في المفهوم العام يمتّ العمل، بشكل أو بآخر، بصلة ما إلى مفهوم الشرف. لهذا كان القول إن العمل شرف، كذلك يصح القول إن: من يعمل يكن أقرب من سواه إلى مسألة مبدئية في الحياة لا تقبل التأويل بل تتعلق بقيمة الإنسان الفاعل وإلا غدا كما الطفيليات تعيش على حساب الغير.
وحين يبتعد أحدنا عن هذه المعادلة في حياته يقترب، جهلا أو تجاهلا، من صورة الظل الذي تعكسه شجرة مثمرة، ويكون بقاؤها في مكانها رهن حركة الشمس من حيث بقاؤها في مكانها أو زوالها مع مرور الوقت. مع هذا كثيراً ما نواجه أناسا لا يكترثون بجدوى العمل، بل يؤذيهم أن يعمل الآخرون وهو جالس في مكانه، مع الأخذ بالحسبان إن أي بلد يريد أن يبني نفسه يجب أن يسهم بذلك كل أبنائه وأن يكونوا، بالتالي، قريبين من موقع العمل.
ومن الطبيعي أن يرافق العمل، في بعض مراحله شيء من عقبات من هذا النوع أو ذاك، بيد أن هذا لا بد أن يرافقه من جانب آخر، عند من يؤمن بجدوى العمل شيء من التفاؤل والرغبة في المتابعة. وفي هذا السياق أستذكر ما أفادني به القائد الراحل الرئيس حافظ الأسد خلال حديث شخصي بتاريخ 31/5/1991 قائلاً: «إن كل عمل لا يتابعه صاحبه تتناقص مهارته فيه كالموسيقا والرسم والتأليف وغير ذلك».
هذا فضلاً عن أن لكل عمل مشكلاته، وفي مقدمة هذه المشكلات قناعة الإنسان أنه قادر على عمل كل شيء بمفرده ومن دون أن يدري أنه بذلك يخدع نفسه قبل الغير.
والعمل الجاد المبني على قناعة فائدة التطور واستمرار الممارسة، يعكس روح المواطنة لدى من يدرك بأنه جاء إلى الحياة ليؤدي دوراً نافعاً، ومن ثم أداء الدور الذي يمليه عليه واجب المواطنة بغض النظر عن المكاسب التي يحققها لأن المواطنة، بحد ذاتها، من تبعات الالتزام بواجب العمل من أجل النفع العام. ولكل هذه الاعتبارات يكتسب العمل الموازي لمفهوم الشرف صفة الوفاء للذات أولاً وأخيراً.
هنا قد تختلف وجهات النظر، ولكن مهما كان هذا الأمر ممكن الحدوث بين من يعمل ومن لا يعمل جالسا في مكانه بانتظار أمانيه أن تتحقق، فإنه يبقى العمل الملتزم بواجب الموطنة الأكثر نفعاً في هذا السياق وإن تخلله قليل أو كثير من التعب.