قضايا وآراء

إسرائيل تخطط لتحويل «معاداة الصهيونية» إلى جريمة جنائية

| تحسين الحلبي

القيادة الإسرائيلية لا تتوقف عن استغلال أي تطورات وأحداث في العالم من أجل فرض شروطها وسياساتها ضد العرب بشكل عام والشعب الفلسطيني وقضيته بشكل خاص.
ففي فرنسا وجدت الحركة الصهيونية وقيادتها الإسرائيلية واليهودية العالمية في الأزمات الاقتصادية الفرنسية المتصاعدة وفي حملات الاحتجاج النقابي والشعبي الفرنسي ضد حكومة إيمانويل ماكرون فرصة للعمل على دفع اليهود الفرنسيين الذين زاد عددهم بعد الهجرة العكسية للإسرائيليين من الأراضي المحتلة إلى فرنسا إلى الهجرة من جديد إلى إسرائيل. ولذلك شهدت فرنسا وأوروبا حملات إعلامية إسرائيلية وصهيونية تتهم القيادة الإسرائيلية فيها الجمهور الفرنسي والأوروبي «بمعاداة السامية» ورفعت شعارات تقول: «لا أمن لليهودي إلا في إسرائيل» ووصفت حملات الاحتجاج الاقتصادية والمعيشية التي تقودها مجموعات «السترات الصفراء» بمعاداة اليهود الفرنسيين، وتوسعت هذه الحملة الإعلامية إلى الإعلان أن «أوروبا الغربية عادت ساحة لمعاداة السامية».. واستكملت هذه المنظمات الصهيونية الفرنسية حملتها بدعوة الرئيس ماكرون لعشاء في 19 شباط الجاري في باريس ليعلن فيها نظريته الاستعمارية الجديدة بأن «كل من يعادي الصهيونية هو معاد للسامية» وبأن «معاداة الصهيونية هو الوجه الحديث لمعاداة السامية» والمقصود معاداة اليهود لأنهم يعدون أنفسهم «ساميين» وحدهم.
وجرى اتصال بين ئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وماكرون أثناء العشاء واتفق الاثنان على الاستناد لهذا التعريف في مشروع مقبل تسعى إسرائيل إلى فرضه على العالم.
وكانت القيادة الإسرائيلية قد استضافت إيلان كار الذي عينه الرئيس الأميركي ترامب مبعوثه الخاص «للحرب على المعادين للسامية، وهذا المبعوث الأميركي ولد في إسرائيل لأب هاجر عام 1950 وأحضر زوجته التي خدمت في سلاح المخابرات العسكرية والعائلة تحمل الجنسية الأميركية والإسرائيلية بمن في ذلك إيلان كار، الذي عينه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن مسؤولاً في تشرين الأول عام 2004 بعد الاحتلال الأميركي للعراق عن «وحدة محاربة الإرهاب» تحت إمرة القيادة العسكرية المركزية الأميركية في الشرق الأوسط، وظهر كار بصفة قاضٍ أميركي يحاكم كل من يعادي إسرائيل في العراق في عام 2004 ويزج به في سجون الاحتلال الأميركي.
ونشرت المجلة الإلكترونية اليهودية العالمية «جويش نيوز سينديكيت» في 22 شباط الجاري أن كار أعلن أمام مؤتمر لقادة اليهود في الوليات المتحدة في 20 شباط الجاري أن «لديه حلفاء في أوروبا في بعض الحالات مع العالم الإسلامي الذي يقف إلى جانبنا وهؤلاء جميعاً من المهتمين بمستقبل الشعب اليهودي ونحن في حربنا على المعادين للسامية لن نتسامح مع أي جزء في العالم ولا مع أي إيديولوجية معادية للسامية.
ويبدو من الواضح تماماً أن المنطقة ستواجه قريباً مشروع جدول عمل قد تفرض فيه واشنطن وباريس ولندن وتل أبيب أخطر موضوع صهيوني إسرائيلي وهو حظر أي دعاية أو فكر سياسي وغير سياسي يناهض الصهيونية أو يدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني أو يصف إسرائيل بقوة احتلال صهيونية، فقد فرضت إسرائيل على الاتحاد الأوروبي صيغة صهيونية منذ الحرب العالمية الثانية تحظر فيها التشكيك أو التفنيد العلمي لما وضعته إسرائيل من نصوص حول «المحرقة» وعدد القتلى وطريقة التنفيذ.
وهي الآن تعد هذه العواصم لوضع الصيغة التي استخدمها ماكرون حول «معاداة الصهيونية» قانوناً دولياً تفرضه على المنطقة والعالم، وفي الوقت نفسه تعمل إسرائيل من خلال هذه السياسات إلى تهجير أكبر عدد من يهود أوروبا وقد أصبح عددهم يزيد على 1.5 مليون وفي فرنسا وحدها ما يقرب من 550 ألفاً وإلى فرض عقوبات وحظر على كل من يناهض الصهيونية واحتلالها لفلسطين والجولان العربي السوري، فهل يعد العرب وجامعتهم وبرلماناتهم قانوناً لحماية حقوقهم ضد الصهيونية ولحماية مقدساتهم الإسلامية والمسيحية وترابهم الوطني الفلسطيني؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن