سورية

«مداد»: هناك عوامل غير عسكرية تقف في وجه عودة «اللاجئين»

| الوطن

اعتبر «مركز دمشق للأبحاث والدراسات– مداد»، أن هناك عوامل لا تتصل بالعوامل العسكرية مباشرة، أو حتى بتبعاتها، تقف في وجه عودة المهجرين، الأمر الذي يستدعي التدقيق، ومعرفة ما يمكن فعله من سياسات عامة لجذب المهجرين الراغبين فعلاً بالعودة إلى مناطقهم.
جاء ذلك في ورقة سياسات أعدها «مداد» حول ملف عودة المهجرين السوريين تلقت «الوطن» نسخة منها، واعتبر فيها أن هذا الملف من أعقد الملفات التي نجمت عن الحرب في سورية، نظراً لتبعاته السياسية والاجتماعية والإنسانية وحتى الاقتصادية، ولتداخل الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين فيه.
ولفتت الورقة إلى أنه تم استثمار قضية المهجرين كورقةٍ سياسيةٍ من الأطراف كافة، بما يخدم أهداف وأغراض كلّ طرف منها، واستطاع الخارج توظيف الورقة ضد مصلحة السوريين وضد مصلحة الدولة، وتمت المتاجرة بهذه القضية علنيّاً وعلى نحوٍ واضح، فضلاً عن وجود جانب اقتصاديّ، إذ بالغت الدول المضيفة عامّة، والمجاورة لسورية خاصّة، بأعداد المهجرين لديها لتحصيل دعمٍ مالي ومساعدات من الأمم المتحدة وغيرها.
وأشارت إلى انه، تجري حالياً محاولات لإعادة المهجرين السوريين إلى بلادهم والنازحين إلى مناطقهم في ظل تجاذبات إقليمية ودولية وأممية كبيرة، للإمساك بهذا الملف الكبير، والمرشح ليكون من أهم أوراق التفاوض في المستقبل القريب؛ ذلك في ظلِّ تراجع دور العديد من الأوراق الأخرى كالعسكرية والأمنية.
وقدمت الورقة بعض المقترحات والإجابات حول مواقف الدول من هذا الملف، والأولويات بالنسبة للدولة السورية المطلوب التصدي لها لمعالجة هذا الملف، كما قدمت مجموعة من المقترحات والشروط اللازمة لتسريع عملية عودة المهجرين والنازحين.
وقالت: إن «هناك عوامل أخرى لا تتصل بعوامل عسكرية مباشرة، أو حتى بتبعاتها، تقف في وجه عودة اللاجئين، ففي المنطقة الجنوبية مثلاً، حدثت تسويات لكن لم تنشأ بيئة جاذبة تدفع الناس إلى العودة، حتى مع وجود ضمانات روسية مباشرة. هذه النقطة تستدعي التدقيق، ومعرفة ما يمكن للقائمين على هذا الملف فعله من سياسات عامة لجذب اللاجئين الراغبين فعلاً بالعودة إلى مناطقهم».
واقترحت الورقة، العمل والإسراع في الانتقال من التسويات القريبة والمباشرة والآنية إلى المصالحة المجتمعية الأوسع، التي تضمن الاستقرار والتماسك الاجتماعي، والعمل على تأمين البنية التحتية اللازمة والضرورية للحياة الكريمة من سكن وماء وكهرباء وصرف صحي وتعليم وصحة في المناطق التي سيعود إليها المهجرون.
كما اقترحت، العمل على تحقيق مرونة في الأنظمة والقوانين المتعلقة بمعالجة مشكلة النازحين والمهجرين، وصيانة وضمان حقوقهم وملكياتهم والعمل على تسوية أوضاعهم من الناحية الأمنية والقانونية، ومن ناحية الخدمة العسكرية.
وقالت: «هناك مخاوف على مستوى السيكولوجيا الجمعية وعلى مستوى إحساس الناس من «مقولات إعلامية» تتحدث عن «التهجير القسري» و«الانزياح الديمغرافي» و«التشيع» وإجبار الناس على ترك مناطقهم و«استبدالهم» بآخرين… المطلوب هو تدخل السياسات الحكومية لتوضيح هذه المسائل، وإرسال رسائل مطمئنة للناس، والحديث عن حدود هذه الظواهر إن حدثت بهذه الطريقة».
ودعت الورقة إلى إيجاد بدائل حقيقية للتواصل مع المهجرين، فمثلاً يمكن العمل بفكرة الدبلوماسية الرقمية، فإذا لم نستطع مثلاً فتح سفارة في ألمانيا، يمكن إنشاء موقع إلكتروني تفاعلي واحد يضم كل ما يخصّ ويتعلق بالمهجرين من قوانين ومراسيم وآليات لتكون وسيلة للتواصل مع من يريد من المهجرين، والعمل مع الجهات في الخارج والتي نلتقي معها في موضوع المهجرين السوريين، كاليمين المتطرف.
وأشار إلى ضرورة مراعاة خصائص المهجرين عند وضع السياسات العامة للتعامل مع هذا الملف، أي التمييز ليس فقط على أساس بلدان اللجوء، بل من حيث المهارات والخبرات، وإلى الاقتناع والقبول بفكرة وجود أمة سورية في الخارج، والتعامل معهم على أنهم مواطنون سوريون، والعمل على إنشاء روابط معهم، ورعايتهم ودعمهم كدولة أو عبر المجتمع المدني.
وبينت الورقة ضرورة العمل على الرأي العام المحلي وإزالة التقييمات المسبقة تجاه المهجرين، «فهم ليسوا خونة وإرهابيين كلهم، وقد تتكالب الدول وتعيدهم دفعة واحدة، يجب أن يتم التحضير لاستيعابهم، وأن يكون هناك قبول رسمي وشعبي لهم، وإلا فسنكون مقبلين على مشاكل اجتماعية وأمنية جديدة».
وختم «مداد» ورقته بالقول: «كل من أراد العودة، فسورية بلده، والباب مفتوح له، ومن لا يريد فهذا حقه وخياره، فالبقاء عند الكثيرين هو خيار اقتصادي وليس سياسياً».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن