دلالات السيرة والأسلوب عند عمر أبو ريشة .. شاعر الصورة المبدعة والقضايا الوطنية

صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب، كتاب بعنوان «دلالات السيرة والأسلوب عند عمر أبو ريشة»، تأليف الدكتور فايز الداية، ويقع في 239 صفحة من القطع المتوسط، متناولاً في مقدمة وقسمين السيرة والأساليب، مع ملحقين لعدد من الرسائل والصور النادرة، عبر عدة عناوين: (عمر أبو ريشة السيرة ودلالاتها، المعرفة ومدارج الإبداع، الدروب والتوهج، رحلة الأمكنة وامتداد الرؤى، إنشاد وأصداء، وعي العالم في دلالات عمر أبو ريشة، دائرة الخصب والولادة في شعر عمر أبو ريشة، الموسيقا في شعر عمر أبو ريشة، الصورة والدوائر الأسلوبية في شعر عمر أبو ريشة، دلالات رسائل عمر أبو ريشة، دلالات صور عمر أبو ريشة.
حيث يتناول عمر أبو ريشة من جانبين يعرض في الأول سيرته بشيء من التفصيل وعلى نحو علمي منهجي لأول مرة، فيدقق عدداً من القضايا الفكرية والفنية التي تداخلت في كتب ودراسات عنه وتعريفات في شبكة المعلومات العالمية باللغة العربية والأجنبية، ويجد القارئ صورة مبدع شكل معلماً بارزاً في الأدب العربي في القرن العشرين أضاء مسارات وأحداثاً في جنبات الوطن العربي عبر ما يزيد على ستة عقود، وتغلغلت تجاربه في نفوس رأت الحب نسغ الحياة، وعرفت الأهواء تعصف وتهدأ، وعاشت مع تدفق الفن بلون الأيام.
وفي الجانب الآخر تنتظم مجموعة من الدراسات التطبيقية تكشف الظواهر الأسلوبية في الأعمال الكاملة للشاعر، وهي تقترح برؤية نقدية جديدة مسارات أمام المتلقين، فثمة القيم التعبيرية للدوائر الدلالية وإضاءاتها وعي الشاعر وتفاعلها مع الأبعاد الدرامية، والصورة الحديثة التي شكلها أبو ريشة معبرة عن رؤية تلونت بثقافة زمن تجاورت فيه طموحات الأمة وخفقات النفوس في عمقها الإنساني، وهناك طاقات التعبير الموسيقي المتعددة بحسب الآفاق التي تحركت فيها العيون وتجاوبت الأصداء، وهي تغني الحوار حول تجارب لا تزال تحاول تطوير الجانب الموسيقي في بناء القصيدة.

خطوط واضحة
وعمل المؤلف على تقديم إحاطة بمحاور سيرة أبو ريشة واعتبر أن: «كتابة منهجية لسيرة (عمر أبو ريشة) مطلوبة لرسم خطوط واضحة لشخصيته الإبداعية ضمن الشروط التاريخية في سورية مطلع القرن العشرين، وفي تجوال عبر قارات العالم حتى أواخر القرن، وغير خافٍ أن هذا العمل يتضمن تقديم ملامح لمثقف في مرحلة تاريخية وموقعية في الوطن العربي، ويعدُّ ضرورة لمتابعة تاريخية تطورية لمسار الأعمال الشعرية لهذا الشاعر في الدواوين وأوراق الصحافة والمحافل، وتفيد السيرة تحليلنا النقدي في زوايا تتطلب توجيهاً دقيقاً للتأويل كي لا يذهب بعيداً عما يتحمله النص، وهذه النقطة الأخيرة لا تتعارض مع مسار التحليل النصي من الداخل، لأن الاستعانة بالدليل التاريخي والشخصي يأتي لاحقاً من غير أن يملي دلالة مسبقة».
تقدير مكانته الإبداعية

وفي مقدمة الكتاب ذكر المؤلف الدكتور فايز الداية: «لقد دونت سيرة مركزة للشاعر عمر تعتمد التوثيق وشمول النظرة في مراحل حياته، واستعنت إضافة إلى ما ذكر في الكتب والصحافة بشهادات حية من بعض أقاربه ومعاصريه، وبرسائل مهمة وجهها إلى أقارب وأصدقاء، وربطت بين أحداث حياته وأشعاره وإشارات فيها، وكان لإقامتي بحلب موطنه دور في الاطلاع على جوانب من حياته وأحوال أسرته ونشاطاته الأدبية والسياسية، وتوخيت في كل ما قمت به الموضوعية، فالإعجاب بالشاعر وتقدير مكانته الإبداعية لا يحولان دون تصحيح وقائع وإيرادها على غير ما ذكره أو نقل عنه، لعل هذه السيرة تقدم صورة لمثقف في المشرق العربي في مرحلة نهوضه في النصف الأول في القرن العشرين، وفي المراحل التي تتابعت في النصف الثاني منه، وكذلك تعطي صورة قريبة لعوامل تعين على رؤية المبدع وتفاعله مع الحياة، وعلاقات قصائده وأعماله الدرامية بما يمور به المجتمع، وكان الجهد تاريخياً تحليلياً من غير إيغال في النقد الأدبي والاكتفاء بالقضايا الكبرى في الإبداع».