من دفتر الوطن

جسر من حروف

| حسن م. يوسف

يعلم قارئي المتابع أنني أحاول في كل ما أكتب أن أكون جسراً بين المتلقي ومختلف القضايا والمسائل التي أتناولها، وقد بدأت بممارسة هذا الدور منذ بداية توجهي للكتابة، ولهذا شعرت بالغبطة عندما قرأت قبل سنوات فكرة العالم اسحاق نيوتن: «نحن نبني الكثير من الجدران والقليل من الجسور. »، في الأدب حاولت أن يكون نصي جسراً يعبره القارئ إلى حقيقة نفسه، وأشواق روحه، وواقع مجتمعه، كي يرى القوانين الخفية التي تتحكم بذلك الواقع، فيعمل على تغيير نفسه وتغييرها وتغييره. في الدراما حاولت أن أكون جسراً بين المشاهد ونفسه، وبينه وبين تاريخه وخصوصية مجتمعه وقضاياه المختلفة وجمالياته الخبيئة، في الصحافة حاولت أن أكون جسراً بين القارئ وقضايا الحياة الجديدة والممتعة والجميلة، كما حاولت أن أكون جسراً بين معاناة المواطنين والدولة. في التصوير حاولت أن أكون جسراً يعبره الجمال إلى الناس، في مقالاتي عن الحاسب الآلي أردت أن أكون جسراً بن المواضيع التخصصية الطويلة والجافة والمملة، وبين مستخدم الحاسب العادي كي يفهم منطق الآلة، ويتقبل ذكاءها المختلف.
صحيح أنني سبق وأن تمنيت لو أنني شجرة، غير أن كل ما فعلته في حياتي هو محاكاة دور الجسر في كل شيء. واليوم أيضاً سأحاول أن أكون جسراً بين قضية مهمة أثارها على صفحته في الفيس بوك الصديق الدكتور مالك سلمان الأستاذ المحاضر في قسم اللغة الإنكليزية وآدابها في جامعة تشرين، وبينك أيها القارئ العزيز. يقول الدكتور مالك أن قسم اللغة الإنكليزية في جامعة تشرين قد شهد قبل أيام: « مناقشة علنية لرسالة ماجستير بقسم اللغة الإنكليزية، اختصاص لغويات بعنوان «تحليل نقدي للخطاب الإعلامي حول الأزمة السورية» للطالبة حنان إسماعيل بإشراف الدكتور ناصر عبد الحميد… لجنة المناقشة: أ. د. أحمد العيسى والدكتور أوراس عثمان. يقول الدكتور مالك: «إن الأطروحة تتناول بالتحليل النقدي التقارير الإخبارية لـCNN الأميركية وRT الروسية وSSCأي الفضائية السورية» والإيديولوجيات المختلفة الحاكمة لهذه التقارير منذ بداية الأزمة السورية – التي استُخدمت فيها أبشع وأخطر الأسلحة بجميع أنواعها بهدف تدمير البلد وتفتيتها على الأصعدة كافة».
يرى الدكتور مالك أنه قد «تم تحييد الأكاديميين والمثقفين السوريين بشكل شبه كامل عما يحدث في البلد… ويتساءل ماذا كان يفعل «دكاترة الآداب واللغات الأجنبية وعلم الاجتماع والفلسفة والتاريخ» طوال الحرب وهم من يفترض بهم أن يكونوا «النواة التنويرية الأهم بالبلد»
يرى الدكتور مالك سلمان أنه كان بوسع العاملين في «أقسام اللغات والآداب الأجنبية» أن يتعاونوا مع وزارة الإعلام في «تأسيس قناة فضائية بالإنكليزية تستطيع مخاطبة الرأي العام العالمي وتوضيح أهداف الحرب والفبركات الإعلامية… إلخ».
ويرى أيضاً أنه كان بوسع هؤلاء تشكيل «مجموعات بحثية لترجمة دراسات غربية تعمل على فضح الأسباب الحقيقية للحرب وإستراتيجياتها والفبركات القائمة عليها والتخطيط القديم لها».
لكل ما سبق أقترح على الجهات المعنية قراءة لسان حال الدكتور مالك سلمان على صفحته. صحيح أن لسانه مرّ قليلاً كما الدواء، لكن لا بأس بمرارة الدواء طالما فيه الشفاء.
ملاحظة بسيطة للصديق الدكتور مالك، أعتقد أن ثورة تكنولوجيا المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي كسرت احتكار وزارات الإعلام والمؤسسات الكبرى للمنابر، فأي فرد مؤهل يملك العزيمة والمعرفة والمعلومة يستطيع إنشاء قناة على اليوتيوب، ومن يتابع هذا التوجه يجد أن جمهور بعض أقنية اليوتيوب أكبر من جمهور بعض أقنية التلفزيون الشهيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن