عاصمة لنا ومدافعين عنها مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات.

الأوقاف الإسلامية والمسيحية مستهدفة من الاحتلال
أين أصبحت فضيحة تسريب الأملاك الأرثوذكسية؟
إن أولئك الذين يستهدفون المسجد الأقصى المبارك ويستهدفون الأوقاف والعقارات الإسلامية في القدس هم ذاتهم الذين يستهدفون أوقافنا وعقاراتنا ومقدساتنا المسيحية، إنها جهة واحدة هنا وهناك، والتي تسعى لسلب الأوقاف والعقارات من أصحابها الأصليين وإن تعددت المسميات والأوصاف هنا وهناك، ولكن الاحتلال هو الذي يقف وراء كل هذه العمليات الهادفة إلى سرقة أوقافنا وعقاراتنا.
المسيحيون الفلسطينيون مستهدفون كما هو حال كل المسيحيين في هذا المشرق العربي. «الربيع العربي» المزعوم الذي بشرتنا به الإدارة الأميركية في وقت من الأوقات، والشرق الأوسط الجديد الذي بشرتنا به أيضاً الإدارة الصهيونية، يبدو أنهم يريدون شرق أوسط خالياً من المسيحيين وخالياً من مكونات أخرى من مكونات هذا المشرق، ولذلك هم استهدفوا الحضور المسيحي في أكثر من مكان في هذه المنطقة العربية، أما عندنا في فلسطين فهم يستهدفون حضورنا، يستهدفون الحضور المسيحي العريق الذي عمره ألفا عام من خلال التعدي على هذه الأوقاف والتعدي على هذه المقدسات، وحقيقة المستهدف هو ليس فقط المسيحيين، المستهدف هو كل الشعب الفلسطيني، عندما يعتدى على الأوقاف الإسلامية أو المسيحية يعتدى على كل الشعب الفلسطيني، عدونا واحد، قضيتنا واحدة، ولكن مهما سرقوا واعتدوا على أوقافنا وعقاراتنا، فلا بد أن تعود هذه العقارات، وهذه الأوقاف في يوم من الأيام إلى أصحابها، ونحن أصحابها وليس الاحتلال الذي يعتدي علينا، وكل ما يقوم به الاحتلال هو باطل. إجراءاته باطلة لأن القدس محتلة، وكل ما يتم بالقدس في ظل الاحتلال هو غير قانوني وغير شرعي.

محاولة لتحويل الفلسطينيين إلى ضيوف!
وضع معقد تعيشه القدس، تهويد وهدم وتهجير وتسريب أملاك وتنسيق أمني لم يتوقف، هل من بارقة أمل وسط هذه الصورة الظلامية؟
إن مدينة القدس تعيش أوضاعاً مأساوية وكارثية في ظل سياسة احتلالية مستمرة ومتواصلة ليل نهار بهدف تغيير ملامحها وطمس طابعها وتزوير تاريخها وتحويلنا كفلسطينيين إلى أقلية وإلى جالية وإلى ضيوف في هذه المدينة المقدسة. الاحتلال هو الذي اعتدى علينا، الاحتلال هو الذي سلب أرضنا، الاحتلال هو الذي يهود مدينة القدس. نحن الفلسطينيين لسنا غرباء والاحتلال هو الغريب، الاحتلال هو الذي يجب أن يزول، أما نحن فباقون في وطننا باقون في مدينتنا وسنبقى متمسكين بعراقة انتمائنا لهذه الأرض المقدسة، ولا أبالغ عندما قلت إننا نمر في ظروف بغاية الصعوبة وفي غاية الدقة ولكن على الرغم من قتامة الصورة التي نعيشها ونلحظها أمامنا إلا أن الاستسلام ليس موجوداً في قاموسنا، وشعبنا الفلسطيني سيبقى مدافعاً عن القدس مهما اشتدت الإجراءات الاحتلالية. الهمجية الظالمة التي تستهدفنا في كل مفاصل حياتنا تستهدفنا في أوقافنا في مقدساتنا في حياتنا في تحركاتنا تستهدفنا في كل شيء، ولكن هامتنا ستبقى مرفوعة وإرادتنا ستبقى صلبة ولن نقبل بأن يتم إغراقنا كما يريد الاحتلال في ثقافة اليأس والإحباط، وستبقى معنوياتنا عاليه لأننا أصحاب قضية عادلة والقدس ستبقى لنا مهما حاولوا أن يسرقوا القدس من أصحابها ولن تكون القدس إلا عربية فلسطينية عاصمة لدولة فلسطين.

دعوة للصحوة
مضى عام على قرار ترامب بنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس، كيف حال القدس اليوم؟
القدس مدينة عربية فلسطينية كانت قبل نقل السفارة الأميركية وبقيت بعد نقل السفارة. إن عملية نقل السفارة الأميركية للقدس لن تغير شيئاً من طابع المدينة ومن هويتها العربية الفلسطينية. إن العملية أظهرت بشكل واضح أن الإدارة الأميركية الحالية كما من سبقها هي شريكة في الجريمة المرتكبة بحق شعبنا الفلسطيني. أميركا وقفت دوماً إلى جانب «إسرائيل» في الأمم المتحدة وفي غير الأمم المتحدة، ولذلك يمكن اعتبار «إسرائيل» وكأنها ولاية من الولايات الأميركية، وأميركا تتعامل مع «إسرائيل» كأنها ولاية من ولاياتها. آن للعرب أن يكتشفوا أن أميركا عدوة لنا. هي عدوة للعرب وما تريده فقط من العرب هو أموالهم، وما تريده من العرب هو فقط أن تمرر مصالحها ومشاريعها في هذه المنطقة خدمة للمشروع الصهيوني وخدمة لمشاريعها الاستعمارية. نحن نعتبر أن القابع في البيت الأبيض وخاصة الرئيس الحالي الذي اظهر بشكل واضح العداء الأميركي تجاه فلسطين والقضية الفلسطينية، ومسألة نقل السفارة أظهرت بشكل واضح أن هذا العداء لا متناه ولا حدود له وهذا طبعا بالنسبة إلينا كفلسطينيين.

دمشق والقدس
متى نرى سيادة المطران عطا الله حنا في دمشق؟
دمشق في القلب وكل فلسطيني شريف وحر يدافع عن دمشق ويدافع عن سورية الأبية التي وقفت دائماً إلى جانب الحقوق العربية والى جانب الشعب الفلسطيني بشكل خاص، لقد أتيحت لي الفرصة أن ازور دمشق زيارة تضامنية سريعة قبل أكثر من عام، حيث كان لي لقاء رائع مع السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد ومع عدد من المرجعيات الروحية الإسلامية والمسيحية. كما أني زرت صيدنايا ومعلولا وكان لي لقاء رائع مع فضيلة مفتي الجمهورية العربية السورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون. كانت ثلاثة أيام قضيناها في دمشق كالحلم، وأنا أعتقد أن كل عربي وكل فلسطيني حر يتوق إلى زيارة دمشق. نحن إن شاء الله سنسعى من أجل أن نزور دمشق لكي نحتفي وإياكم. كي نحتفي مع إخوتنا السوريين بانتصار سورية على أعدائها. سورية بالنسبة إلينا تعني الشيء الكثير، ودمشق والقدس هما توءمان لا ينفصلان. عندما يتجول المرء في دمشق القديمة يظن وكأنه في القدس وعندما يتجول المرء في القدس العتيقة يظن أنه في دمشق، لنا تاريخ واحد، هنالك الكثير من القواسم المشتركة التي تجمعنا وتوحدنا ولكن القاسم الأهم هو أننا جميعاً ننتمي لأمة عربية واحدة، ننتمي إلى مشرق عربي واحد سعى الأعداء إلى تقسيمه وتمزيقه ولكنهم سيفشلون في ذلك. أنا أعتقد أيها الأحباء بأن صمود سورية وانتصار سورية هو انتصار لفلسطين، لأن عدونا واحد، يعني عندما نتحدث عن داعش وعن «النصرة» نحن نتحدث عن الوجه الآخر للصهيونية الغاشمة، الذين تآمروا على سورية وأغدقوا من أموالهم بغزارة من أجل تدمير سورية هم ذاتهم المتآمرون على فلسطين، المخططون لتصفية القضية الفلسطينية وتمرير صفقة القرن، ولذلك دمشق في القلب ورغبتنا في أن نزور مدينة دمشق هي رغبة متقدة، لهذا أنا أتوق لأن ازور دمشق، إن شاء الله ستتحقق هذه الأمنية في الوقت المناسب، وإن شاء الله سنكون سعداء أن تطأ قدمنا هذه الأرض المقدسة المجبولة بدماء الشهداء المجبولة بالقداسة والكرامة والنعمة.

وقاحة وعار
تستعر نيران التطبيع مع الاحتلال في حالة باتت مكشوفة للجميع، كيف تقرؤون حالة الخيانة العلنية لبعض الأنظمة العربية؟
أنا لم أكن من أولئك الذين استغربوا أو فوجئوا من هذه الزيارات التطبيعية لشخصيات إسرائيلية كنتنياهو وغير نتنياهو إلى دول عربية وخاصة خليجية، أنا لم استغرب من ذلك لأن هذه الدول كنا نعرف في الماضي أنها هي جزء من المشروع الأميركي الاستعماري في المنطقة العربية الذي هدفه تدمير سورية وتدمير العراق وتدمير اليمن وليبيا وتدمير الوطن العربي وتصفية القضية الفلسطينية وابتلاع مدينة القدس.
نحن لم نصدم حقيقة من هذه الزيارات التطبيعية، لأننا كنا نعلم جيدا، أن هذه الدول شريكة في هذه المؤامرة، وقد أغدقوا من أموالهم بغزارة على أنفسهم وعلى دمار وخراب المدن العربية، ولكن الأمر الجديد هو أن تنشر وسائل الإعلام في هذه الدول هذه الأخبار والوقاحة عندما تقول وسائل الإعلام الخليجية إن هذه الدول تستقبل رئيس هذه الدولة السيد نتنياهو ويظهرون الصور كأنه حدث عظيم وما ذلك إلا منتهى الوقاحة، وعندما تزور وزيرة إسرائيلية شتمت المسلمين ووصفت العرب بأنهم صراصير لا يستحقون الحياة، عندما تستقبل في أحد المساجد الخليجية هذه وصمة عار، هذه وصمة عار بحق شعوب منطقتنا وبحق شعوب هذه البلدان أولاً وقبل كل شيء، وبحق أمتنا العربية وبحق القضية الفلسطينية بشكل خاص، ولكن هذه الزيارات التطبيعية هدفها الأساسي جعل الشعب الفلسطيني يركع ويقبل بصفقة القرن وكأنهم يقولون ماذا بقي لكم أيها الفلسطينيون؟ كل العرب ارتموا في أحضان «إسرائيل». العرب يستقبلون الإسرائيليين، ماذا بقي لكم اقبلوا بما هو موجود يجب أن تستسلموا لما هو موجود لأنكم لم تأخذوا ما هو أفضل من ذلك.
إن الفلسطينيين لن يرضخوا لهذه الضغوطات ولن يقبلوا بأي حلول استسلامية، نحن لسنا على عجلة من أمرنا كما انتظرنا سبعين عاماً نحن مستعدون أن ننتظر مئة عام أخرى ولكن لسنا مستعدين للتنازل عن ذرة تراب من تراب فلسطين وثرى مدينة القدس.

سورية منتصرة وموحدة
رغم جراح سورية إلا أن فلسطين بقيت بوصلتها، واليوم تستقبل الميلاد الثامن وهي تدافع عن كرامة الأمة العربية، كلمتك لسورية المنتصرة؟
إن جراح سورية هي جراح فلسطين، وجراح فلسطين هي جراح سورية، عدونا واحد وهو الذي سيستهدفنا هنا وهناك، ولذلك قلنا منذ اليوم الأول للأزمة في سورية وإني كنت الأول الذي خرج على التلفزيون السوري من مدينة القدس منذ اليوم الأول والأسبوع الأول للأزمة، وقلت إن هنالك مؤامرة على سورية وإن المتآمرين على سورية هم ذاتهم المتآمرون على فلسطين، عندما قلنا هذا الكلام قبل ثمانية أعوام البعض شكك في مصداقية هذا الكلام والبعض أخذ يشتمنا ويشهر بنا ويسيء لنا والأقلام المأجورة المشبوهة الموجودة هنا وفي كل مكان، ولكن بعد مرور عدة سنوات تبين لأولئك الذين لم يكونوا يعرفون هذه الحقيقة منذ اليوم الأول، بأن ما كنا نقوله هو الصحيح، ولكن بعد مرور ثمانية أعوام على هذه الأزمة نرى أن سورية منتصرة وموحدة والانتصارات نشهدها في كل يوم، ولذلك أنا أتمنى في عيد الميلاد المجيد وأسأل الله بأننا في العيد القادم إن شاء الله تكون الأزمة قد انتهت بشكل كلي وكل هذه المناطق التي ما زال فيها حضور لتركيا ولداعش ولغير داعش ولهذه المنظومة الإرهابية التي نعرفها جيداً أتمنى أن تزول هذه في شمال سورية وغيرها من الأماكن وأن تعود سورية كما كانت سابقاً بلداً موحداً أبياً بقيادة الرئيس بشار الأسد والجيش العربي السوري والشعب السوري الشقيق ونستقبل عيد الميلاد المجيد وقد مر أكثر من ثمانية أعوام على هذه الأزمة ولذلك دعوني التفت بشكل خاص إلى كل الحزانى وما أكثر أولئك الذين يتموا وأصيبوا وتشردوا من منازلهم وخطفوا وفي مقدمتهم مطارنة حلب سيادة المطران بولس يازجي و حنا إبراهيم وغيرهم من المخطوفين الذين نتضامن معهن، ونطالب أن يعودوا إلى بلدهم والى كنائسهم والى شعبهم. في عيد الميلاد نتضامن مع كل المحزونين ومع كل الثكالى ومع كل السوريين الذين عانوا من هذه الحرب ولكنهم بقوا صامدين ثابتين بانتمائهم لسورية وفي انتمائهم إلى هويتهم العربية السورية، فكل التحية لسورية الأبية الصامدة من رحاب القدس وعبر صحيفتكم إلى سيادة الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية، وأود أيضاً أن أرفع الدعاء إلى الله من أجل شفاء السيدة الأولى (أسماء الأسد) التي وقفت إلى جانب شعبها ووطنها في هذه المحنة والتي بقيت في سورية بالرغم من كل الظروف الصعبة التي مرت بهذا البلد. أحيي الجيش العربي السوري وأحيي كل أصدقاء سورية الذين وقفوا إلى جانبها، أحيي الشعب السوري الأبي الوطني العروبي المتمسك بوطنه وانتمائه لهذه الأرض، أحييكم جميعاً أيها الأحباء وأقول لكم ميلاداً مجيداً وكل عام وأنتم بألف خير.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن