باكورة شهادات الإيداع: 16 مصرفاً اكتتبوا بشهادات قيمتها 131 مليار ليرة بفائدة 4.5 بالمئة لمدة عام … نائب الحاكم لـ«الوطن»: على المصارف قبول الودائع من دون سقوف والتوسع في الإقراض .. شهادات إيداع بالدولار ورفع الفائدة على القطع قريباً ودراسة لشهادات للمصارف الإسلامية
| علي نزار الآغا
بلغ إجمالي عدد شهادات الإيداع المكتتب بها في الإصدار الأول الذي أقفل يوم أمس 1308 شهادات، بقيمة إجمالية 130.8 مليار ليرة سورية، بتاريخ تسوية 21/2/2019، وتاريخ استحقاق 21/2/2020، كانت من نصيب 16 مصرفاً تقليدياً، شملت جميع المصارف العامة، إضافة إلى عدد كبير من المصارف الخاصة.
وكان مصرف سورية المركزي قد أعلن عن نتائج الاكتتاب على شهادات الإيداع بالليرة السورية للإصدار الأول للعام 2019 بموجب قرار لجنة إدارة المصرف رقم 133/ل.أ تاريخ 4/2/2019، والتي تم إصدارها وفق طريقة سعر الفائدة الثابت وبقيمة اسمية 100 مليون ليرة للشهادة الواحدة وبسعر فائدة 4.5%.
وقد بدأ الاكتتاب الساعة 9 صباح أمس الأول (الثلاثاء) وأقفل في تمام الساعة العاشرة يوم أمس، بعد اكتتاب 16 مصرفاً من المصارف المؤهلة للاكتتاب -المصارف التقليدية من دون الإسلامية- وذلك في اليوم الأول، واعتذر مصرف واحد فقط عن المشاركة بالاكتتاب في اليوم الثاني من فترة الاكتتاب -مصرف خاص- وتم قبول الطلبات المقدمة من المصارف كافةً.
«الوطن» تابعت تفاصيل الاكتتاب مع النائب الأول لحاكم مصرف سورية المركزي محمد حمرة، الذي بيّن الكثير من الحقائق حول شهادات الإيداع، كاشفاً عن إصدارات جديدة خلال الفترات القادمة، منوهاً بأنه على المصارف التقليدية اليوم قبول جميع الودائع من دون سقوف، لأنه أصبح بإمكانها توظيف جزء من سيولتها في شهادات الإيداع بعائد مجزٍ يخفض التكلفة التي تدفعها كفوائد على الودائع، وبالتالي أصبح بإمكان المصرف المركزي التحكم أكثر في العروض النقدية من خلال تفعيل مجموعة من الأدوات النقدية، فعندما توظف المصارف جزءاً من الودائع في شهادات الإيداع أصبح بإمكانها قبول المزيد من الودائع لدى المواطنين والمؤسسات، وبالتالي سحب جزء من السيولة النقدية الفائضة، واستخدامها في التمويل والتوظيف، بدوره يمكن للمصرف المركزي أولاً تفعيل السياسة النقدية وضبط العرض النقدي، وثانياً تمويل القضايا التي تطلب منه على اعتبار أنه مصرف الدولة في النهاية، ويتحمل المصرف مبلغ الفائدة 4.5% التي يدفعها للمصارف المكتتبة بشهادات الإيداع لتفعيل السياسة النقدية، كما يحصل على عائد 0.5% في حال خصم الشهادات قبل وقت استحقاقها بفائدة 5% على المبلغ المتبقي، وغير ذلك الكثير من التفاصيل في الحوار التالي مع الدكتور حمرة:
ما هدف إصدار شهادات إيداع في سورية؟ ومن هم المستهدفون ولماذا؟
لأول مرة في سورية يصدر البنك المركزي شهادات الإيداع، وقد جاءت من خلال قرار مجلس النقد والتسليف رقم 185 والتعليمات التنفيذية التي صدرت في 4/2/2019 متزامنة مع نشرة الإصدار رقم (1) بتاريخ سورية.
إن إدارة المصرف المركزي وجميع العاملين فيه لديهم شعور بالفخر بإنجازهم هذا الإصدار الأول، والذي سوف يتكرر إن شاء اللـه بإصدارات لاحقة (2 -3 -4- 5- إلخ) ضمن إطار السياسة النقدية التي يرأسها البنك المركزي الذي يعد مصرف الدولة وبنك البنوك، بهدف إكمال الدورة النقدية والانتقال من الاكتتاب إلى التوظيف والاستثمار وبالتالي تنشيط الاقتصاد.
المستهدفون بشكل مباشر في هذا الإصدار هم المصارف العاملة التقليدية في سورية، علماً بأن شهادات الإيداع تمثل أداة جديدة يطلقها المصرف المركزي من أجل إدارة السيولة المحلية بشكل عام، لأننا كما نعلم المصرف المركزي باعتباره مصرف المصارف يتعامل مع المصارف العاملة، والمصارف العاملة تتعامل مع الأفراد من خلال التماس المباشر معهم وتقديمهم الخدمات المصرفية المختلفة.
كيف تقيمون شروط الإصدار ونتائج الاكتتاب الأول؟
جاءت البيانات الأساسية للإصدار متناسبة مع حجم كل مصرف، وهي القيمة الاسمية للشهادة 100 مليون ليرة سورية، والحدّ الأدنى 5 شهادات والحد الأقصى 10 بالمئة من حجم السيولة لكل مصرف، بسعر فائدة 4.5 بالمئة، وفق طريقة سعر الفائدة الثابت لمدة عام.
وبعد مضي 15 يوماً من الإعلان الذي تم بتاريخ 4/2/2019 للاكتتاب، تم تنفيذه يومي الثلاثاء 19 شباط والأربعاء 20 شباط، علماً بأنه يحق للمصرف المركزي إنهاء الاكتتاب في نهاية اليوم الأول في حال الوصول إلى السقف المستهدف من هذا الإصدار.
وقد اشترك بالاكتتاب 16 مصرفاً، وبلغت نسبة المشاركة بالاكتتاب 94.12%، وبلغ عدد الشهادات المكتتب بها 1308 شهادات بقيمة 130.8 مليارات ليرة سورية، وهذا رقم مهم جداً مقارنة بالسيولة الموجودة في المصارف.
وسوف يكون إلى جانب هذا الإصدار لشهادات بالليرة السورية إصدار مماثل لشهادات إيداع ولكن بالدولار الأميركي قريباً.
ما العمليات التي تتم على شهادات الإيداع؟
من العمليات التي تتم على شهادات الإيداع؛ الخصم، إذ يعلن مصرف سورية المركزي أسبوعياً عن سعر الخصم بقرار من لجنة إدارة المصرف وحسب مقتضيات السياسة النقدية، علماً بأن عمر شهادة الإيداع سنة كاملة، ويحق للمصارف المكتتبة إجراء عملية الخصم بعد مضي شهر من الاكتتاب وقبل شهر من الاستحقاق، أي ابتداءً من الشهر الثاني من الاكتتاب ولغاية نهاية الشهر الحادي عشر، وإن الهدف من الخصم هو دعم سيولة المصارف المكتتبة عندما يحتاجها.
ومن العمليات أيضاً اتفاقيات إعادة الشراء، إذ يعلن المصرف المركزي عن السعر لإعادة شراء الشهادات (الريبو) مثلاً في فترة (5 – 10 – 15- 30) يوماً، إضافة إلى عملية التداول، إذ تكون الشهادات قابلة للتداول بدءاً من يوم العمل التالي، بما يساهم في خلق سوق تداول محلية فيما بين المصارف العاملة، وتحت إشراف ورقابة المصرف المركزي.
ما الآثار المباشرة وغير المباشر لإصدار شهادات الإيداع في سورية؟
بداية، يجب التأكيد أن الاكتتاب بهذه الشهادات متاح لحدّ أقصى قدره 10% من حجم السيولة لدى كل مصرف، الأمر الذي يقودنا إلى موضوع إدارة السيولة، وهو مفصل مهم جداً في العمل المصرفي والنقدي، ويشكل عامل أمان وطمأنينة لدى المودعين، فإدارة كل بنك عليها أن تقوم بالمواءمة بين إدارة السيولة والربحية، مع إعطاء أولوية أكبر للسيولة، ومن هنا جاءت تعليمات المصرف المركزي من خلال مفوضية الحكومة لدى المصارف بوضع نسبة السيولة الواجبة التطبيق في المصارف السورية العامة وهي 30% من حجم الودائع، والتي تمثل الاحتياطي الإلزامي، إضافة إلى الأموال الجاهزة لديها في الصندوق وما لدى المركزي والمصارف، وذلك من أجل مواجهة السحوبات اليومية المتوقعة، فالمودع صاحب حق، والمصارف السورية لم تتهاون أبداً في ذلك، فلا يوجد مودع في سورية فقد ليرة واحدة من وديعته، دون نفي وجود قيود في السحب خلال فترة شح السيولة.
المركزي لديه حرص شديد على موضوع تأمين السيولة وتلبية رغبات المودعين في أي وقت، لأن المصارف تحيا على ثقة المودعين وصدق المقترضين، ومما لا شك فيه أن المصارف في السنوات الماضية عانت من شح السيولة لكن الآن الوضع مختلف تماماً، فحالياً جميع المصارف العامة تجاوزت النسبة الطبيعية للسيولة (30 بالمئة)، لنتحدث عن نسب 60-70 و80 بالمئة أحياناً، وهذا أيضاً مؤشر غير جيد، لأن العمل الأساسي للمصارف هو قبول الودائع والتوظيف لتحقيق ربحية من أجل ضمان النمو والاستمرارية بالعمل.
وحالياً اضطرت بعض المصارف إثر ارتفاع نسب السيولة لوضع سقوف للودائع، وهذا أمر خاطئ، من هنا كان تدخل المركزي بأن على المصارف العاملة أن تؤمن رغبة الزبائن في الإيداع والإقراض، والآن، أصبح بإمكان المصارف توظيف الفائض المتاح القابل للتوظيف لديها في شهادات الإيداع وبمعدل فائدة 4.5% وهو معدل مجزٍ لها وقد حسب بناء على متوسط التكلفة المرجحة للأموال، وبالتالي أصبح بإمكان أي مواطن الذهاب لأي مصرف وإيداع المبالغ التي يريدها بفائدة تبدأ بحد أدنى من 7% للشهر، وترتفع بحسب نظام عمليات كل مصرف وممكن أن تصل إلى 10-11-15% بحسب الإيداع.
إذاً الهدف المباشر من هذه الشهادات هو تمكين أي مواطن من إيداع أي مبلغ في البنوك بحسب رغبته، إضافة إلى تمكين المصرف المركزي من إدارة السيولة المحلية وامتصاص جزء من العرض النقدي، وهذا سيكون له منعكسات إيجابية على التضخم وسعر الصرف، بدلاً من التمويل بطباعة النقود، والآن هناك فائض سيولة لدى المصارف أصبحت موظفة لدى المصرف المركزي، يمكن المصارف من قبول ودائع جديدة وبسقوف مفتوحة، تمثل سحباً للسيولة من السوق، بدورها تقوم المصارف بالاقتراض والتوسع فيه، بعد تخفيض تكلفة الأموال لديها التي تدفعها على الودائع لحصولها على إيراد من شهادات الإيداع، وكما يمكن للمصرف المركزي الذي يتحمل هذه التكلفة من تفعيل السياسة النقدية، وإدارة العرض النقدي، وتمويل العمليات المطلوبة منه من دون اللجوء إلى الإصدار النقدي.
ما الرسالة التي يريد أن يوجهها المصرف المركزي من هذه الخطوة التي تلقى نقداً لدى العديد من المتخصصين والمراقبين؟
الرسالة هي لجميع المصارف العاملة، وتتلخص بأن عليكم قبول الودائع من جميع المواطنين من دون أي قيود أو سقوف وبفائدة تبدأ من 7% وترتفع حسب كل مصرف، وأيضاً زيادة الإقراض، وخصوصاً أن المركزي قد أزال جميع العقبات والقيود التي كان آخرها إلغاء القرار 52 و28 الذي كان يقيد عملية الإقراض والآن أصبح الإقراض مفتوحاً حسب نظام عمليات كل مصرف.
هذه العملية ستكون مستمرة إن شاء اللـه ونخطط لإصدارات لاحقة بالعملة السورية، والمركزي يدرس جميع الخيارات بأسلوب متأنٍ ورصين بعيداً عن ردات الفعل من خلال إدارة تعمل بروح الفريق الواحد، منها إصدار شهادات خاصة بالمصارف الإسلامية ولن ندخر أي جهد في سبيل تعزيز قدرة المركزي وإدارته للسياسة النقدية في بلدنا الحبيب.