من دفتر الوطن

تفاصيل عظيمة

عيد الفتاح العوض : 

في وقتنا الحالي معاناة الناس كثيرة الأوجه، وفي الوقت الذي لا أحد يستطيع أن يقدم لهم حلولاً سحرية لمشاكلهم المتعددة فإنه من المجدي أكثر بل من الواقعية أيضاً أن يكون التأثير في حياتهم بمحاولة تحسينها بقضايا صغيرة الشأن لكنها كبيرة الأثر. لا أحد هنا يستطيع الادعاء أن لديه الدواء الذي يعالجنا … دعونا على الأقل نستخدم مسكنات الألم.
أتحدث هنا عن الإحسان فيما بين الناس، ومساعدتهم في شؤونهم اليومية.
بيت شعر يلخص القضية..
ومن كان ذا فضل فيبخل بفضله
على قومه يستغنى عنه ويذمم
اليوم حاجات الناس كثيرة، ولا أحد إلا ويكون في لحظة ما بحاجة إلى الآخرين، وفي هذه الأزمة من المهم تقديم خدمات للناس ما أمكن في حدود الاستطاعة.
في الأزمات يصبح تقديم المساعدة واجباً وليس «فضلاً»، وقد تبدو الأشياء التي يحتاجها الناس بسيطة من حيث الشكل لكنها تؤثر في مزاجهم وحياتهم من حيث المضمون.
أن يكون الإنسان في موقع تقديم المساعدة هو نعمة يحسد عليها، وهم الآن قلة، فأغلب الناس مشغول بنفسه.
صحيح ثمة قضايا قلة الذين يستطيعون تقديم المساعدة فيها لكن بالوقت نفسه من واجب المجتمع أن يجد بوابات مساعدة للآخرين ولعل المؤهلين لتقديم المساعدات هم الحكومة ومؤسسات الدولة، ثم المجتمع الأهلي والشخصيات العامة.
حاجات الناس تتمحور حول تقديم الخدمات الحياتية لهم مع ظروف المعيشة الصعبة، وتقديم فرص عمل ولو بالرواتب المتدنية، وكذا معرفة مصائر الأشخاص الذين يهمونهم وهي نقطة ينبغي إيجاد حل لها بحيث يمكن لهؤلاء أن يكونوا وسائل لإعادة حياة البعض إلى طبيعتها.
كل منا يعلم أن تقديم الخير للناس هو إحدى الفضائل، ولأن الناس في عسرة فإن هذه المساعدة بأشكالها المختلفة ليست مجرد تفصيل صغير بل يمكن اعتبارها تفاصيل عظيمة إذا قسناها بالتأثير والفعالية.
وصدق من قال:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
غابة في القلب
الأشخاص حولنا مثل أشجار في غابة… عندما نفتقد واحداً منهم، فكأن أحداً اقتلع شجرة منها تترك فراغاً وإذا كثر الغائبون فإن غابة قلبنا تتحول إلى صحراء.
السوريون الآن وفي مسار الفقدان الذي يعانونه تتحول قلوبهم من غابات ماطرة بالحب إلى صحراء مملوءة بالأحزان.
أقول ذلك… ونحن نرى أسراب السوريين تتقاذفهم المخاطر في كل مكان وهذه الهجرة أخذت شكلاً مأساوياً.
في الأمر وجهان:
وجه موجع ومؤلم له علاقة بأننا نخسر هذا الكم منا خسارة جسيمة، وما ترك شاب البلد مع كل يتعرض له إلا لأنه فقد الكثير من الأمل في تحسن الأحوال والذين انتظروا إلى الآن حتى هاجروا فإن الانتظار أتعبهم.
أما الوجه الآخر.. فهؤلاء بشكل أو بآخر سيكونون في لحظة الحقيقة عوناً لسوريتهم وأهليهم، وثمة أجيال منهم ستتعلم في جامعات تظهر مقدراتهم وإمكاناتهم وبالمحصلة سيكونون رأس مالٍ سورياً مودعاً مؤقتاً في الخارج أو هكذا آمل.
أقوال:
• أول المروءة طلاقة الوجه.. والثاني التودد والثالث قضاء الحوائج.
• إذا سألت كريما فدعه يفكر.. وإذا سألت لئيما فاستعجله.
• «لأن أمشي مع أخي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن