الأولى

إذا انفجر الصندوق الأسود

| نبيه البرجي

الأمير الذي يقف على قرن ثور…
هل يمكن لأي كان أن يضع نفسه بين فكي دونالد ترامب؟ في واشنطن يستذكرون أن محامي ريتشارد نيكسون من قاده إلى الكرسي الكهربائي في فضيحة ووترغيت. أمام المكتب البيضاوي، تتكدس الفضائح كما لو أنها أكياس القمامة.
الآن محامي الرئيس الأميركي مايكل كوهين بمثابة «الصندوق الأسود». الرجل الآتي من ليالي لاس فيغاس يتدحرج نزولاً. ماذا إذا انفجر الصندوق الأسود، وتقيأ كل ما في داخله؟
في تلة الكابيتول يسألون «لماذا يحمل دونالد ترامب محمد بن سلمان على ظهره؟».
حتى الآن، لم يدركوا أنه الشرق الأوسط. التقاطع الدراماتيكي يبن خط الزلازل وخط الحرائق. الكاميرات كانت جاهزة للحظة التاريخية (التوراتية) التي يظهر فيها ابن سلمان يداً بيد، كتفاً إلى كتف، مع بنيامين نتنياهو.
جاريد كوشنر تولى الاعداد اللوجيستي للحدث. هو وولي العهد تطابقا في الرأي بأن رياح الكابيتول إن هبت لا بد أن تذهب برأس الأمير. السبيل الوحيد لتدارك ذلك، وكما رأى رايان كروكر، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي، «الصدمة العجائبية»، أي إعلان ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الإسرائيلي قيام السلام بين الكعبة والهيكل.
شخصية خليجية رفيعة المستوى قصدت، في الليلة ذاتها لنشر الخبر، قصر اليمامة لتقول لمحمد بن سلمان «لن تكون القنبلة تحت عباءتك فقط بل تحت عباءاتنا جميعاً».
كان هذا، أيضاً، رأي مرجعيات أوروبية اعتبرت أن الظروف الراهنة، وحيث الضباب يكتنف المشهد الأميركي، ليست ملائمة على الإطلاق للمجازفة التي لا بد أن تأتي بردات فعل لا يمكن تصورها إن على مستوى الحكومات أو على مستوى الشعوب.
قواعد اللعبة كلها تتغير في المنطقة. ليس العرش وحده الذي سيكون تحت الحصار. المملكة ستكون، حتماً، مهددة بالانفجار.
ثمة من دق جرس الانذار، ولاحظ أن حرب اليمن، بأبعادها التراجيدية، أحدثت هزة نفسية، وأخلاقية، داخل المجتمع السعودي، كما أن المؤسسة العسكرية التي تختبر، ميدانياً، للمرة الأولى، وفي أوضاع بالغة التعقيد، باتت تعاني من تخلخل كارثي بسبب المراوحة الدموية، والعبثية، على مدى أربع سنوات.
مراكز أبحاث غربية أشارت إلى أن الأرمادا العسكرية التي تم إعدادها لمعركة الحديدة أسطورية بكل معنى الكلمة. طيارون إسرائيليون قادوا القاذفات السعودية، وكان هناك نحو عشرة مستشارين إسرائيليين في غرف العمليات.
استخبارات البنتاغون، وهذا رأي البريطانيين، وضعت تقريراً يشير إلى أن معركة الشوارع في الحديدة ستكون شاقة، ومكلفة، إلى أبعد الحدود بالنسبة إلى القوات السعودية التي بات المقاتلون اليمنيون يدركون نقاط ضعفها، إذ تصاب بالوهن لدى انتهاء الساعات الأربع والعشرين الأولى، لتبدأ بالتراجع وطلب الإمدادات.
ولي العهد الذي كان يراهن على الالتفاف حول الكونغرس بالظهور مع نتنياهو، اقتنع، أخيراً، بأن ترامب ليس في وضع يستطيع معه أن يؤمن له التغطية، بما في ذلك التغطية العسكرية أي إمكانية تنفيذ عمليات إنزال للقوات الأميركية على الأرض السعودية.
خطوات إلى الوراء. وقناعة حتى في البنتاغون بأن مغامرة عشوائية تقود إلى تقارب، بل إلى تلاحم، بين قوى إقليمية محورية. ما النتيجة في هذه الحال؟
الإجابة في سؤال روبرت مالي، المسؤول البارز سابقاً في مجلس الأمن القومي: متى يفلت الشرق الأوسط من أيدينا؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن