اقتصاد

جيش وشعب وحكومة في مواجهة الحرب الاقتصادية

| عامر الياس شهدا

مع اشتداد الحرب الاقتصادية على سورية والعقوبات الأوروبية الجائرة التي تبنتها معظم الدول الأجنبية والعربية والتي أدت إلى خلق معاناة حقيقية للشعب نتيجة تدني توفير حاجاته على مستوى الخدمة وعلى مستوى بعض المواد الأساسية التي يتم تأمينها بشق الأنفس، وهذه المعاناة لم تقتصر على الشعب وإنما أيضاً على الحكومة السورية المسؤولة عن تأمين مستلزمات الشعب، ولم تتهرب من مسؤولياتها ضمن الإمكانيات المتاحة، وهي في الواقع شحيحة جداً، نعتقد أن تعاظم الاحتجاجات على الحكومة ناتج عن ابتعادها عن الشفافية مع المجتمع، نعتقد أن الوقت يتطلب بشكل ملح تقارب ما بين الحكومة والشعب بإطار الشفافية، يجب أن نوضح للمجتمع المعاناة التي تحد من إيجاد حلول للمشكلات فأي مسؤول في الحكومة بحاجة إلى أدوات تمكنه من طرح الحلول وتأمين المستلزمات، في واقع الحال هذه الأدوات متوافرة بأدنى مستوياتها، وعلى المجتمع أن يكون مدركاً لذلك لا أن يشكل عبئاً آخر على الحكومة، فبدلاً من توجيه جهودها لإيجاد حلول تخص كل شرائح المجتمع، يتم تشتيت الجهود لعدد من المناحي يطرحها المجتمع جاهلاً الحقيقة التي أدت إلى خلق المشكلة، وهذا الأمر يجب تلافيه من الحكومة بحيث تكون تصريحات مسؤوليها تدعو إلى تفاعل المجتمع إيجابياً معها والطلب منه طرح الحلول بعد شرح المشكلة بوضوح، أي دعوة لتضافر الجهود من أجل مجابهة الحرب الاقتصادية التي أصبحت معلنة ضد سورية.
في الواقع نحن أمام مرحلة صعبة تفوق صعوبتها الحرب العسكرية لأنها تتعلق بلقمة المواطن وحاجيته الأساسية، على المجتمع أن يعي أن المشكلة لا تتعلق بمسؤول بعينه، المشكلة أكبر من ذلك بكثير، والعدو للأسف داخلي وخارجي، الخارجي يعاقب ويمنع والداخلي لا يرحم وليس على استعداد ليضحي ولو بالقليل.
نحن نثمن عالياً تضحيات الجيش العربي السوري وما أحرزه من انتصارات وهذا يفرض على المجتمع السوري خوض المعركة الاقتصادية والصمود بوجهها كما صمد الجيش العربي السوري، فالحرب لا تقتصر على تضحيات جيشنا العظيم وإنما هذه التضحيات يلزمها دعم اجتماعي يحقق الصمود والانتصار النهائي لسورية.
بشفافية وبحسب معلوماتي الشخصية فموارد الخزينة تدنت لمستويات خطرة نتيجة توقف العجلة الاقتصادية، وسبب توقفها العقوبات الاقتصادية الأوروبية المتمثلة بمنع المصارف من تحويل الأموال للخارج ومنع الحوالات الخارجية من القدوم لسورية، هذه مشكلة أساسية تستلزم بدائل داخلية في الواقع هذه البدائل محدودة ومحدوديتها تؤدي إلى محدودية الحلول والبدائل، أضيف لهذه العقوبات الدمار والسرقات التي حدثت لمصانع كثيرة في سورية، وكلنا على علم بما تبذله غرف التجارة والصناعة مع الحكومة للدفع باتجاه إعادة إقلاع هذه المصانع وضمن إمكانيات محدودة، لذلك يجب أن نعي أن الحلول ليست بعصا سحرية، الحلول يلزمها تضافر الجميع والتضحية من الجميع، ولا أعتقد أن مسؤولاً في الدولة لديه حلول جذرية ولا يطرحها، كل هذا أثر في موارد الخزينة حيث انخفضت الرسوم والضرائب وزادت الأعباء نتيجة الحرب الظالمة على الشعب السوري.
ندعوكم جميعاً للخروج من الأنانية ولنفكر بمنطقية أكثر، يومياً يعود مهجرون سوريون من لبنان والأردن وباقي الدول إلى سورية، وهذا الأمر يتطلب بذل جهود كبيرة لتأمين متطلباتهم المعيشية من مأكل ومشرب وتدفئة ومسكن، هذه متطلبات يواجهها شح بالموارد، وكلها تسبب إرباكات، مع الإشارة إلى أن توجيهات الحكومة تضع تأمين العائدين لسورية في سلم أولوياتها.
لنكن أيضاً أكثر شفافية بخصوص الحاجة للقطع الأجنبي، إذ منعت العقوبات إرسال أي حوالة إلى سورية وفرضت رقابة شديدة على المصارف السورية، وكلنا يعلم أن استيراد أي مادة من الخارج يلزمه قطع أجنبي، وللمعلومة أيضاً فهناك كثير من المصارف الخارجية استدعت سوريين حساباتهم لديها بالدولار وطلب منهم إما إغلاق الحساب أو تحويله لليورو، كل ذلك من أجل إحكام الرقابة على حسابات السوريين أيضاً، هناك مجموعة استغلت ذلك، فهم لم يشبعوا مما حققوه من موارد مالية نتيجة الحرب. للأسف الوضع شجع البعض على الجشع لا بل التفاوض أيضاً من أجل سعر الدولار حيث يؤكدون أنهم غير مستعدين للتضحية ولو بجزء يسير مما حققوه خلال سنوات الحرب، أضيف إلى ذلك الفساد الذي اعتبر نقطة قوة بالنسبة لهم.
أعتقد أن توضيح الوضع من شأنه أن يدفع الشعب للالتفاف حول الحكومة فالموضوع لا يتعلق بشخصيات بقدر ما يتعلق ببلاد تتعرض لأشرس معركة عسكرية اقتصادية من أجل إركاع شعبها، ما يدعونا إلى تشابك أيدينا جميعاً جيشاً وشعباً وحكومة لمجابهة هذه الحرب الظالمة على الشعب السوري.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن