ثقافة وفن

أثمن ما في الحياة

| د. اسكندر لوقــا

لا يظنن أحد أن أثمن ما يملكه المرء في حياته، هو رصيده في المصارف أو مركزه في مجال عمله، أو حتى عدد معارفه وسوى ذلك. إن أثمن ما في حياة الأسرة هو ما كرّمها اللـه به فمنحها ثروة لا تقدر بثمن عنيت بها: الأولاد في نظر آبائهم وأمهاتهم.
ومن أجل أن يكون هؤلاء الأولاد بحق «زينة الدنيا» لا بد أن تتوافر لدى الآباء والأمهات، مقومات ضرورية تجعلهم قادرين على تربية أولادهم تربية صالحة بحيث يكونون جديرين مستقبلاً للقيام بما يمليه عليهم واجب تربية أبناء جيلهم التالي على غرار ما تلقنوه هم أنفسهم في أيام الصغر عن آبائهم وأمهاتهم.
وحين يشير أحدنا إلى المقومات الضرورية، لا ينسى أهمية الثقافة وكذلك قيمة الإفادة من خبرات الغير وتداعيات تجاربهم في الحياة، وخصوصاً في حال كانوا قد أثبتوا جدارتهم ليكونوا المثل الذي يحتذى. وبمقدار ما يكون المثل الذي يحتذى قابلاً للقيام بمثل هذا الدور، يكون جديراً باعتماده أسلوباً للحياة في سياق التربية، وتحديداً في مرحلة الطفولة، وبالتالي قبل أن تتسرب تبعات التلوث إلى عقول ونفوس أبناء هذه المرحلة، بفعل سقوط الإنسان في تجربة المغريات المتعددة الأنماط، كما هو حال الزمن الحاضر على سبيل المثال.
في الزمن الحاضر، لم يعد ثمة ما يحول بين الطفل والمغريات التي تكون غالباً سبباً في سقوط الطفولة في التجربة في وقت مبكر، وذلك بفعل انتشار وسائل الإعلام المرئية على وجه الخصوص في المنازل، حيث تؤدي هذه «المرئيات» دوراً في أحيان كثيرة يكون مناهضاً للثقافة التي تعني هذه الدولة أو تلك، ولا تستطيع مقاومة تأثيرها وتسرب تبعاتها إلى عقل الطفل ونفسه.
وهنا لا أعني فقط الطفولة المبكرة بقدر ما أعني أيضاً الشباب والشابات في عمر المراهقة، حيث يبدأ الشاب البحث عما يجهله بفعل علاقته مع من يتقدمه في سني حياته، وكثيراً ما يحدث التأرجح بين ما هو كائن وبين ما هو متصوّر أمام عينيه، وبذلك تفقد الهوية جزءاً من مكوناتها، وقد يحدث الضياع على الدرب، ومن هنا أيضاً أهمية أن يتنبه الآباء والأمهات إلى أسلوب تفهم أولادهم للحياة وما تعنيه لهم قبل أن يأخذ الآخرون دورهم في تربية أولادهم، فيجدون أنفسهم في أرض الضياع بشكل أو بآخر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن