ثقافة وفن

إذاعة دمشق في عيدها السنوي.. صوت لا يغيب

| سمية بلطة

من اسمها تفوحُ رائحةُ الأصالةِ والعراقةِ. وعبقُ التاريخِ السوري المجيد..
(اذاعة دمشق) خرجت إلى النور في الرابع من شباط عام 1947 ذلك اليوم شكّل حدثاً تاريخياً إعلامياً مفصليا مهماً.. ليعلن ولادةَ إذاعةٍ وطنيةٍ قومية: بمبادئها وافكارها وأسلوبها وكادرها وحتى بأدواتها… لتصبح الإذاعةَ الثانية في الوطن العربي بعد إذاعةِ صوت العرب..
جدرانُها وممراتُها وأبوابُ غرفها القديمة والحديثة تحكي حكاية روادِ ومؤسسي الإعلام السوري والعمل الإذاعي.. أمثال: يحيى الشهابي- سامي جانو- فؤاد شحادة- خلدون المالح- نجاة الجم- داوود يعقوب وغيرهم.

دأبت إذاعة دمشق على نشر الثقافة والعلوم والمعارف في كل أرجاء العالم العربي والدولي.. وتسليط الضوء على الواقع بمختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية في المجتمع المحلي.. فواكبت الأحداث ورافقت الجيش العربي السوري في معظم معاركه ضد الإرهاب.. وتحدت كل الصعاب وتخطت كل العقبات.. ورغم تواضع إمكانياتها إلا أنها بكل كوادرها انطلاقاً من منظومة الأخبار من محررين ومعدين وإداريين الذين أخلصوا في عملهم من خلال رصد الأخبار بمصداقية وتقديم كل ما هو جديد.. مرورا بدائرة المذيعين الذين توءموا زملاءهم في مديرية الأخبار وصولاً إلى الفنيين الذين يحرصون على تخريج المادة الإذاعية بقالب فني راق….. استطاعت هذه الإذاعة العريقة بكل مفاصلها وعلى مدار عقود أن تكون صوتا للحق وكاشفا للحقائق…. لم تكتف إذاعة دمشق بأن تكون وسيلة إعلامية سياسية بل تغلغلت في نفوس مستمعيها من الشارع السوري لتشكل صلة الوصل بينهم وبين المسؤول وتعالج معظم مشكلاتهم وتخفف من آلامهم المعيشية بمختلف فئاتهم العمرية والمناطقية.. كما طرحت منذ تأسيسها العديد من القضايا الاجتماعية بأسلوب لطيف من خلال دراماها الغنية برواد الفن الدرامي أمثال: حكمت محسن وأنور البابا وتيسير السعدي.. وصبا المحمودي وفهد كعيكاتي وآخرين.. وإلى اليوم الآلات الموسيقية فيها تصدح بألحان ذكرى عدد كبير من عمالقة الفن والطرب العربي الأصيل الذين عشقوا هذه الإذاعة وكانوا بارين بها وشاكرين فضلها عليهم كصاحبة الصوت الملائكي فيروز.. والعندليب عبد الحليم حافظ.. وفايزة أحمد.. ووديع الصافي وغيرهم….
تجذرت في هذه الإذاعة العراقة والأصالة والوطنية لتنسج قصص الصمود والآباء والتحدي والعطاء المنقطع النظير… لتكون متجددة.. فمن رحمها كانت إذاعة صوت الشعب سابقا وإذاعة صوت الشباب المستمرة إلى الآن وانبثقت عنها أيضاً الإذاعات الأجنبية لتحاكي كل أنحاء العالم وبمختلف اللغات..
ومن لم يولد من رحمها كانت تضمه بين جناحيها لتكون الحضن الدافئ له والمعلم والموجه والمؤسس لعمله الإعلامي والإذاعي.. لم تبخل يوما بعطائها حيث نهل وينهل من نبع خبرتها العديد ممن عشق العمل الاعلامي عموماً والإذاعي خصوصاً بمختلف أنواعه وألوانه من إعداد وتقديم وإخراج..
وعبر أثيرها الآسر وهوائها الصافي تقدم العديد من الكتاب والفنانين والمحللين السياسيين والأطباء ليناقشوا مختلف قضايا المجتمع ويشاركوا بناءه أفراحهم وأحزانهم…. فكانت إذاعة دمشق المنبر الأول للكثيرين من هؤلاء وآلام الرؤوم لعدد كبير من الإعلاميين والمذيعين والقنوات الإذاعية، وهاهي تدخل في عامها الثاني والسبعين بحداثة العصر وما عصف به من تكنولوجيا.. مع الحفاظ على أصالة وعراقة الأداء الإذاعي والعمل الإعلامي لتثبت لكل وسائل الإعلام العربية والعالمية أنها المدرسة الكبيرة والمربي الفاضل والراعي الأول للغة العربية.. وأن هذه الإذاعة كانت ومازالت وستبقى أميرة الإذاعات العربية ودرة تاج الإعلام السوري فكل عام وكل من عمل بها أو كان مستمعا دائماً لها أو تواصل معها بألف ألف خير…
هنا دمشق… إذاعة الجمهورية العربية السورية.. عز الشرق..

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن