عندما أطلق الرئيس الأميركي جورج بوش (الابن) عبارته الشهيرة: لماذا يكرهوننا؟ فقد كان يقصد معظم شعوب العالم، وطبعاً يحتل العرب مقدمة هذا التصنيف العنصري والعدائي السافر الذي على أساسه قامت الولايات المتحدة بحروبها العدوانية والإرهابية من أفغانستان إلى سورية، من دون أن ننسى أن جورج بوش الأب هو صاحب العدوان على العراق وما نتج عن ذلك من ضحايا وتدمير وسوى ذلك.
لن أتحدث عن السياسة في زاويتي التي عاهدت نفسي ألا أتطرق للسياسة فيها، بل سأقلب سؤال بوش لأقول: لماذا نكره بعضنا؟ والأمثلة على هذه الحقيقة أكثر من أن تعدد، وسأكتفي ببعض الملاحظات العابرة.
منذ يومين قابلني صديقي الفنان بالقرب من مصعد الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وبدت على وجهه علامات الاستياء وبادرني بالقول:
(لماذا يصوب بعض الناس على الشخص الناجح في بلدنا؟ وماذا يستفيد مثل هؤلاء الأشخاص من التشهير بفلان وعلان فقط لأنه حقق نجاحاً على المستويات المحلية والعربية والعالمية؟).
والشيء الذي علي ذكره أن هذا الفنان حصل على عشرات الجوائز العالمية، لكن الغريب أن من يهاجمه يزعم أنه حصل على تلك الجوائز بالواسطة وبدعم المخابرات! ولا أدري كيف ستتدخل المخابرات لدى دول في القارات الأربع لتمارس ضغطها كي تمنح هذا الفنان جوائز المعارض دون سواه!.
ضحكت عندما بثني همه من دون أن أقول له سبب ضحكي، لكنني قلت له كلمة واحدة: عادي، وغير ذلك ليس عادياً!
أما سبب ضحكي فهو أنني كنت في أحد مكاتب الإذاعة قبل دقائق معدودات عندما سمعت زميلاً وصديقاً يقول غاضباً: لماذا نقلل من شأن فنانينا ومبدعينا، حتى بعد وفاتهم، بل نتهمهم بأنهم غير مهمين بالمرة؟
في يوم واحد دار الحديث عن تجاهل الفنانين السوريين من زملاء المهنة قبل كل شيء، وهم من الحساد، إن صح التعبير، وكأننا ضد النجاح إلا إذا كان نجاحنا الشخصي، عندها نضخّم هذا النجاح و(نعمل من الحبة قبة) كما يقول المثل الدارج.
هذا الأمر ينسحب على كل المجالات، في الأدب والإعلام والتمثيل والغناء والموسيقا، بل حتى في وظائف الدولة عامة، وبين الجيران وغير ذلك! وربما نطلق على هذه الحالة تسمية «الغيرة والحسد».
هنا تخطرني حكمة كنت قرأتها في يوم مضى تقول: الحسد أحسن أفعال الشيطان، وأقبح أحوال الإنسان.
أعود وأتساءل: لماذا لا نحب بعضنا، ولماذا نجعل الشيطان يظهر أحسن أفعاله، ويكشف أقبح صفاتنا؟
من المؤكد أن الحسد والغيرة والأنانية، وحتى التشهير والتقليل من قيمة ومكانة فرد أو مجموعة، صفات موجودة في كل مكان وزمان، لكن أظن أننا نبالغ أكثر من غيرنا بكثير، ومن خلال خبرتي وجدت أن هناك إعلاماً يسلط الضوء على أصحاب (أنصاف المواهب) ويقدمهم على أنهم عباقرة، وفي مصر على سبيل المثال يحترمون العاملين في المجالات الأدبية والفنية والرياضية، وعليكم فقط متابعة القنوات المصرية الخاصة والعامة التي يسمونها(القومية) كي يعرف الناس كيف يكون التكريم والاحترام، وآخر مثال على ذلك طريقة إظهار لاعب كرة القدم محمد صلاح الذي يكتب عنه يومياً تقريباً كتّاب الأعمدة السياسية.
ويا صديقي الفنان لا تزعل سيأتي اليوم الذي يحترمنا فيه الناس بعد أن «يحترمونا»!