الذين يحترفون الرياء، الذين يحترفون المراوغة، وقد سقطت ورقة التوت عن وجوههم في القارة العجوز، نقول لهم إن القيادة في سورية هي وحدها صاحبة القرار في صياغة الرؤية الإستراتيجية، وفي كل ما يتعلق بالأداء الإستراتيجي!
ديبلوماسي أوروبي مخضرم قال لي «كثير مما ظهر على الشاشات في مؤتمر ميونيخ هو من قبيل البهلوانيات السياسية، والديبلوماسية. الأوروبيون واثقون من أن الحل هو في الدولة السورية، وأن ما حدث في دحر البربريات، على أنواعها، أقرب ما يكون إلى المعجزة».
كلام في الأداء الأسطوري للجيش السوري، وعلى مؤازرة الحلفاء في مواجهة يأجوج ومأجوج. ثناء بالصوت العالي على القيادة السياسية التي طالما راهن العرابون على زعزعتها، من يستطيع أن يزعزع الجبال؟
تحدث عن الزبائنية في بعض المواقف الأوروبية، وحيث إدارة الظهر للحقيقة، كما إدارة الظهر للقيم. كل ما يعني هؤلاء، بسياسات القرن التاسع عشر، الصفقات التي تتقيؤها بعض العباءات. عباءات الحرملك.
يوماً بعد يوم يزداد الاعتراض على التبعية العمياء للغة المال، ثمة دول ترفض هذه التبعية، لكنها تتوجس من ذلك «الإله المجنون» الذي يلاحق الحلفاء بالعصا. «لولاه لكنت رأيت الرايات ترفرف ثانية على السفارات في دمشق»!
القيادة السورية التي واجهت حرباً قد تكون الأكثر تعقيداً، والأكثر غرابة، في التاريخ، حذرت منذ البداية الدول التي تولت إخراج الضباع من جحورها، ومن ثم إرسالها إلى الداخل السوري، في إطار ذلك السيناريو الذي كان يتوخى تفكيك سورية، وتوزيعها قطعة قطعة.
الدول نفسها دفعت الثمن المرة، تلو المرة. دونالد ترامب الذي طالما اضطلعت بلاده بدور المايسترو في إدارة أوركسترا الخراب على الأرض السورية، يهدد بترك الضباع تعود إلى ديارها إذا لم تتسلمها حكوماتها مادام الانسحاب الأميركي يستتبع إقفال معسكر الاعتقال.
الضباع لا يمكن أن تعود إلى جحورها، استساغت لعبة الدم وثقافة الدم. هذا ما تحدث عنه وزير الخارجية الفرنسية السابق رولان دوما. الوقت حان للتخلي عن الغوغائية السياسية، والتفاهم مع الحكومة السورية «كي لا تنتقل تورا بورا إلى الشانزليزيه»!
في أوروبا كلام عن «تراجيديا الندم». أولئك الأغبياء الذين وضعوا أنفسهم بتصرف رجب طيب أردوغان، من دون أن يدركوا مدى الدونكيشوتية، ومدى المكيافيلية، في تركيبة هذا الرجل الذي أعطى لحصان طروادة كل ألوان الحرباء.
في كل مكان من الغرب يقولون إنه لولا أردوغان الذي ما زال يراقص دونالد ترامب تحت الطاولة، لما كانت هناك حرب في سورية. هو من فتح الأبواب، وفتح المعسكرات، وفتح حتى الملاهي الليلية، أمام تلك الحثالة الإيديولوجية علها تكون النيوإنكشارية في خدمة النيوعثمانية. هل ثمة من خيال رث أكثر من هذا الخيال؟
ما قاله الرئيس بشار الأسد لا يترك مجالاً للشك في أن رجب طيب أردوغان الذي احترقت أصابعه، واحترقت أوراقه، على الأرض السورية، لن يكون له موطئ قدم على هذه الأرض.
علّه يتخلى، ولو لحظة، عن عيونه العرجاء، ويفقه ما يعنيه الرئيس الأسد، كل خططه الجهنمية في التلاعب بالأرض، وفي التلاعب بالناس، باتت مكشوفة للملأ، ليفهم، أجل ليفهم. لا وقت للانتظار.
لمن باع نفسه للشيطان، نقول له اللعبة انتهت، حتى الشيطان عاد إلى جحره. عد إلى… جحرك!