ثمَّة من يعتقد أن «الصدفة» ليست جزءاً من لغة الكون، وإن ما يتبدى في أحيان كثيرة مجرد لحظات عابرة ليست إلا أحداثاً منسقة وتقاطعات بين المكان والزمان تكون بدايات لأشياء وأحداث مهمة.
فكرة هؤلاء أن الكون «لا يلعب» وإن تناسقاً دقيقاً بين أحداث الكون مرسومة بمنتهى الدقة.
كان العرب في الجاهلية يؤمنون «بالتطيّر» فإن خرج أحدهم لغاية ورأى طيراً على يساره يعتبرها إشارة ألا يذهب، فإن ذلك نذير شؤم، وجاء الإسلام واعتبر أن لا طِيَرة في الإسلام.
لكن في اللحظات الأخرى التي ينبغي فيها اختيار أمرين اثنين أو أكثر، فإن الإسلام نفسه حضّ على صلاة الاستخارة حيث يطلب العبد من ربه أن يختار له، ويعتبر أن ما تيسر هو الاختيار الإلهي وما تعسّر هو إشارة إلى أن الله لم يختر لك هذا الأمر.
كثير من الشعوب تؤمن بالإشارات الكونية ولاشك أن المسألة ليست مجرد حالة سطحية بل من الناحية العملية هي تعبير عن حالة فكرية تفسر النظرة إلى ما يجري في الكون، وتأخذك إلى تفسيرات وإجابات عن الأسئلة الوجودية الكبرى، وسيكون مملاً لو أخذتكم إلى الجانب النظري في هذا الموضوع الشائك، لكن يسأل الإنسان نفسه في كثير من الأحيان إن كان ما يجري حوله مجرد لعبة نرد أم إنها أشياء هي في واقعها متقنة الترتيب.
الإجابة عن هذا السؤال تحدد سلوك الأفراد، فكثير من الأشخاص الذين يعتبرون أن أحداثاً مهمة في حياتهم رسمتها «المصادفة المتقنة» ينظرون إلى هذا الأمر باهتمام خاص، على حين يرى آخرون أن «المصادفة» العابرة ليست إلا حدثاً جاء في موعد غير مبرمج لا أكثر ولا أقل، وأن الناس تصنع أقدارها مهما جاءت المصادفات وتتالت فوضى الأحداث.
البعض من علماء النفس يعتقد أن إشارات الكون ليست إلا رداً على «الرسائل» التي بعثناها والطلبات التي قدمناها، لكن البعض لا ينتبه إلى هذه الإجابات أو يتردد في الثقة بها.
الذين لديهم «الحاسة السادسة» يمتلكون جهاز استقبال جيداً من الكون وهم يتلقون الرسائل بصورة واضحة ويستطيعون فك شيفرات الكون ببساطة وسهولة.
هناك رأي آخر وهو رأي وجيه إلى حد كبير فحواه أن قصة الرسائل والإشارات هي مجرد «خزعبلات» ولا أساس لها بالعلم كما أن الأهم من ذلك أنه لا أساس لها بالتجربة العملية، فكثير من التجارب الناجحة في الحياة مر بلحظات فاشلة، ولو أن الأشخاص الذين عاودوا التجربة مرة إثر مرة حتى نجحوا كانوا قد آمنوا بقصة الإشارات لكانوا استسلموا في المرة الأولى أو بالمرة الثانية على أبعد حد.
واذا كان لابد من تفسير أن بعض الاكتشافات بدت وكأنها مصادفة، فإن ذلك مرده إلى الهوس عند المكتشف الذي تقوده لحظة ما إلى اكتشافه وليس الإشارات والعلامات غير المترابطة.
هذا كله في حياة الأفراد..
هل تعيش الدول والشعوب إشارات من نوع ما..
هنا ننتقل إلى مستوى آخر ليس له علاقة بالإشارات بل بالدروس، فما تمر به الشعوب كأمم أو كدول ليس إلا دروساً يمكن أن تقودها إلى المستقبل بكثير من الخبرة.
في حياة الأمم ليست ثمة إشارات، بل صراعات فيها خسارات أو انتصارات!
أقوال:
لقد خلق اللـه الكون وفقا لقوانين لا تعترف بالمصادفة أو العشوائية- ألبرت أينشتاين.
إن نقص الكون هو عين كماله، مثل اعوجاج القوس هو عين قوته ولو استقام لما رمى- أبو حامد الغزالي.
عندما تريد شيئاً ما حقاً.. فإن الكون بأسره يطاوعك للحصول عليه- باولو كويلو.
أشرق وكأن الكون كله لك- جلال الدين الرومي.