ثقافة وفن

علينا رفع شعار إعادة إعمار الثقافة السورية … باسم دحدوح لـ«الوطن»: على الجهات المعنية ألا تتعامل مع الفن التشكيلي بأنه نشاط بل كمنجز حضاري قيّم

| سوسن صيداوي- تصوير أسامة شهابي

تظاهرة أيام الفن التشكيلي السوري، تفرِد المشهد في حيّز واسع، لقد فُتحت الصالات عارضة الأعمال المتنوعة والمتناغمة مع التجارب، منها الواعد ومنها المؤسس والحامل عبء وهم الفن التشكيلي السوري، ومن الأعمال الموهوب والساعي كي يكون أفضل، ومنها من عليه أن يسمع النقد ويحمله معه دائماً باعتباره راغباً باستحقاق لقب «فنان تشكيلي سوري». إذا من هذه التظاهرة على النقاد أن يكونوا فاعلين كي يتم الفرز. ومن المعارض التي تستحق التقدير والحضور، المعرض الجماعي الذي أقيم بصالة غاليري كامل بدمشق برعاية وزارة الثقافة والجامعة العربية الدولية، حيث تمّ عرض أعمال لأساتذة الجامعة المتقدمين بالخبرة والاسم والتجارب ومعهم في الصف نفسه تجارب زملائهم الشباب، وأخيراً تجدر الإشارة إلى أن المعرض مستمر لغاية الـ25 من الشهر الجاري، ويحمل توقيع كل من: إلياس الزيات وحسان عنتابي وإحسان العر وإحسان سطوف وباسم دحدوح وبسيم سباعي وسهيل معتوق وعدنان حميدة وعمران يونس ومحمد الشبيب ومروان جوبان ومنار شوحة ونصوح زغلولة.
«الوطـن» كانت في الافتتاح وإليكم لقاءات سريعة مع بعض من الفنانين المشاركين.

إلياس الزيات
أوضح الفنان التشكيلي إلياس الزيات أنه خلال سنوات الأزمة لم يتابع الحركة التشكيلية وأيضاً نشاط الفنانين السوريين بسبب تنقله الدائم بين دمشق ولبنان، لكنه أكد خلال حديثه تمسكه القوي بالأمل بعودة الحركة التشكيلية إلى نشاطها وأن تكون أفضل، معتبراً المعرض الجماعي الذي شارك فيه بلوحتين زيتيتين «يضم أعمال نخبة من الفنانين السوريين، وهم من أفضل الأساتذة الذين يعلّمون في كلية الفنون بالجامعة العربية».
وعن مشاركته قال: «اسم اللوحة (عصفور على الشجرة) والأمر الذي دفعني إلى رسمها بساطة الفكرة وعمقها في الوقت نفسه. لقد قطعوا الشجرة المقابلة لمنزلي، وهذا الفعل استفزني ودفعني للسؤال والتفكير حول العصافير التي توطّنت عليها وبنت أعشاشها التي عاشت فيها لأعوام -أين ستعيش؟- ومن خلال هذه اللوحة ورمز الشجرة أدعو للتمسك بالأرض ورفض الهجرة مهما بلغت الظروف، أما بالنسبة لـ«اللوحة الثانية» فهي تحمل اسم (صخور أرواد)، ومن خلالها عملت على إظهار تاريخ هذه الجزيرة وصمودها رغم حجمها الصغير وعمق البحر وتبدّل أحواله، وكيف حافظت في الوقت ذاته على الحضارة السورية وحياة السكان فيها والصيادين».

باسم دحدوح
بداية حدثنا الفنان التشكيلي باسم دحدوح عن أهمية المعرض الحالي الذي جاء مع نشاطات أخرى كنتيجة لتظاهرة أيام الفن التشكيلي السوري، لأنه يجمع ثمرة جهود لأساتذة في الجامعة العربية من خلال أعمال تعود لأجيال مختلفة من الفنانين من المدرّسين في الجامعة، وعن عمله المشارك يوضح «لوحتي هي امتداد لتجربتي السابقة في معرضي الفردي (الإنسان والثور)، اليوم الإنسان تخلّى عن الجانب الحيواني فيه-بالتخلي عن قرونه-متمسكاً بإنسانيته، ولكنه ما زال إنساناً مكسوراً لكوننا ما زلنا نعيش في الأزمة ولم نخرج منها بعد، وبالنسبة للحركة التشكيلية السورية في وقتها الراهن، خطاها غير ثابتة، بمعنى أننا نحن الفنانين نعرج أثناء السير، وهذا الأمر طبيعي، الفن التشكيلي تأثر بالأزمة كالشارع السوري، وعلى صعيد النسيج الاجتماعي سواء، إذا نحن بحاجة إلى إعادة ترميم، وهنا أحب أن ألفت النظر إلى نقطة مهمة جداً وتأتي مع مناسبة رفعنا شعار إعادة الإعمار، وأشدد أنه علينا أن نرفع شعار إعادة «إعمار الثقافة السورية» مع الإعلاء من شأنها، فالسواد الذي خرج في سني الأزمة هو دليل على أن صقل الإنسان السوري في مرحلة ما لم يكن صحيحا، لهذا كان السوري هشاً وكُسر، ولكن ما يعزينا أن الإنسان السوري عمره سبعة آلاف سنة وهو ابن حضارة وصانعها هذا من جهة، ومن جهة أخرى أختم بالتالي: على الجهات المعينة ألا تتعامل مع الفن التشكيلي بأنه نشاط، بل هو منجز حضاري ويجب التعامل معه كقيمة مهمة».

سهيل معتوق
على حين بيّن الفنان التشكيلي سهيل معتوق القيمة الإبداعية للعمران الدمشقي القديم، وهو ملتزم بإبراز هذا الفن منذ زمن طويل لأن اختصاصه هو العمارة الداخلية، ويتابع عن مشاركته في المعرض بالحديث عن لوحاته الثلاث «أنا ذهبت في اتجاه رسم البيت السكني لأنه قريب من اختصاصي، واللوحات الثلاث التي قدمتها تضج بالشفافية والرموز الكثيرة، فالإنسان في التصوير والرسم هو العمود الأساسي في هذا البناء، لأنه عمّر بيته بيديه، واضعاً في الغرف عاداته وتقاليده، وبالتالي جاء البيت على صورته ومشابها له، إذاً هنا الإنسان لم يفهم الفن، ولكنه أنتجه، وتجدر الإشارة إلى أن العمارة الطينية مرتبطة جداً بالإنسان، فهو من التراب وإلى التراب يعود. وبالنسبة للرموز التي أستخدمها كعناصر تشكيلية هناك الهلال وهو موجود بكل أعمالي-أنا أحبه لأنه لا يظهر إلا عندما تكون السماء صافية- وأيضاً هناك الشبابيك والأعمدة وكلها عناصر أوجدتها الإنسانية. وأيضاً أركز دائماً في أعمالي على التضاد اللوني «الكونتراس» فحياتنا كلها تضاد، فهناك الليل والنهار، والصباح والمساء، الخير والشر، إذاً التضاد أساسي في حياتنا، وفي الوقت نفسه بمعناه كمفهوم، أصوغه كتشكيل باللوحة كي تظهر فيه العناصر الأساسية التي بناها الإنسان».
خاتماً حديثه بأن تظاهرة أيام الفن التشكيلي الحاضرة اليوم في صالات العرض هي حالة صحية وجيدة ويجب أن تستمر.
عدنان حميدة
على حين أشار الفنان التشكيلي عدنان حميدة إلى أنه عرض لوحتين تمّ اختيارهما من مجموع خمسين لوحة، هي خلاصة تجربة سبع سنوات، مضيفاً «موضوع الطبيعة الصامتة يستهويني، وأحب أن يرى المشاهد في أعمالي كينونة جديدة لم يرها من قبل، وأدعوه عبر الألوان والخطوط والتكوينات كي يتساءل ويسرح في خياله، وهي مشغولة بالإكريليك والباستيل والمعجون وورق الجرائد بهدف إغناء الموضوع التجريدي الذي أترك قراءته للمشاهد».
وعن تظاهرة أيام الفن التشكيلي أكد الفنان «هذه التظاهرة بفعالياتها المتنوعة في الصالات، تفرد مجالاً واسعاً للبحث وللفرز، فالمشهد التشكيلي السوري غني ومنتشر في كل الصالات، وهنا يبرز دور النقاد في مشاهدة ومتابعة الأعمال، وسيكون الفرز من أجل التطوير، وفي النهاية نحن لسنا ضد الهواة، ولكن علينا احتواؤهم لصقل موهبتهم ودعمها كي تُقدّم بالشكل الصحيح حتى تستمر».

إحسان عنتابي
بينما أوضح الفنان التشكيلي إحسان عنتابي أن مشاركته في هذا المعرض هي استمرارية لمعرضه «شوهد» الذي أقيم العام الماضي في الآرت هاوس، مبيناً أنه قدم عملين في المعرض الحالي مازجا الألوان الداكنة، ومعبراً عمّا مررنا به خلال هذه السنوات العصيبة التي فُرضت على سوريتنا، حيث يجسد بالفحم رموزاً متعلقة بالهجرة ومصورة عبر فضاءات البحر والسماء وبالزورق وبالرجل المصلوب، معبراً عن حالات الألم والعذاب وصور المغادرة التي تعرض لها السوري في سني الأزمة سواء أكانت مغادرة بالروح، أم مغادرة بالوطن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن