قضايا وآراء

شركات باراك للخدمات الأمنية وصفقاتها!

| تحسين الحلبي

في شباط 2017 نشر «مركز دمشق للأبحاث والدراسات – مداد» بحثاً حول دور وأخطار الشركات الإسرائيلية الخاصة للخدمات الاستخباراتية والأمنية كشف فيها أن أيهود باراك أسس في 20 آذار 2013، بعد يوم من استقالته من وزارة الدفاع، شركة هايبيريون
«Hyperion -EB 2013 Ltd» ويرمز حرفا EB إلى أيهود باراك المختصة بتقديم الاستشارات والخدمات الأمنية والتسليح ورصد الأخطار ويديرها باراك بنفسه، ويعمل بالإضافة إلى ذلك مستشاراً أمنياً واستراتيجياً لشركة «ايرغو غروب – Ergo Group» الدولية المختصة بتقديم الخدمات والاستشارات عن الأخطار السياسية والأمنية بما في ذلك أخطار إيران وسورية.
يكشف، غور ماغيدو، في مجلة «ذي ماركر» الإسرائيلية في 28 تشرين الثاني الماضي، أن العائلة المالكة السعودية استخدمت وسيطاً للالتقاء بباراك، والذي شغل منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية بين عامي 1999 – 2000 ووزير الدفاع في حكومتي أيهود أولميرت وبنيامين نتنياهو في عام 2013 من أجل ترتيب صفقة مع شركته الجديدة المختصة بعلوم وقدرات «السايبر» وهي باسم «كاربين 119» ولها موقع إلكتروني بنفس الاسم وبإشرافه من أجل شن عملية هجوم بـ«السايبر» في عام 2015، تجنب موقع شركة باراك الحديث عنها وكذلك مجلة «ذا ماركر» الإسرائيلية التي اكتفت بعرض مكالمة هاتفية من ثلاث دقائق ونصف على موقعها بين الوسيط وباراك تبين منها أن عدداً من المحامين من اليهود الأميركيين هم الذين يتوسطون مع باراك ويتصلون به لهذه الغاية.
ولا شك أن عملية إجراء صفقات كهذه وبهذا الشكل المباشر في استخدام شخصية عسكرية أمنية مثل باراك الذي يحمل رتبة فريق متقاعد في الجيش الإسرائيلي وتسلم منصبي رئاسة حكومة ووزير دفاع، ستحمل مضاعفات بالغة الخطور على سياج الأمن القومي للعالم العربي كله ولكل دول الشرق الأوسط في هذه الظروف، فالاستعانة بتكنولوجيا «السايبر» الإسرائيلي لن تقتصر على هذا السلاح فقط.
هناك أكثر من عشرين شركة إسرائيلية خاصة للخدمات الاستخباراتية والأمنية في العالم يرأسها عادة مسؤولون عسكريون واستخباراتيون من جهاز التجسس والمهام الخاصة «الموساد» والمخابرات العسكرية المتقاعدين أو الذين يزعمون أنهم من المتقاعدين لإبعاد صلتهم المباشرة بقيادة الجيش والمخابرات الإسرائيلية، وهذه الشركات على استعداد للقيام بما هو أوسع من هذه المهام رغم خطورتها الفادحة.
ويكشف بحث «مركز مداد» أن مجلة «المونيتور» والملحق الصحافي «كالكا ليست» التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» ذكرتا أن، ستانلي فيشير، اليهودي الأميركي الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية واستلم منصب الرجل الثاني في صندوق النقد الدولي قبل انتقاله عام 2001 إلى إسرائيل واستلامه منصب رئيس بنك إسرائيل المركزي، كانت تربطه علاقة خاصة بعلاء حسين كاتارا، رئيس دولة ساحل العاج عام 2011، وحين زار كاتارا إسرائيل عام 2012 طلب من فيشير مساعدته في اختيار مختص يؤسس له مخابرات تحميه وجيشاً لساحل العاج، فأوصى له بباراك، وحين سئل باراك عن هذه الصفقة قال إن هذه المواضيع «تجري في محادثات خاصة ولا علاقة للجمهور بها».
والشركات الإسرائيلية تتراكض في النهاية لتقديم الخدمات الأمنية ومعداتها الحديثة الإلكترونية في «السايبر» والرصد والمختصين بها للدول الصغيرة التي تريد الاستعانة بها لحمايتها من انتفاضات شعبية أو انقلابات على الحكام، وكلما تعرضت أي دولة صغيرة من هذا القبيل لأزمة حكم داخلية على غرار ما تتعرض له العائلة المالكة في السعودية، كلما احتاجت أكثر فأكثر لمثل هذه الخدمات التي قد تتوسع لتوظيف شركة خاصة أمنية من هذا النوع لشن هجوم «سايبير» إلكتروني على دولة معادية مقابل مبلغ كبير وربما هذا ما أشارت إليه مجلة «ذا ماركر» الإسرائيلية في مقالها حول الاستعانة بباراك، فإسرائيل في مثل هذه الخدمات لا تتحكم بمرافق أمن هذه الدولة أو تلك فقط بل بقدرة حكامها على البقاء في الحكم وتصبح قادرة على تغييرهم إذا لم تجد مصلحة لها في بقائهم، وهذا ما يتطلع إليه مخطط استكمال المشروع الصهيوني في الهيمنة والتوسع على مستوى المنطقة، لأن الاستعانة بهذه الشركات الإسرائيلية الخاصة يقدم لإسرائيل القدرة على توظيف هذه الدولة أو تلك في المنطقة ضد الأخرى بطرق كثيرة وتعد إسرائيل نفسها خارج إطار تحمل المسؤولية، وكأنها تشن معركة بقوات غير قواتها ودون الإعلان عن دورها الرسمي في هذه المعركة طالما أن كل شيء يجري عن طريق شركات خاصة أمنية مسجلة في الساحة الدولية وليس في إسرائيل فقط وهو ما يشكل شرعنة لجيوش مرتزقة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن