ثقافة وفن

عمالقة الشعر الإنكليزي الحديث

| د. رحيم هادي الشمخي

هؤلاء الشعراء الإنكليز الثلاثة الذين عرفنا شعرهم، وهم اليوت وباوند وهوبكنز، هؤلاء معاً، يمثلون بعثاً حقيقياً لتراث الشعر الإنكليزي، ولو انفرد (اليوت) وحده فقد لا يكون من الواضح تماماً أن تشكل أعماله الأدبية انطلاقة جديدة، ولكن إذا اقترن (اليوت) بشاعرين مثل (هوبكنز وباوند) يختلفان عنه كثيراً مع اختلافهما الواحد عن الآخر رغم أن لهما ما له من الأهمية، فإن المحترف الشاب لا يطبق على أي حال أن يدرك أن اتجاهات العصر الفكتوري، وحقيقة أن (اليوت) لا يقف وحدة تجعل الإفلات من تأثيره أيسر.
إن مستقبل الشعر الإنكليزي (إذا قدر له الاستمرار) يمكن أن يحفظ لـ(اليوت) الصلة نفسها التي حفظها الشعر الروماني الأخير لـ(وردزورث وكولردج)، إذا أسقطنا من حسابنا (كينس وتشللي) رغم اختلافهما عن (وردزورث وكلوردج) ويرجع الفضل لـ(اليوت) في التعرض لـ(باوند وهوبكنز) على أساس أن لهما ما له من أهمية ويقترنان باسمه من ناحية تنقية التراث، أن يكون (اليوت) مؤثراً إلى هذا الحد، يبدو بالطبع أنه مجرد فرد يعيش بمعزل عن الآخرين، ولكنه يمتلك نوعاً من الأصالة أكثر أهمية، كان (اليوت) أكثر وعياً وأكبر إدراكاً للمأزق العام من معاصريه الشعراء الإنكليز، وكان أكثر وضوحاً، ذلك أنه جعل نفسه ضمير عصرهم وما جعله أكثر تأثيراً كونه شاعراً وناقداً في آن معاً، ومثل هذا التحالف بين الإبداع والنقد يمكن أن نجده عند (وردزورث وكولردج)، ونحن في الواقع يمكن أن نجدهما مرتبطين تماماً وفي أي عصر خذل تراثه الفنان فكان بحاجة على تنقية جذرية.
إن الدليل الحاسم لفضل (اليوت) هو التقويم، لقد أصبح هذا الشاعر نمطاً سلوكياً عاماً وجزءاً من القانون العام، وعبقريته هي عبقرية شاعر عظيم أدرك تمام الإدراك مشكلات عصره، وليس المرء بحاجة إلى أن يشارك (اليوت) في (كاثوليكية) أو مجرد التعاطف معها أو مع أي شيء يمت لها بصلة من أجل الشعور بأنه مدين إلى (الرباعيات الأربع) التي ألفها في الشعر الإنكليزي.
أما الشاعر الإنكليزي (باوند) فقد تميز بكتابة الشعر الإنكليزي بحداثة النهضة وتعد قصيدة (موبرلي) قصيدة عظيمة، وهي إنجاز أعظم من أي شيء مفرد، ذلك أن هذه القصيدة تستوعب كل ما عند الشاعر الإنكليزي (تينس) وكذلك كتابته الأناشيد الوطنية بصياغة حديثة، أما الشاعر الإنكليزي (هوبكنز) الذي اعتلى منصة الشعر الجديد فقد برهن في ذلك على حقيقة دافعه على جانب عظيم من الأهمية بالنسبة لأي نظرة نقدية للشعر الإنكليزي الحديث، لذلك نرى (هوبكنز) كان أستاذ الشعر والأدب الإنكليزي والشعر الكلاسيكي، وأكبر مثال رسائله إلى الفيلسوف والشاعر (برجز)، والاهتمام بالأوزان الإغريقية.
على أي حال كان نهض الشعر الإنكليزي باتجاهاته الجديدة نقطة تحول يرفد الثقافة العالمية بإنتاج هؤلاء العملاقة الثلاثة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن