يصادف هذا اليوم، أي الإثنين الثالث من بعد رأس السنة، مع تصنيف فلكي جديد، على الأقل إعلاميا في الغرب، باعتباره «أكثر الأيام كآبة في العام».
وهو على نقيض «الجمعة السوداء»، و«عيد العشاق»،وعيدي الميلاد ورأس السنة، ليس مخصصا للتسوق، والخضوع لموجات الإعلان الضخمة، والاستهلاك الأعمى، بل العكس، هو اليوم الذي تتجمع فيه العوامل المناقضة لكل تلك الأيام السابقة.
ووفقا لمعادلة رياضية، روج لها باعتبارها أصل التوصيف، فإن عوامل مثل نهاية موسم الأعياد (في الغرب بشكل خاص)، ومواجهة واقع ابتداء سنة جديدة،وبالتالي رحيل عام، وقلة الشعور بالحماس، مع إضافة العامل المادي المتمثل بمصاريف الأعياد، ويضاف لكل هذا الطقس البارد الكئيب. كل هذه العوامل تجتمع، لتضع الشخص في موقع متدني المزاج، ملتصق بالأرض، وميال للوحدة، قليل الإنتاجية.
وفي الأسابيع الأولى من كل عام، تسجل الشركات عموما انخفاضا في الفعالية، ويصبح شعور العامة، مثل شعور الطالب في شهر الامتحان، والذي يميل بشكل جارف لمطالعة كل كتاب في مكتبة المنزل عدا كتب الدرس، بل تنظيف المنزل بدل التحضير للامتحان.
المصطلح بالطبع تعرض لانتقادات كثيرة، باعتباره يعلن ذلك اليوم بمثابة «عيد للكآبة»، وهو الذي يعني التحضير لنزعة تسويقية جديدة، ستستغلها شركات التدخين والكحول ومثيلاتها، بل كان ثمة شكوك بأن شركات سياحية كبرى هي من قامت بترويجه، مستندة لسمعة اسم عالم رياضي حضره من أجل تسويق نزعات سياحية جديدة، تتخطى موسم الأعياد، لتتجنب كآبة فراغ جيوب السواح في تلك الفترة من السنة.
حتى الآن الحديث هنا عن الغرب، باعتبار أن الاحتفال بعيدي الميلاد ورأس السنة يكلف خزنة البيت معظم ما راكمته منذ الصيف، على عكسنا في الشرق،كطبقة متوسطة، حيث لا نراكم شيئا تقريبا، وإن حصل فثمة عيدان، هما عيد الفطر وعيد الأضحى، وهما يشكلان تحديين ماديين كبيرين، وخصوصاً للأسر الكبيرة.
والحديث هنا عن الأسر التي تعيش حياة طبيعية، دون تأثيرات الحرب المباشرة القاسية.
فالحياة الطبيعية، في مجتمع علمي يمكن توصيفها، وتصنيفها في مقاطع، ورسم سياسات خاصة تخضع لحسابات وتوقعات علمية هي الأخرى، ومستندة لمختصين في مجالات مختلفة، تضع في الحسبان الاحتمالات المختلفة للإخفاق، والنجاح، وتحضر خططا بديلة، وتستعد لها على المستوى التنفيذي.
هذا يساعد في المجتمع العلمي على التنبؤ بالشتاء، مثلا، فيتم التحضير له، بشكل يستند لثقة كبيرة بقدومه باردا كما جرى عبر التاريخ. ووضع سياسة بديلة احتياطية، تمثل تبرير أي تقصير في حال حصل، وشرحه للعامة التي ستصبر، إن أقنعها الجواب، وستصبر إن لم يقنعها، ولكن مع إحساسها بالاحترام، وربما بشيء من التعاضد.
والأمر بذاته ينطبق على الربيع، وخصوصا أن تواتر العواصف والمنخفضات سيترك آثاره في المواسم الزراعية، ليأتي بعدها الصيف، دون أن يفاجئنا بقدومه،وسيكون حارا كما العادة.
إن الحديث عن الحرب وانتهائها، مع الحديث عن الموسم السياحي الصيفي، لا يتفق بشيء مع واقع انعدام الوقود بشكليه الغازي والسائل في قلب عواصف الشتاء، والمهانة المرتبطة بتأمينه.
هذا يضع الناس بين نقيضين. يضعنا نحن بين قوقعتين. قوقعة الشتاء، حيث عليك تمضيته بأي وسيلة دفء ممكنة. والصيف السياحي المبهج. تماما كما هي الحال بين عيدي رأس السنة أو الميلاد، ويوم الإثنين الأزرق.