ثقافة وفن

أديبة استثنائية من زمن آت … عزة أحمد هيكل لـ«الوطن»: الأدب والفن هما القوة الناعمة التي تحارب الفكر الظلامي والتطرف وتنتصر عليه

| القاهرة- لونا بوظو

تعتبر الأديبة والناقدة والإعلامية والناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة والطفل الدكتورة عزة أحمد هيكل أحد أهم الإعلاميين المعدودين المؤمنين بضرورة تكامل كل من المشروعين الثقافي والإعلامي الذين يعملون جاهدين من أجل بناء إعلام جديد ذكي ومتطور من الناحية الفنية ومن ناحية مضمون يواكب العصر بكل إيقاعاته السريعة، لذلك فهي تتصدى لهذه المهمة بقدر كبير من الأمل والتفاؤل، يعكس ثقتها بأدواتها العلمية والفنية التي تتعامل بها في عملية بناء عقول الألف من طلبة الإعلام التي تجري كل يوم في الحياة الأكاديمية.
مع الدكتورة عزة أحمد هيكل عميدة كلية اللغة والإعلام في الأكاديمية البحرية للعلوم والتكنولوجيا إحدى منظمات جامعة الدول العربية كان لنا هذا اللقاء الذي حاولنا فيه أن يكون أكثر من مقابلة صحفية إلى حوار لاستعراض الآراء حول أكثر المشاكل الإعلامية والثقافية إلحاحاً في وقتنا الراهن.

كونك ابنة الأديب والمفكر ووزير الثقافة المصرية السابق الدكتور أحمد هيكل.. والمربية الفاضلة السيدة عطيات حافظ فوزي التي كانت أول فتاة مصرية تلتحق بدار العلوم، فهل النشأة في بيئة أدبية كان لها دور في تنمية ميولك الثقافية والأدبية؟ وبمن من والديك تأثرت أكثر؟
بالفعل كان لنشأتي في بيئة أدبية الدور الأكبر في تنمية ميولي الفكرية والأدبية وإثرائها بالكم اللازم من المعلومات الثقافية، أنا تأثرت ومنذ الصغر بفكر والدي المنهجي، بشخصيته الرزينة، بحبه الكبير للعلم والأدب والفن، بتفانيه في العمل العام فوالدي رفض أن ينحصر دوره كأستاذ جامعي داخل أسوار الجامعة فقط وذلك لإيمانه الكبير بأن الدور الأهم الذي يقع على عاتق العامل في المجال الأدبي أو الثقافي يقع تجاه مجتمعه من أجل رفع وعيه والارتقاء به ثقافياً وفكرياً ولذلك كنت تجدين بيتنا وقد تحول إلى منتدى ثقافي يزخر بأهم الشخصيات الأدبية والفكرية والفنية المصرية الفاعلة والمؤثرة في خارطة مصر الثقافية، فعلى سبيل المثال لا الحصر كان من ضمنهم كل من الشاعر الكبير جميل مرسي عزيز، الفنان عبد الحليم حافظ، الفنان فؤاد المهندس، الفنان حسن يوسف، الشاعر فاروق شوشة، الكاتب الصحفي إسماعيل النقيب، المؤرخ والمفكر الكبير الدكتور أحمد شلبي وآخرين لا يتسع المجال لتعدادهم وذكرهم حتى إن الشيخ متولي شعراوي زارنا أكثر من مرة إذ كان أستاذاً لوالدي إبان دراسته في المعهد الديني الأزهري بالزقازيق… أما والدتي فقد كانت مثقفة مرهفة الشعور محبة للجميع تحب عائلة زوجها بالقدر نفسه الذي تحب فيه عائلتها، منها تعلمنا معنى التسامح وحب الآخر وحب الفن فقد كانت متعددة المواهب منذ الصغر تمارس رياضة التنس وإلقاء الشعر كما كانت عضواً في فريق التمثيل بالجامعة الأمر الذي أدى لاختيارها الفتاة المثالية للجامعة عام 1954، حبها للفن والأنشطة المختلفة لم يتوقف عند مرحلة عمرية معينة فقد استمرت بعد عملها كمدرسة في إقامة العروض المسرحية والفنية والرياضية في مدرستها، كما كانت تحرص على اكتشاف المواهب الفنية والعلمية والثقافية ورعايتها، والدتي علمتنا أهمية تنظيم الوقت وعدم إهداره فيما لا يفيد لأنها وبالرغم من كونها امرأة عاملة استطاعت الوصول إلى منصب مدير مجمع مدارس «القومية» إلا أنها كانت بارعة جداً في تنظيم وقتها بين العمل والمنزل من دون أن يتأثر. تأثرت كثيراً برقيها، بطريقة تعاملها مع الآخرين، بدبلوماسيتها خلال فترة عمل والدي كمستشار ثقافي في السفارة المصرية بإسبانيا، كما أخذت عنها حب الأناقة والاهتمام الشديد بالمنزل بنظافته وبإضفاء لمسات جمالية عليه بين آونة وأخرى وبشكل يزيد من رونقه وبهائه.

إضافة لوالدك بمن من الأدباء والمفكرين تأثرت أيضا؟
تأثرت بكثير من الأدباء الذين ساهموا في تشكيل وعيي الثقافي المبكر وميولي الأدبية ولعل في مقدمتهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، الأديب يوسف إدريس الذي كانت تجمعه مع والدي علاقة صداقه، الأديب والإعلامي إحسان عبد القدوس، شاعر الحب والجمال المبدع نزار قباني، كما تأثرت أيضاً بالشعر الأندلسي وبالذات بشعر ابن خلدون وخاصة ما نظمه في حب ولادة بنت الخليفة المستكفي التي طالما سحرتني بشخصيتها الفريدة فقد حولت قصرها في الأندلس إلى صالون أدبي شهير يؤمه كبار الأدباء والشعراء ورجال السياسة لتتناقش معهم بالأمور الأدبية وتلقي أمامهم الشعر في الوقت الذي كانت تعامل فيه المرأة الأوربية كامرأة من الدرجة الثالثة، أما في العصر الحديث فقد تأثرت بالعديد من الشخصيات النسائية الرائدة من أمثال عائشة عبد الرحمن، د. نعمة فؤاد، لطيفة الزيات مؤلفاتها وأسلوبها كأستاذة جامعية وكاتبة مرموقة.

بصفتك ناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة والطفل كيف تقيمين إنجازات المرأة المصرية وخاصة المثقفة حتى الآن في حياة مصر الحضارية؟
المرأة المصرية امرأة ريادية منذ الأزل ومتقدمة على جميع نساء العالم قاطبة فقد كانت المرأة في العصور القديمة تمارس العمل في جميع المهن من دون استثناء تعمل في الزراعة في الصناعة في الكهنوت، إلى أن جاءت عصور الظلام إبان حكم المماليك والخلافات الإسلامية المتلاحقة التي حظرت على المرأة العمل واحتجزتها في الحرملك ومع ذلك كانت هناك استثناءات، ففي عهد الخليفة المستكفي بالله مثلاً كان يسمح للمرأة المعيلة أي المطلقة أو الأرملة بالعمل كي تعيل نفسها وأولادها، أما فترة الحكم العثماني فهي تعتبر برأيي الأسوأ فيما يتعلق بحقوق المرأة وممارستها للعمل خاصة تلك التي تنتمي للطبقة الوسطى في المدن أما في الأرياف فالمرأة لم تتأثر واستمرت بالعمل مع الرجل في الزراعة وتربية الماشية واستمرت هذه الردة الحضارية مستمرة إلى أن جاء حكم محمد علي باشا في أواخر القرن التاسع عشر وظهرت للمرة الأولى بذور فكرة إحياء تعليم المرأة من جديد. وبالرغم من أن الشائع والمعروف أن محرر المرأة هو قاسم أمين ولكنه في حقيقة الأمر جاء متأخراً عن علي مبارك والخديوي إسماعيل اللذين افتتحت في عهدهما أول مدرسة لتعليم الفتيات وهي «المدرسة السينية» في السيدة زينب ومنذ ذلك العهد ابتدأت المرأة تعود للعمل وإن كان في مجالات محدودة كالتعليم والتمريض، النقلة النوعية الكبيرة حصلت مع انطلاقة ثورة عام 1952 حيث أصبح بإمكان المرأة العمل في جميع الميادين يداً بيد إلى جانب الرجل، ولكن الردة الحضارية الثانية التي سادت في فترة السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي حصلت إبان غزو الفكر الوهابي لمصر وامتداده، فأصبحنا نشاهد انتشار ظواهر غريبة عن المجتمع المصري كزواج القاصرات، تعدد الزوجات، زواج المسيار، النقاب. ولكننا الآن ولله الحمد نشهد عهداً جديداً يؤكد تفعيل دور المرأة وتمكينها من العمل في المجالات كافة لتعود وتساهم وبشكل أكثر فاعلية في إعادة بناء المجتمع المصري ونهضته وإعادة دمجه في حياة العصر الحضارية.

إلى أي درجة برأيك ترين أن المرأة الشرقية بشكل عام والمصرية بشكل خاص أصبحت مستقلة عن الرجل وتستطيع العيش من دون الهواجس القديمة التي يسببها وجود الرجل في حياتها؟
على الرغم من أن المرأة كائن مساوٍ للرجل تماماً فكرياً وإنتاجياً وبإمكانها العيش مستقلة عنه على الصعيد العلمي والاقتصادي ولكنها برأيي ستظل منقوصة على الصعيد الإنساني لأن كلا الطرفين يكمل بعضه بعضاً، فقط المرأة السطحية التفكير هي التي تعيش في هاجس إرضاء الرجل والخضوع له ومن أجل لفت نظره إليها تحرص على الاهتمام بشكلها الخارجي فقط وتهمل بناء الجانب العقلي والفكري والروحي فيها ولكنها لا تعلم أن الرجل غالباً ما يتعود على الجمال ويسأم منه إذا لم يترافق مع الذكاء وجمال العقل والروح فيهجرها وينتقل لأخرى، ومع الأسف الشديد فإن الإعلام يعتبر أحد العوامل الأساسية التي رسخت لهذا التوجه إذ تجدين أن معظم البرامج الإعلامية الموجهة للمرأة تركز على الشكل الخارجي فقط سواء كان حجاباً أم عرياً. لذلك يجب على المرأة أن تهتم بتنمية قدراتها العقلية والفكرية والإبداعية حتى تكون شخصية متميزة خلاقة فاعلة في المجتمع.. ولعلك أنت تجسدين هذا النموذج المنشود للمرأة العاملة فأنت إعلامية شابة تجمع إلى جانب جمال الشكل الخارجي جمال العقل والروح وهذا هو سبب إعجابي بك.

شكراً لشهادتك التي أعتز بها، في الإطار ذاته أغلب مؤلفاتك القصصية والأدبية «امرأة من زمن آت» «ملامح امرأة مصرية» «نعم إني امرأة» تصب في مصلحة قضايا المرأة التي طالما حملت لواء الدفاع عن حقوقها، ولكنك في كتابك «تحرير الرجل» دعوت لتحرير الرجل فهل الرجل يحتاج إلى تحرير فعلاً؟
كتابي هذا أيضاً أتى ضمن توجهي في الاهتمام بقضايا تحرر المرأة والحرص على حصولها على حقوقها كاملة غير منقوصة، أنا كتبت ثلاثية عن المرأة وثنائية عن الرجل إذ لدي ديوان شعري آخر بعنوان: «رجل تاه» والآن بصدد إصدار ديواني الشعري الثالث عن الرجل، الرجل فعلاً بحاجة إلى التحرر من تصوراته الذكورية المتسلطة التي تهمش من دور المرأة وتقصيها عن المشاركة في الحياة العامة فالدعوة التي وجهتها في كتابي هي دعوة لإزالة جميع الترسبات والترسخات للأفكار والمعتقدات البالية التي عفا عليها الزمن والتي يحاول التيار الديني المسيّس المتشدد زرعها من جديد في سلوكيات الرجل وبشكل تحكم نظرته للمرأة وتحدد طبيعة علاقته معها وبالتالي فهي تصب في مصلحة قضية المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والتشريعات والواجبات.

المشهد الإعلامي في مصر فوضوي وعشوائي تنتشر فيه برامج التوك شو والبرامج الفنية الترفيهية، ماذا عن دور الإعلام في التوعية والتنمية الثقافية؟ وهل استطاعت وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها أن تجذب ولو جزءاً من الجمهور للأعمال الأدبية؟
مع شديد الأسف الإعلام لدينا مغيب تماماً عن المنتج الثقافي وعن الدور التنويري الذي يقع على عاتقه في تثقيف المجتمع ورفده بالمعلومات الثقافية الغنية والمتنوعة والسبب يعود لعدم وجود أي رابط بين المؤسسات الإعلامية والمؤسسات الثقافية، الإعلام الحالي إعلام غابت عنه الرؤية الموضوعية فأصبح يشكل أداة هدم وليس أداة بناء للشخصية المصرية لأنه إعلام تجاري يخدم الجهة المعلنة في الدرجة الأولى ويقدم برامج متشابهة ضحلة التفكير والإعداد ولعل جميع هذه الإرباكات التي يمر بها المشهد الإعلامي المصري هي التي شكلت لدي دافعاً قوياً لتأسيس كلية للغة والإعلام التي تهدف لتخريج جيل واع جديد من الإعلاميين الشباب يحمل مشعل التغيير والتنوير، جيل قادر على الابتكار والخلق والتجديد وتغيير الصورة النمطية الباهتة للإعلام المصري الحالية، جيل يؤسس لإعلام جديد جاد يخدم المجتمع المصري على كل الصعد.

وهل حققت هذه التجربة الأولى من نوعها في الشرق الأوسط وأقصد كلية اللغة والإعلام التي تجمع بين تعليم أسس وتقنيات ومهارات الإعلام جنباً إلى جنب وبين تعليم اللغات النتائج المرجوة منها خاصة بعد تخريج الدفعة الخامسة من طلاب الكلية؟
أنا كوالدي تماما أؤمن بأن الاستثمار الأنجح والأمثل يكون في بناء عقل الإنسان لذلك فالحلم الذي رافقني طوال حياتي كان يتجسد بأن أستطيع المساهمة وبشكل فعال في قضية إعادة بناء وتشكيل شخصية الإنسان المصري والارتقاء به فكرياً، وهذا ما يمكن أن يساهم فيه وإلى حد كبير الإعلام الجاد الملتزم بالقيم والمثل العليا وميثاق الشرف الإعلامي بوسائله المختلفة والذي يسعى إلى إعادة البناء الاجتماعي المتكامل وبشكل يخدم مصلحة الفرد والمجتمع بآن واحد، لذلك عملت جاهدة على تأسيس كلية نوعية تقوم بتخريج دفعات متلاحقة من الإعلاميين الشباب الذين يجمعون بين المهارات اللغوية «العربية، الإنكليزية، الفرنسية، الإسبانية» لأهميتها الكبيرة في التواصل مع العالم الخارجي وبين آخر مستجدات العلوم والتقنيات والمهارات الإعلامية المعاصرة إضافة لإلمامهم بمختلف الاهتمامات الفنية والأدبية لأن الإعلام لا يقتصر على الخبر فقط الذي يمثل في حقيقة الأمر أحد روافد الإعلام لأن الإعلام بمفهومه المعاصر توسع وأصبح يشمل كلاً من الفن والثقافة والدراما التلفزيونية والسينمائية والمسرح والاجتماعيات والإعلان والأغنية والبرامج الترفيهية والأفلام التسجيلية. وأنا متفائلة جداً بأن النتائج المشرفة لكليتي اللغة والإعلام ستؤتي ثمارها في المستقبل القريب إن شاء الله.

أيضا أنت دعوت وعبر أكثر من منتدى إعلامي إلى ضرورة إصلاح المنظومة التعليمية وخاصة في المراحل الدراسية الست الأولى للطفل حيث يتشكل وعيه وتتحدد طريقة تفكيره وشخصيته المستقبلية، فكيف بالإمكان إصلاح منظومة التعليم المهترئة من وجهة نظرك؟
أنا بالفعل دعوت لإصلاح المنظومة التربوية برمتها وركزت على ضرورة توحيد وتعميم جميع مناهج التعليم الابتدائي في مصر تحت مسمى واحد «مرحلة التعليم الأساسي» أي بمعنى آخر أن تلغى كل المناهج الدراسية المختلفة التي تدرس في المدارس الخاصة والمدارس الدولية وصولاً إلى المعاهد الأزهرية التي انتشرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، فالأطفال الذين يتشكل وعيهم في هذه الفترة العمرية البالغة الأهمية تؤسس لديهم اختلافات فكرية جذرية حسب نوعية التعليم الذي يتلقونه الأمر الذي يكرس التفرقة والتعصب والكراهية والانقسام بين المصريين في المراحل العمرية اللاحقة، لذلك أعود وأؤكد وجوب توحيد التعليم في جميع مدارس الجمهورية وتوحيد المناهج الدراسية التي تنمي لدى الطفل مهاراته الأولية الثقافية واللغوية والتعليمية وأن تبتعد المناهج التعليمية الموحدة عن الحشو والتلقين وتعمل على تعويد الطفل البحث والتفكير المنهجي منذ الصغر.

«تاء التأنيث» «يوميات امرأة عصرية» «على مسؤوليتي» «ستات وبس» برامج إذاعية أعددتها وقدمتها عبر أثير إذاعة الشرق الأوسط، فلم اخترت الإذاعة بالذات لتوجهي خطابك الثقافي التنويري عبرها؟ فهل ترين حقاً أن البث الإذاعي ما يزال يحظى بشعبية جماهيرية مناسبة كالسابق وخاصة أننا نعيش الآن في عالم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية المختلفة؟
أنا في البدايات اخترت العمل الإذاعي لأنه كان الخيار المتاح أمامي ولكن بعد ممارستي العمل الإذاعي توصلت لقناعة كاملة بأنه القناة الأمثل لإيصال خطابي التنويري عبرها وذلك لأن الشريحة المستهدفة من البث الإذاعي تختلف كليا عن جمهور الشاشة المرئية ووسائل التواصل الاجتماعي فمتابعو الشاشة الصغيرة أغلبهم من الطبقة التي تتمتع بوعي فكري وثقافي مناسب، بينما يتوجه البث الإذاعي إلى الطبقات العاملة والبسيطة وفي الوقت نفسه يخاطب جميع شرائح الجمهور الواسع المتباين الثقافة أثناء تنقله بوسائل المواصلات العامة والخاصة، لذلك عندما قررت تقديم برنامج «على مسؤوليتي» اخترت الفترة الصباحية لبثه لأنها الفترة التي تشهد ذروة الازدحام المروري ولأنها الفترة التي تستمع إلى برامجها أغلبية الطبقة العاملة وهي تمارس أعمالها المختلفة.

في الإطار نفسه قمت بتأسيس إذاعة ناشئة في كلية الإعلام بالأكاديمية البحرية، إلى أين وصلت بمشروعك هذا؟
في الوقت الحالي نحن ما نزال في طور الإعداد والتجريب فالإذاعة التي أنشأناها توجه برامجها الأولية لطلبة الأكاديمية البحرية فقط، ولكننا نعمل بوتيرة متسارعة على استكمال وضع الخطط اللازمة والبرامج النوعية واللمسات النهائية كما نقوم باختيار الكادر الملائم للبث الإذاعي من الطلبة الموهوبين وتدريبهم على المهارات الإذاعية لإعداد وتقديم البرامج الإذاعية المختلفة التي تعكس شخصيتهم، والخطوة التالية ستكون بأن نتوسع ونقوم بإنشاء إذاعة خاصة بنا يكون طلبة كلية اللغة والإعلام النواة الأولى لها.

صدر لك كتاب يوثق ويؤرخ لتاريخ الدراما التلفزيونية بجزأيه؟ فهل أنت راضية عن مسيرة الدراما التلفزيونية المصرية في الوقت الحالي؟
الدراما المصرية تمر بالوقت الحالي بكبوة وبمرحلة تراجع كبير بالإنتاج النوعي وذلك لأن وزارة الإعلام انسحبت وتوقفت عن تقديم الدعم المادي والمعنوي للدراما التلفزيونية كما كانت تفعل في السابق في عهد ازدهار الدراما المصرية، لأنه كانت هناك ثلاثة قطاعات كبيره تتبع لوزارة الإعلام تمول وتشرف على تنفيذ المسلسلات التلفزيونية وهي القطاع الإنتاجي لهيئة الإذاعة والتلفزيون، صوت القاهرة، ومدينة الإنتاج الإعلامي، وبعد توقف هذه القطاعات عن الإنتاج تحول التمويل للقطاع الخاص ولشريحة كبيرة من رجال الأعمال التي لا تعي أهمية دور الدراما التلفزيونية كقوة ناعمة قادرة على إحداث تغييرات مهمة في المجتمع والارتقاء به على كل الصعد فما كان منهم ألا أن أبعدوا كبار الكتاب واستعاضوا عنهم بالأب غير الشرعي للدراما وهو ورش العمل التي تتألف كل منها من مجموعة من الشباب تقوم بكتابة سيناريو فاقد لأي مضمون فكري ولا يرقى بأي حال للنصوص المميزة الدرامية التي عرفناها في العهود السابقة فاختفت الدراما التاريخية والدراما الدينية والدراما الموجهة للطفل والدراما الاجتماعية وانحصرت الدراما الحالية في نوعين فقط هما الكوميديا غير الهادفة ودراما التشويق والإثارة التي تدور أحداثها حول محاور الجريمة والإدمان والسرقة والنهب، أو قصص السحر والعفاريت ولكي لا تفقد الدراما جمهورها عمل القائمون عليها على سد الثغرات بالاستقطاب والاعتماد على الأسماء الكبيرة لمشاهير الفنانين ولذلك أنا أطالب وبشدة بعودة الدولة لدورها الرعائي للدراما وبأن تتعاون مع القطاع الخاص وتضع خطة إستراتيجية شاملة للنهوض بهذا القطاع المهم من كبوته من جديد.

وما رأيك بالمقابل بالدراما السورية؟ هل تشاهدينها وما تقييمك لها؟ ومن من الفنانين السوريين يعجبك؟
الدراما السورية رائعة بالفعل استطاعت أن تنافس وبشراسة الدراما المصرية العريقة ولكنها الآن تمر بإرباكات وظروف حرجة نتيجة للأحداث المريرة التي شهدتها الشقيقة سورية في السنين الأخيرة. وأنا شخصياً أعتبر من أشد عشاق ومتابعي الدراما السورية خاصة التاريخية منها لأنهم مميزون جداً في هذا المجال بالذات ويكفي أن لديهم كاتباً كبيراً كوليد سيف مبدع الثلاثية الأندلسية «صقر قريش- ربيع قرطبة- ملوك الطوائف» وطبعاً الإخراج أكثر من رائع للفنان متعدد المواهب حاتم علي، ولك أن تتخيلي أنني الآن أتابع المسلسل للمرة الثالثة على قناة الـ«إم بي سي» وما أزال أشعر بالانبهار وكأنني أشاهده للمرة الأولى. الدراما الاجتماعية السورية أيضاً مميزة والسبب يعود إلى أن صناع الدراما التلفزيونية لديهم الوعي الكافي بأهمية الدراما التلفزيونية وملمون بأدبيات النصوص التلفزيونية ومن الأعمال التي شاهدتها وحازت إعجابي مسلسل «أهل الغرام» للمخرج الليث حجو، ومسلسل «اسأل روحك» الذي يتناول في كل حلقة من حلقاته قصة مختلقه عنوانها مأخوذ من أغاني كوكب الشرق أم كلثوم، أما عن الفنانين فأنا معجبة بالكثير منهم: الفنانة القديرة منى واصف والجميلة سلاف فواخرجي والفنان قصي الخولي والفنان باسل الخياط والفنان تيم حسن.

لو قدر لك أن تتولي حقيبة وزارة الثقافة ما أولوياتك؟
بالطبع ستكون الأولويات لتفعيل دور قصور الثقافة لكي تعود لنشر الثقافة ومختلف أنواع الفنون والآداب في جميع محافظات وقرى مصر ونجوعها النائية وذلك عبر إقامة العروض المسرحية، وإحياء فرق الفنون الشعبية ومعارض الكتب وإعادة إجراء المسابقات الشبابية الثقافية والفنية على مستوى جميع المدارس والمعاهد والجامعات المصرية، كما أتمنى أن تقام عروض موسيقية في جميع ميادين مصر المختلفة وانتشار الثقافة الجماهيرية على امتداد الأراضي المصرية ما سينقي الروح الإنسانية ويسمو بها وسيهذب السلوك البشري ويبعده عن الأفكار الظلامية فالأدب والفن هما القوة الناعمة الفعالة التي يمكننا عبرها محاربة الإرهاب ودحره.

أخيراً، هل أوقات فراغك تتأثر بتكوينك الفكري، وكيف تقضينها؟ وما أهم هواياتك؟
أنا من عشاق الاستماع للموسيقا الكلاسيكية، كما أحب الاستماع لمختلف الأغاني العربية والأجنبية… لكن متعتي الكبرى أجدها في قراءاتي المتنوعة الأدبية والشعرية، أيضاً أنا من هواة متابعة الدراما التلفزيونية وخاصة التي تتميز بمضمونها الفكري العالي فهي بمنزلة الأدب المصور بالنسبة لي إذ تجعلني أنسلخ عن واقعي المعيش لأعيش معها أدق تفاصيلها… وقد تستغربين إذا قلت لك إنني أستمتع فعلاً عندما أرتشف الشاي مع سندويش من الجبنة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن