قضايا وآراء

أحلام نتنياهو ونهاية «إسرائيل»

| د. يوسف جاد الحق

أحلام رجل العصابات، رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو العريضة في الهيمنة على المنطقة، بفضل بعض ساسة العرب، الخارجين على أمتهم، إضافة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشارة جون بولتون ووزير خارجيته مايك بومبيو وصهره جاريد كوشنر، وبقية الجوقة، أحلامه هذه لن تطول، سواء نجح في الانتخابات القريبة القادمة، أو سقط، فالنتيجة المنتظرة واحدة وهي أن كيانه نفسه موشك على الزوال.
كمّ هائل من الأسباب والعوامل المفضية إلى تلك النهاية اليوم حقيقة واقعة، لا محالة، في ظل التحركات والمتغيرات المتلاحقة على صعيدي المنطقة والعالم، من أهم هذه العوامل والأسباب:
* أن حروب «أيام زمان» التي اعتمدت على عربدة الطائرات، وصليل جنازير الدبابات أمست اليوم على غير ما كانت عليه. سلاح الحرب القادمة مع العدو الصهيوني قوامها الصواريخ، ذات الأصداء والمواصفات المختلفة التي أبطلت مفاعيل عناصر قوته فيما مضى، يوم كانوا يقولون اعتداداً وخيلاء «إن إسرائيل جيش له دولة» كناية عن قوة ذلك الجيش الذي حاولوا تصويره يومئذ على أنه «جيش لا يقهر».
* ظهور حلف المقاومة على الساحة في المنطقة قلب موازين القوة رأساً على عقب، بحيث أصبحت إسرائيل «المخيفة» فيما مضى هي «الخائفة» اليوم على وجودها نفسه. ولسوف يأتي ذلك اليوم الذي تنطلق فيه قوى أطراف حلف المقاومة كلها معاً التي من شأنها أن تغطي كل شبر من الأرض الفلسطينية التي يقيم عليها الكيان الدخيل المغتصب.
إثر الاعتداء الأخير على الأجواء السورية والرد الحازم عليه الذي أفشله وردَّ إلى نتنياهو «كيده في نحره»، صرح مسؤول عسكري إيراني كبير، بالقول: «إن قواتنا المسلحة للجيش الإيراني تستعد جيداً لذلك اليوم الذي سنشهد فيه تدمير إسرائيل» مثل هذا القول في حد ذاته يؤرق ليالي نتنياهو وسائر من في الكيان الصهيوني من مدنيين وعسكريين وسياسيين على حد سواء.
* لابد من الأخذ في الاعتبار أن الفرد الإسرائيلي مختلف تماماً عن الفرد العربي في المواجهة، كما في الآثار المترتبة على الحروب عادة، وما يتبعها من عواقب. العربي في وسعه أن يتحمل ما لا يتحمله الإسرائيلي الطارئ، القادم من أوروبا وسائر أرجاء الأرض بدافع الإغراء والتغرير بأنه واجد في فلسطين في انتظاره «المن والسلوى» فإذا به لا يواجه فيها غير الخوف والقلق والخطر الملازم له في حياته كلها فيها، نقول إن هذا لا يحتمل ما تحمله الإنسان العربي في كل حرب وقعت سواء من حيث شظف العيش ـ والتشرد أحياناً والإقامة في مخيمات نعرف جميعاً عذاباتها ومعاناة قاطنيها ـ أو صموده وإصراره على الإسهام في النضال من أجل استعادة أرض آبائه وأجداده التي يبذل من أجلها الدم والروح، وكل غالٍ ورخيص. في يقيني أن أي حرب تقوم في المستقبل سوف تفضي إلى رحيل جماعي لجمهرة الصهاينة إلى أوروبا التي جاؤوا منها للنجاة بأنفسهم.
* ليس للإسرائيلي مكان يلجأ إليه في المنطقة، كما حدث للفلسطينيين عام 1948 وعام 1967، أو اللبنانيين في حرب تموز عام 2006 فقد كانت سورية الحضن الذي آوى إليه هؤلاء جميعاً. ومنهم من لجأ إلى الأردن أو إلى مصر.. ولكن الإسرائيلي لن يجد هذا المأوى من حوله، من ثم سوف يجد نفسه على ظهر مركب أوروبي أو أميركي ينتظره على شواطئ تل أبيب للفرار من الجحيم.
هو إذاً غير قادر على التكيف مع آثار الحرب ونتائجها القادمة، كما أنه لن يأسف على مغادرة أرض لا يملكها في الأصل، ولا تربطه بها غير أوهام وأساطير صنعها له زعماؤه وسياسيوه وحاخاماته، ومن ثم فهو لن يقاوم ولن يقاتل، همُّه الأوحد النجاة والفرار إلى حيث يستأنف حياة جديدة قديمة في البلاد التي جاء منها هو أو آباؤه.
* أوروبا وأميركا وربما غيرهما سوف ترحب بهم بالطبع، ولا يسعها إلا أن تفعل ذلك راضية أو كارهة، وإلا فإن تهمة «معاداة السامية» جاهزة. ولن تعاملهم هذه الجهات كما عاملت من هاجر إليها من العرب في أعقاب الحروب الآنفة الذكر، أو أثر ما أفرزته وقائع ما سمي «الربيع العربي» في سورية والعراق وليبيا والصومال.. إلخ، سيتوافر لهم هناك الملجأ والمسكن والعمل، بسخاء غير مسبوق هذا فضلاً عن قدراتهم هم، اليهود، على الابتزاز واستجداء العطف من الآخرين، الأمر الذي عرفوا به على مر الزمان.
إن تحرش نتنياهو بسورية وإيران وسائر أطراف حلف المقاومة، سوف يجر عليه من العواقب ما لا قبل له، ولكيانه بمواصلة ما هو عليه اليوم من عنجهية وغطرسة، وخيلاء وفرتها له الظروف المستجدة، من هرولة بعض الأعراب إليه ومن وجود أمثال ترامب وزمرته على سدة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية.
الأمر المؤكد، هو أن سورية وإيران والمقاومة عموماً لن تسكت طويلاً عما يجري من تحرشات واعتداءات وتحديات إسرائيلية نتنياهوية لهم، سواء كان ذلك من أجل انتخابات، أم بحث عن زعامة أو محاولات التخلص من نتائج محاكمات في انتظار نتنياهو نفسه.
الوجود الإسرائيلي في ديارنا يصل اليوم إلى مشارف النهاية، ومن يدري فلعل وجود مثل نتنياهو هذا على رأس الحكم في الكيان الدخيل هو قدر وهبنا إياه في هذا الزمن لتتحقق النبوءة بزوال إسرائيل مع سبعينية وجودها التي آن أوانها في الوقت الراهن تماماً وبالتحديد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن