سورية

عبد اللـه لـ«الوطن»: المعركة الداخلية لا تقل خطورة عن معركة إفشال المؤامرة

| مازن جبور

اعتبرت وزيرة الدولة لشؤون المنظمات المحلية، سلوى عبد اللـه أن سورية وبعد أن أفشلت المؤامرة التي تحاك ضدها، بات لديها الآن المعركة الداخلية التي لا تقل خطورة عن المعركة السابقة لأن المؤامرة استهدفت وحدة الكيان للمجتمع السوري.
وبينما بين رئيس قسم الدراسات السياسية في «مركز دمشق للأبحاث والدراسات – مداد»، عقيل محفوض، أن مداولات القرار الدولي 2254 و«اللجنة الدستورية»، تتجه أجندتها إلى أن تكون طبيعة الدولة السورية أقل مركزية، أوضح أن أي بلد في حالة حرب عندما تريد إعادة بنائه، فإن الأمر يحتاج إلى مركزية الدولة.
وفي تصريح لـ«الوطن» على هامش مؤتمر الثقافة السورية، الذي عقد في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق، قالت سلوى عبد اللـه: «الهوية والانتماء والمواطنة والدولة. هذه المفاهيم التي كنا نعتبرها بديهيات لم تعد كذلك، ولم يعد المجتمع السوري متفق على تعريفها».
ولفتت عبد اللـه إلى أن «هناك مشكلة في هذه المفاهيم وبالأخص مفهوم الهوية الوطنية السورية»، وأكدت أن الحرب على سورية لم تكن سياسية وعسكرية فقط، وإنما كانت معركة على الهوية والموقف والأيديولوجيا السورية وعلى حضارة الإنسان السوري وعلى تراثه وموروثه وكيانه.
وأشارت عبد اللـه إلى أن صمود سورية بقيادتها وجيشها وشعبها هو من تمكن من إفشال المؤامرة التي كانت كل الحسابات تقول باستحالة إفشالها، واعتبرت أنه وبعدما خرجنا من حرب كهذه لدينا الآن معركة أخرى لا تقل شدة عنها وهي المعركة الداخلية، لأن المؤامرة استهدفت وحدة الكيان للمجتمع السوري ولذلك لا بد من إعادة إنعاش الهوية الوطنية السورية والانتماء الوطني السوري العربي وبعض مفاهيمنا الثقافية.
ورأت أنه كما نجحت سورية في معركتها وأُنقذت بقواها الروحية العميقة وبمساعدة الأصدقاء، فإن المعركة القادمة، هي معركة الشعب السوري والمثقف السوري والمواطن السوري، لبناء دولتهم بمفردهم.
وخلال المؤتمر قدم محفوض محاضرة بعنوان: «إعادة التفكير بالدولة في حالة الحرب: قراءة في ضوء الأزمة السورية»، لفت فيها إلى أن «ظاهرة الدولة معقدة بالأساس»، واعتبر أن من أهم حسنات الحروب أنها «تفتح الأبواب المغلقة وتضع المعنيين بالدولة أمام فرصة إجبارية لتناول أسئلة كان مسكوت عنها ومتنكراً لها ولا مفكر فيها، من قبيل سؤال الدولة والهوية الوطنية، والدولة والدين، والدولة والقبيلة وغير ذلك».
ورأى، أن الحرب مثلما أنها تدمر وتمزق فإنها تعطي فرصة للبناء، باعتبارها أهم محرك للتاريخ ومثال ذلك نهوض ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
وأشار محفوض إلى أن هناك مفارقة في موضوع إعادة التفكير بالدولة في سورية، باعتبارها ظاهرة متنكر لها ولا مفكر فيها، وأوضح أن الحديث هنا عن فكر الدولة وخطابها وليس عن الدولة كمؤسسات وبنى، مؤكداً، أن هناك تغير في فكرة ومقام الدولة والسيادة والانتماء والولاء في العالم، إذ تظهر أنماط جديدة من الهويات منها الهوية الكونية، والعالم الآن بات يقبل أكثر مسألة تعدد الجنسيات للشخص الواحد، وهذا يدل على تراجع فكرة الدولة.
واعتبر محفوض، أن إعادة التفكير في الدولة في فترة الحرب وما بعد الحرب في التجربة السورية، تقف بين ديناميتين، الأولى: أن المطلوب عالمياً الآن أن يكون هناك توزيع للسلطات، إذ إن الغرب لا يريد أن تعود الدولة المركزية في سورية بل يرغب بدولة لا مركزية، دولة فيدرالية، بحيث يتم توزيع السلطات، ولفت إلى أن للغرب حلفاء سوريين في ذلك.
واعتبر أن مداولات القرار الدولي 2254 واللجنة الدستورية، تتجه أجندتها إلى أن تكون طبيعة الدولة السورية أقل مركزية.
وبين أن الدينامية المعاكسة لدينامية توزيع السلطة: هي أن أي بلد في حالة حرب عندما تريد إعادة بنائه، فإن الأمر يحتاج إلى مركزية الدولة، أي أن يكون هناك سلطة قادرة على فرض القانون.
وأوضح، أن إعادة التفكير بالدولة مهمة أساسية ويجب أن تكون من الأولويات في أي أجندة ممكنة أو محتملة لسورية في مرحلة ما بعد الحرب، إذ أن المفروض أن يكون الاهتمام بإعادة الاعتبار لفكرة الدولة أو الدولة الوطنية أو الدولة بمعناها الراهن وذلك إذا ما اتفق السوريون على شكل الدولة التي يريدونها بعد الحرب.
وأردف: أن سورية منذ عام 1918، وفي كل الحالات التي كانت تتراجع فيها السلطة كانت الدولة هي الهدف الأساسي ليس من قبل الخصوم فقط بل من قبل أبنائها أنفسهم، ولذلك بدت الدولة منذ عام 2011 غنيمة بالمعنى الثقافي وحتى بالمنطق السياسي كانت مؤسسات الدولة هي الهدف للخصوم ولأبنائها أنفسهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن