قضايا وآراء

«اتفاق أضنة» وأردوغان

| ريزان حدو

الابتسامات وعبارات المديح المتبادل، من قبيل استخدام عبارات مثل «صديقي العزيز»، لم تكن كافية لإخفاء خيبة الأمل التركية من قمة موسكو «بوتين – أردوغان» الأربعاء 23 يناير 2019، ولم تكد تمضي ساعات على عودة أردوغان إلى تركيا حتى تجلت خيبة أمل أنقرة بوضوح عبر الخطاب الذي ألقاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مهرجان انتخابي في ولاية أرضوم، وناهيك عن العصبية والانفعال التي بدا عليها، فإن ذاك الخطاب مرشح لدخول كتاب غينيس للأرقام القياسية من كثرة التناقضات الواردة فيه، فعلى سبيل المثال: تحدث عن إنشاء منطقة آمنة في سورية واستعداد بلاده لدفع ثمن إنشاء هذه المنطقة، وبذات التوقيت ذكر باتفاقية أضنة وقال: «لسنا بحاجة إلى دعوة أحد، ونحن ضمنا بالفعل حق التدخل ضد الإرهاب في سورية عبر اتفاقية أضنة 1998» والتي يريد أردوغان البناء عليها للقيام بعمل فردي ودون الرجوع لحلفائه في الناتو، أو شركائه في اجتماعات أستانا.
دعونا نفكك هذه المعادلة التركية «منطقة آمنة – اتفاقية أضنة»:
– العودة إلى اتفاقية أضنة يعني أنه يحق لتركيا القيام بعمليات عسكرية داخل الأراضي السورية بعمق 5 كم، والقيام بعمليات عسكرية خاطفة عبر التنسيق مع دمشق، وليس بقاء القوات التركية على الأراضي السورية، وبالتالي إن أراد أردوغان العودة إلى تطبيق اتفاقية أضنة فعليه الانسحاب من الأراضي السورية، وتسليم المناطق التي أعلنت تركيا أنها أصبحت خالية من الإرهابيين إلى الدولة السورية وهي: جرابلس واعزاز والباب ومارع والراعي وعفرين، وإغلاق الحدود وتنسيق الجهود لتطهير إدلب وريف حلب الغربي من الجماعات الإرهابية.
– العودة إلى اتفاقية أضنة يكفل للدولة السورية أن تقدم شكوى إلى المؤسسات والمنظمات الدولية ضد تركيا باعتبارها خرقت اتفاقية أضنة عبر قيامها بالتوغل داخل الأراضي السورية في عمق أكثر من 5 كم، وواقع الحال أن الجيش التركي توغل لمسافات كبيرة فهو يتواجد في ريف حماة الشمالي.
– أيضاً استنادا إلى اتفاقية أضنة وتحديدا الفقرة التالية: «إن سورية وعلى أساس مبدأ المعاملة بالمثل، لن تسمح بأي نشاط ينطلق من أراضيها بهدف الإضرار بأمن واستقرار تركيا، كما لن تسمح سورية بتوريد الأسلحة والمواد اللوجستية والدعم المالي والترويجي لأنشطة حزب العمال الكردستاني على أراضيها»، فإنه يحق للدولة السورية استنادا إلى «مبدأ المعاملة بالمثل» أن تتقدم بشكوى ضد تركيا لكونها دعمت وسلحت واحتضنت وروجت لجماعات وفصائل ومنظمات وشخصيات تعتبرهم الدولة السورية إرهابيين ويشكلون خطراً على أمنها واستقرارها، مطالبة تركيا بطرد تلك الشخصيات والفصائل والمؤسسات السياسية والإعلامية والعسكرية أو تسليمهم للدولة السورية.
– العودة إلى اتفاقية أضنة يعني تسهيل مهمة الجيش السوري للانتشار على الحدود واستلامه للمعابر الحدودية.
– العودة إلى اتفاقية أضنة تعني تفعيل العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارات في أنقرة ودمشق.
– العودة إلى اتفاقية أضنة يعني تنفيذ حكم الإعدام بمشروع المنطقة الآمنة كخطوة تركية على طريق تحقيق ما ورد في الميثاق الملي التركي 1920 الذي يعتبر حلب وريفها منطقة تركية.
دمشق تلقفت التخبط التركي، فسارعت أول من أمس لزيادة الضغوط على أنقرة عبر تصريح الخارجية السورية ولتؤكد أنها مازالت ملتزمة باتفاق التعاون المشترك مع تركيا، أو ما يعرف باتفاق أضنة والاتفاقيات المتعلقة بمكافحة الإرهاب بأشكاله كافة من قبل الدولتين، وبالتالي رمت الكرة في ملعب الرئيس التركي أردوغان واضعة إياه بين خيارين أحلاهما مر:
1- الإصرار على سياساته السابقة العدوانية التوسعية عبر التذكير بالميثاق الملي وإنشاء منطقة آمنة والاستمرار بدعم الجماعات التي تعتبرهم دمشق جماعات إرهابية، وبالتالي انتهاء مفعول اتفاقية أضنة، وتحميل تركيا المسؤولية.
2- العودة إلى اتفاقية أضنة وبالتالي انتشار الجيش السوري ودخول مؤسسات الدولة السورية إلى كامل الأراضي السورية، ناهيك عن تنسيق عمل يطهر إدلب من الجماعات الإرهابية، وإغلاق المؤسسات السياسية والعسكرية والإعلامية في داخل تركيا والتي تشكل خطراً على أمن واستقرار سورية.
وإن انتشار الجيش السوري على الحدود يعني أن على «قوات سورية الديمقراطية – قسد» الانضواء تحت مظلة الجيش السوري لسحب الذريعة من تركيا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن