كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في 12 شباط الجاري أن تقارير أميركية ذكرت أن قوات إسرائيلية خاصة تستخدم قاعدة أميركية عسكرية في أفغانستان لرصد وجمع معلومات استخباراتية للنشاطات الإيرانية في إيران والخليج وبتصديق ومعرفة حكومة كابول.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه القاعدة لا تبعد سوى 45 كم عن حدود إيران وأضافت: إن أحد المختصين في الشؤون العسكرية في الولايات المتحدة ذكرت لوكالة «سبوتنيك» الروسية أن إسرائيل تحاول التعاون مع بعض دول آسيا الوسطى وإقناعها بالعمل المشترك ضد المشروع النووي الإيراني.
إذا كانت قيادة الجيش الأميركي في أفغانستان سمحت بموجب موافقة الإدارة الأميركية بوجود وحدات عسكرية إسرائيلية استخباراتية في أفغانستان، فهل ستسمح لوحدات إسرائيلية مماثلة بالتمركز في بعض القواعد العسكرية الأميركية الأخرى القريبة من إيران؟
على سبيل المثال أصبحت قاعدة «العديد» الأميركية في قطر تتطلب توسيعاً لمصلحة زيادة عدد الجنود الأميركيين في الخليج، علماً أن قطر يوجد فيها أيضاً وحدات عسكرية فرنسية لأغراض التدريب وخصوصاً بعد أن تمكنت باريس من إقناع قطر والحصول على موافقة واشنطن لبيع أسلحة ومعدات بقيمة 12 مليار يورو، كما أن بريطانيا لها قاعدة وتعاون عسكري مع قطر منذ عام 2013 وكانت تركيا، أرسلت عدداً من وحداتها لتأسيس قاعدة عسكرية دائمة في قطر وبموافقة أميركية وقطرية، وفي العام الماضي ذكرت وسائل إعلام غربية أن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان طلب استخدام جزيرة قرب السودان في البحر الأحمر وإرسال بعض الوحدات التركية إليها.
هذا يعني أن البحث عن قواعد عسكرية لم يعد يقتصر على الدول الكبرى، بل أصبحت دول مثل تركيا تجد فيه مصلحة لسياساتها وبعيداً عن حدودها بهدف تحقيق طموحات توسعية في منطقة الشرق الأوسط، ولذلك لن تغيب عن إسرائيل مثل هذه الأهداف رغم أنها استعانت بالقاعدة الأميركية العسكرية في أفغانستان وتحت حماية قوات الاحتلال الأميركية لاستهداف إيران القريبة من حدود أفغانستان، وإسرائيل لن تتردد في البحث عن أي موقع في المنطقة للتمركز فيه لشن العدوان على كل من يقف ضد استمرار احتلالها للأراضي العربية وعلى كل من يقدم الدعم للشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه وخصوصاً إيران وسورية التي تحتل إسرائيل لها أراضي الجولان الذي أعلنت عن ضمه لسيادتها.
في الظروف الراهنة تقوم القيادة الإسرائيلية باستغلال الانقسام العربي في المنطقة للتقارب مع بعض الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة بهدف التحريض على سورية وحلفائها بل شن الحرب على إيران بحجة دعمها لسورية وهي حرب لم تجرؤ الولايات المتحدة على شنها على إيران رغم أن إيران تجاورها دول تقيم فيها الولايات المتحدة قواعد عسكرية لا تبعد كثيراً في الخليج عن حدود وأراضي إيران وسواحلها.
فإسرائيل لا تزال تضع في مقدمة جدول عملها العدواني موضوع «جبهة الشمال» الممتدة من حدود الجولان العربي السوري إلى جنوب لبنان وتعزز قدراته إيران وامتداد هذه القدرات إلى العراق، وهي أي إسرائيل لا أحد يستبعد أن تطلب من الإدارة الأميركية السماح لوحدات من قواتها بالتمركز في إحدى القواعد الأميركية القريبة من حدود إيران على غرار السماح لها بالتمركز في إحدى القواعد العسكرية لقوات الاحتلال الأميركية في أفغانستان للغرض نفسه وهو التجسس على إيران والعمل على متابعة التحريض ضدها من داخل أراضيها.
معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي INSS أشار في عدد من دراساته إلى دعوة القيادة الإسرائيلية لاستخدام كل الطرق وكل المناطق التي تستطيع من خلالها «ردع إيران» واستهدافها أمام احتمالات شن العدوان عليها، بل إن إحدى الدراسات الإسرائيلية أشارت إلى أن إسرائيل ستفقد قدرتها على شن غارات عسكرية فوق الأراضي السورية بحجة وجود عسكريين من إيران فيها بعد أن زودت موسكو سورية بأحدث تكنولوجيا دفاعية جوية، ولذلك تقترح هذه الدراسة بأن تعمل إسرائيل على تمركز بعض وحداتها الاستخباراتية العسكرية في أي منطقة في الخليج ما دامت المملكة السعودية تعد نفسها في حالة حرب ضد إيران وهو ما يجمع بين الموقف الإسرائيلي والسعودي ضد إيران.
مع تزايد مثل هذه الطموحات الإسرائيلية العدوانية لا يمكن في واقع الأمر أن تسمح أي دولة عربية بوجود مثل هذا التمركز لإسرائيل في أراضيها، خوفها من شعوبها، ولكن لا يمكن استبعاد أن تسمح أي دولة أقامت فيها واشنطن قاعدة عسكرية، بوجود مثل هذه القوة العدوانية الإسرائيلية داخل القواعد الأميركية، علنا أم بشكل سري.